تدرك القوى السياسية اليمنية التي تعمل تحت السقف الوطني ان أفق التفاهم ليس مقفلاً بين المعارضة المدنية والمؤتمر الشعبي العام. ذلك أن الطرفين يعرفان أن حرق المراكب والاصطفاف خارج السقف الوطني ينطوي على مخاطر مصيرية في وقت تواجه البلاد تحديات بالجملة يستدعي التصدي لها قدراً واسعاً من التضامن اليمني والعزم المشترك من جانب كل الذين لا يراهنون على مشاريع الفتنة والانشقاق والنزاع الاهلي والقوى الخارجية التي تتربص شراً باليمن واليمنيين. ولعل التشديد العلني من جانبي الحكم والمدني المعارض على الالتزام باحترام العمل السياسي تحت السقف الوطني يوفر نقطة انطلاق مهمة للتوافق حول سلسلة من الاجراءات التي تتيح الاصطفاف المشترك في المجابهة المفتوحة مع الجماعة الحوثية المسلحة في صعدة ومع الاقلية المتطرفة التي تعتمد اجندة انفصالية في بعض المحافظات الجنوبية والشرقية. وعلى الرغم من التصريحات الاستفزازية والحساسيات المتراكمة بين الطرفين ليس من الصعب البحث عن عناصرالاتفاق بينهما وتحجيم عناصر الاختلاف ومن ثم التفاهم على برنامج مرحلي لمعالجة الازمة والبحث تالياً عن مشروع للعمل المشترك على مدى أطول. اما عناصر الاتفاق فأحسب انها قائمة موضوعياً من خلال الخطوط التالية: أولاً: تفيد مواقف الطرفين المعلنة انهما يرفضان الانفصال الجهوي في الجنوب والانفصال المذهبي في اقصى الشمال ويشددان على احترام الوحدة والجمهورية. ثانياً:يرفضان التدخل الخارجي في الشؤون اليمنية. ثالثاً: يتفقان على بعض الخيارات الاستراتيجية وبخاصة اندماج اليمن في مجلس التعاون الخليجي. رابعاً: لا يختلف الطرفان الا في بعض تفاصيل السياسة الخارجية اليمنية. خامساً: يتمسك الطرفان بالمساومة التاريخية بين المسلمين في اليمن ويرفضان النزعات المذهبية وكافة المشاريع التي تفضي الى الفتنة في البلاد. سادساً: يعترف الطرفان بوجوب احترام الجيش والقانون والدستور والثوابت الوطنية المعلنة. سابعاً: يدعو الطرفان بحسب التصريحات المنشورة للحفاظ على الوحدة الوطنية واحترام سيادة الدولة اليمنية على كافة اراضيها. ثامناً: يدعو الطرفان إلى توفير الحلول الرسمية لمشاكل البطالة والفساد والاراضي المتنازع عليها والامية والتقطع وخطف الاجانب .. الخ. تاسعاً: يجمع الطرفان على احترام الموعد المضروب لإنجاز الانتخابات النيابية والاستحقاقات الاخرى. عاشراً : يتضرران معاً اقتصادياً وسياسياً ومعنوياً من كل الانشطة المسلحة او السياسية التي تتم خارج السقف الوطني. اما عناصر الاختلاف فيمكن حصرها في الخطوط التالية: أ يختلف الطرفان على تفسير اسباب وطبيعة الازمة في الجنوب والشمال. ب لا يجمعان على الحلول المطروحة لحل الازمة. ج يتبادلان الاتهامات والاحكام المسبقة والتصريحات المقفلة والوثائق الوطنية المتناقضة مع الحرص على صيانة بعض الخطوط المفتوحة. د تكاد الثقة المتبادلة ان تنعدم بينهما. ه يختلفان على اولويات الحوار الوطني واجندته. و لا يحترمان تماماً ولا يعترفان دائما بحدود السلطة والمعارضة في اللعبة السياسية . ز يختلفان في الرؤى الايديولوجية لمستقبل البلاد. وعلى الرغم من غلبة عناصرالاختلاف بين الطرفين في مناخ سياسي مأزوم فان احتمالات توسيع رقعة الاتفاق متوفرة موضوعياً واذا اردنا التفاؤل اكثر يمكن القول ان فرص التوصل الى اتفاق مرحلي بين الطرفين ليست مستحيلة اذا ما توفرت النوايا الحسنة وهي تحتاج الى مبادرة شجاعة وحوار مخلص يفضي الى العمل المشترك وفق البنود التالية : 1 الجمع بين الأفضل من عناصر اللامركزية الواسعة التي تشدد عليها المعارضة المدنية. و الافضل من عناصرالحكم المحلي واسع الصلاحيات التي يشدد عليها المؤتمر الشعبي العام وذلك في إطار حوار وطني صريح. 2 الجمع بين المختار من ثوابت المعارضة المدنية و المختار من ثوابت المؤتمر والاتفاق على العمل المرحلي معاً تحت سقف الثوابت المخرجة من التوافق لفترة محددة قابلة للتجديد. 3 جدولة الحلول الزمنية والمالية للقضايا التي تمنح صفة الأولوية ووضع المشاكل الاخرى ضمن اجندة تالية. 4 إن حصر العمل المرحلي المشترك في عناصر الاتفاق التي يجمع عليها الطرفان لا يلغي دور المعارضة المدنية ولا يبدل موقعها ولا يلغي دور الحزب الحاكم ولا يبدل موقعه وكل تبديل في هذا المجال يخرج حصراً من صناديق الاقتراع. 5 وقف الحملات الاعلامية المتبادلة على أن يواصل كل طرف الدفاع عن وجهة نظره في القضايا الخلافية الاخرى بعيداً عن الاحكام المسبقة والحكم على النوايا والتهم العشوائية. 6 دعوة كافة الفئات المتطرفة الى العمل السياسي الشرعي تحت السقف الوطني وتشكيل جبهة عريضة لمكافحة الخارجين على الوحدة الوطنية. 7 اعتماد خارطة طريق تنفيذية يتفق الطرفان على خطوطها ويلتزمان بها امام الشعب خلال مؤتمر صحافي مفتوح في العاصمة اليمنية. تلزم هذه الورقة كاتبها حصراً وهي مطروحة للنقاش العلني وكل تأويل آخر من أي مصدر آخر رسمي او معارض لا يعول عليه.