ظلت ألمانيا النازية بزعامة أدولف هتلر تحارب أكبر وأقوى تحالف عسكري في العالم حتى اللحظات الأخيرة للحرب العالمية الثانية 1939 إلى 1945 ولم تستسلم إلا عندما كانت برلين العاصمة قد سقطت تحت جنازير الدبابات الحليفة وعلى رأسها روسيا وأمريكا وبريطانيا، عندئذ انتحر هتلر في مخبأه ومعه عشيقته إيفا براون التي عقد قرانه عليها في الليلة الأخيرة من الحرب ولا يعلم أحد إن كانت انتحرت برضاها أو أنه هو الذي أطلق على رأسها النار ثم فجر قنبلة يدوية بينما كان الروس يحاولون اقتحام المخبأ. استمرت الحرب طويلاً لأن هتلر كان يرفض حتى فكرة الاستسلام مهما كانت خسائره لأنه كان يأمل إلى اللحظة الأخيرة أن يفلح علماءه الجبابرة في تصنيع قنبلة ذرية قبل الولاياتالمتحدة لتحويل دفة الحرب لصالحه، وكان قد أفلح في تصنيع صاروخ اسمه «في– 2» الذي استطاع به قصف بريطانيا من قواعده في فرنساالمحتلة وتهديدها بشدة بدون طائرات بعدما أدرك أن الطيران البريطاني والأمريكي أصبح أقوى بكثير وأن المضادات التي لدى الدولتين كانت لطائراته دائماً بالمرصاد في أكبر حرب كونية عرفها العالم حتى ذلك الحين، أما الفضل في النصر البري فكان لروسيا التي خسرت عشرات الملايين على أيدي النازيين وزحفت جيوشها من أبواب ستالنجراد إلى قلب برلين واستولت على معظم أوروبا التي كانت خاضعة لألمانيا. وحديثي اليوم ينصب على صاروخ «في- 2» الذي يُقال أنه كان السلاح الأخطر في تلك الحرب أو أنه أحد الاختراعات الأهم في المائتي سنة الماضية نتيجة لاستفتاء أجرته محطة الإذاعة البريطانية «بي. بي. سي» بين العديد من العلماء في سائر العلوم، ولو واصلت ألمانيا تطويره وكان لديها الإمكانات لتفعل ذلك لحولت الكثير من المدن ومنها لندن العاصمة، والقواعد العسكرية ومصانع السلاح، إلى رماد, وفعلاً كانت صواريخ «في- 2» مصدر قلق هائل وخوف شديد في أروقة لندنوالولاياتالمتحدة التي كانت رغم بُعدها الجغرافي تخشى ألا يقف الصاروخ عند مداه الأولي الذي دمر أجزاءً من لندن, وفعلاً عرفنا الصواريخ المطورة بعد الحرب العالمية الثانية التي غيرت وجه العالم علمياً وعسكرياً وفضائياً بصورة لم تكن تخطر بالبال في بداية القرن العشرين, والهاتف الجوال أحد نتائج القدرة الصاروخية التي رفعت الأقمار الاصطناعية إلى الفضاء. فهل كان الصاروخ فعلاً أهم اختراع في القرنين الماضيين كما قال بعض الأساتذة في الاستفتاء المشار إليه؟ لا شك بأنه أحد أبرز الاختراعات نظراً للدور الذي أداه في تطوير صناعة الفضاء والاتصالات, لكن عدداً أكبر من الذين اشتركوا في التصويت وهي صفة رائعة عند المستمع والمشاهد الغربي لا نتمتع إلا بقليل منها، صوت لصالح الدراجة الهوائية– تذكر أنها ابتكرت خلال المائتي عام الماضية لكنها لم تحتل مكانة في أفضل عشر اختراعات, أما بقية العجائب فنالت أصواتاً متفاوتة منها التي اختارها المتحف العلمي: - المولد البخاري الذي أحدث ثورة مؤكدة لا يمكن تجاهلها. - صاروخ «في- 2» - التلغراف الكهربائي - أشعة إكس– أحدثت ثورة طبية لا يزال العالم يعتمد عليها كثيراً في تشخيص الأمراض - البنسلين أول مضاد حيوي اكتشفه بريطاني بالصدفة في المختبر. - موديل فورد تي التي مكنت العالم من إنتاج السيارات بالجملة وبأسعار زهيدة. - كمبيوتر بايلوت إيس, وأضيف الإنترنت الجبار. - «دي. إن. اي» الذي حدد بدقة متناهية محتويات الدم. - كبسولة أبولو عشرة. ويقول الدكتور أليس روبرتس أنه مع الذين صوتوا لأشعة إكس لأنها كانت أول مرة استطاع بها العلم رؤية خفايا البدن وما يدور فيه, وإذا اتفقت مع الذين أدلوا بأصواتهم لصالح أشعة إكس والمحرك البخاري خاصة والمضادات الحيوية التي غيرت وجه الطب بصورة ثورية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أو 1950 فإنني سأدلي بصوتي لصالح الكمبيوتر والإنترنت الذي تفرع عنه وهو اختراع أمريكي بلا منازع, فهل يمكن تصور العالم بدون الكمبيوتر الذي ضاعف سرعة وتيرة الحياة التي تجري فيه ملايين المرات, فأنت اليوم تستطيع حل مسائل حسابية وعلمية بسرعة تكاد تقترب من سرعة الضوء أو بنقرة واحدة تصلك بالفضاء الخارجي هاتفياً وتربط بين الأرض والقمر والمريخ وأجسام فضائية تجعل المسافة بين أبعد محطات في القطب الشمالي الأرضي والقطب الجنوبي في المريخ وكأنها بين مدرستين في قرانا التي كانت بعضها لا تعرف التليفون قبل عشر سنوات فقط, وماذا عن الكمبيوتر الذي يحل مشكلات رياضية بسرعة البرق ورسائل إيميل تصل بين عالمين بسرعة النقرة بينما كنا قبل بضع سنين نستغرق عدة أيام لإيصال رسالة بين تعز والحديدة. ليس لبعض الاختراعات عواقب وخيمة كما ذكر بعض المعلقين لأنها مجرد وسائل بأيدي المستخدمين لها, فنحن لا نلوم مادة الرصاص لأنها تحولت إلى أداة قتل كذلك لا نلوم الطائرة لأنها أصبحت وسيلة لتدمير المدن ولا السيارة لأن ضحاياها عالمياً بلغوا الملايين منذ اختراعها وانتشارها كما لا نتصور عالماً بدون كافة وسائل المواصلات التي تعتمد على محرك الاحتراق الداخلي والبنزين لأن منافعها فاقت مضارها بمراحل عديدة ونحن السبب الرئيسي في تحويل السيارة إلى أداة قتل والطائرة إلى تدمير أهداف مدنية على بعد ألف كيلومتر وأكثر من موقع إقلاعها, وخذ الأدوية ابتداءً من الأسبرين الذي يمكن إساءة استعماله لتحقيق الرغبة في الانتحار إلى الإفراط في تناول المضادات الحيوية, فالذنب لا يقع على الدواء أو على الرصاصة والقذيفة والطائرة, ذلك من نصيب مالك تلك الأدوات الذي ينحرف بها عن أهدافها الأصلية النبيلة. ماذا بعد الإنترنت الذي نال الأصوات بامتياز. يُقال أنه لم يتكامل لأنه سيحمل لنا الروائح بعدما نقل لنا الصوت والصورة، الاحتمال وارد جداً.