«ان موت قبيلة بأكملها أهون على الله من موت شاعر» كلمات بليغة حوتها مخطوطة قرأتها في صغري على إنها حديث شريف، ولمن يرى عكس ذلك نترك الموضوع لعلماء الحديث، وما يهمنا في هذا القول المأثور المكانة التي منحها لمن تميز بموهبة الشعر وابداعاته. واذا ما كان الامر كذلك، ما بالنا عندما يكون الفقيد شاعراً كمحمود درويش، أو عبدالله البردوني، أو نزار قباني، أو عبدالله عبدالوهاب نعمان، ومن في مستواهم ومكانتهم. لقد مات الشاعر القضية، شاعر المقاومة، وصوت أمة بأكملها مات درويش، ونفذ اليه الموت من حيث كان يضع قلمه من أقرب مكان إلى قلبه، كما حدث للشاعر العربي الكبير نزار قباني وغيره من الشعراء الذين امتدت إليهم يد الموت من نافذة القلب. قال الشاعر الكبير محمود درويش قبل دقائق من منح الثقة للطبيب الذي سيجري له العملية، وتسليم قلبه لمشرطه الحاد: إن لم تنجح العملية فلا تحاولوا بما لا يفيد، دعوني أنام؛ كيف لا تأتي هذه العبارة من شاعر المقاومة وهو يرى بندقية المقاومة التي سخر كلماته لتوجيهها نحو عدو حقيقي ونصرة قضية عادلة لم تعد تنفع معها الكلمة،ولم تستطع تحصينها من انحرافات، أدمت قلوب الملايين، وسدت صمَّامات قلوب شعراء كثر. نَمْ أيها الشاعرالكبير،ياصاحب القلب الذي لم يزد عن قبضة يده،ولكن اتسع للعالم..ولما هوأكبرمن العالم كما هو حال لوب الشعراء. (الثوري) أول من ودع درويش. لنفترض الآن أنا سقطنا أنا والعدو سقطنا من الجو في حفرةٍ فماذا سيحدث؟ بقصيدة هذا مطلعها، هي من جديد الشاعر الراحل، أما عنوانها فيقول (سيناريو جاهز)، ودعت صحيفة «الثوري» محمود درويش بعد موته في يوم (الخميس 7/8/2008) وقبل إعلان وفاته بثلاثة أيام (السبت 9/8/2008) لعل الاحساس بفقد هامة ابداعية قد ألهم صحيفة (الثوري) أن تنشر تلكم القصيدة، التي عرضت السيناريو الجاهز لعملية السقوط. لقاءان لقاءان او قمتان جمعاني بالشاعر الكبير محمود درويش، الاولى كانت لقمتين شعريتين هما الشاعر العربي الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح وشاعرنا الراحل في ثمانينات القرن الماضي، كما اعتقد .. أما القمة الثانية فكانت شعرية ثقافية، طرفاها المبدع المثقف محمود درويش، والمثقف المبدع جار الله عمر في عام 1993، وكم عرفت أن قراءتي لديوان الشاعر الكبير (الأعمال الكاملة) كانت بحاجة إلى مثل تلكم اللقاءات. الرحمة والمغفرة والخلود ( لعاشق من فلسطين) اسمه «محمود».