اختطاف خطيب مسجد في إب بسبب دعوته لإقامة صلاة الغائب على الشيخ الزنداني    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    اختطاف ناشط في صنعاء بعد مداهمة منزله فجر اليوم بسبب منشورات عن المبيدات    بيان لوزارة الخارجية بشأن مقتل 4 عمال يمنيين في قصف حقل غاز في العراق    استشاري سعودي يحذر من تناول أطعمة تزيد من احتمال حدوث جلطة القلب ويكشف البديل    مقاتلو المغرب على موعد مع التاريخ في "صالات الرياض الخضراء"    مركبة مرسيدس بنز ذاتية القيادة من المستوى 3    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    اليوم السبت : سيئون مع شبام والوحدة مع البرق في الدور الثاني للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    جماعة الحوثي توجه تحذيرات للبنوك الخاصة بصنعاء من الأقدام على هذه الخطوة !    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    مقتل وإصابة أربعة جنود في اشتباكات مع مسلحين خلال مداهمة مخزن أسلحة شرقي اليمن    حادث مروع .. ارتطام دراجة نارية وسيارة ''هليوكس'' مسرعة بشاحنة ومقتل وإصابة كافة الركاب    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    كان يرتدي ملابس الإحرام.. حادث مروري مروع ينهي حياة شاب يمني في مكة خلال ذهابه لأداء العمرة    قتلوه برصاصة في الرأس.. العثور على جثة منتفخة في مجرى السيول بحضرموت والقبض على عدد من المتورطين في الجريمة    مأرب تقيم عزاءً في رحيل الشيخ الزنداني وكبار القيادات والمشايخ في مقدمة المعزين    السلفيون في وفاة الشيخ الزنداني    عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية على وسط وجنوب قطاع غزة    تعرف على آخر تحديث لأسعار صرف العملات في اليمن    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    رفض قاطع لقرارات حيدان بإعادة الصراع إلى شبوة    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    قذارة الميراث الذي خلفه الزنداني هي هذه التعليقات التكفيرية (توثيق)    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    عاجل: إعلان أمريكي بإسقاط وتحطم ثلاث طائرات أمريكية من طراز " MQ-9 " قبالة سواحل اليمن    توني كروس: انشيلوتي دائما ما يكذب علينا    عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأبعاد الثقافية لمشاريع التغيير في اليمن
نشر في 26 سبتمبر يوم 26 - 01 - 2012

والثابت أن القيمة التاريخية للفكر والأدب والفن تكمن في التأثير الذي يلعبه الإبداع الفكري والأدبي والفني في تشكيل الوعي الاجتماعي بصورة مستقلة عن تأثير بقية عناصر البناء الفوقي لأي مجتمع، وفي مقدمتها سلطة الدولة، الأمر الذي يجعل وظيفة الفكر والأدب والفن مجالاً مستقلاً لعلاقة حركية تتسم بالنشاط الواعي والهادف بين الإنسان والواقع، سواء تم ذلك بمعزل عن البناء الفوقي للمجتمع، أو بالتفاعل معه في حالة وجود مشروع وطني للتغيير تلعب فيه الدولة والمجتمع دوراً محورياً. لعبت مجلة «الحكمة» دوراً غير مسبوق في صياغة اتجاهات الفكرالسياسي اليمني، على طريق تأسيس مشروع وطني للتغيير في اليمن.. وعلى صفحاتها شهدت اليمن صعود كوكبة لامعة من المفكرين والأدباء والكتاب الذين أحدثوا في المجتمع حراكاً فكرياً وثقافياً، من خلال نشرعشرات الأبحاث والمقالات والدراسات التي عكست الميول الفكرية التنويرية للمعارضة الوطنية،وسلطت الضوء على نشوء وتطوّر الأفكار الدستورية في العالم، وأدت قسطها في نشر أفكار الروّاد الأوائل لحركة التنوير الإسلامية أمثال رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، الى جانب نشر القصائد التي أيقظت الوعي الوطني، وبشرت بقيم الحرية والعدالة، الأمر الذي مهّد االطريق لظهور الدعوة الى تطبيق الدستور في اليمن، والمطالبة بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية تحد من الاستبداد والتخلف والفقر والمرض والعزلة.
في هذا الاتجاه تفاعل الفن اليمني من خلال الغناء والموسيقى مع الحراك الثقافي الذي دشنته مجلة «الحكمة» في تلك الفترة، حيث تحولت القصائد المشبعة بالمضامين النقدية المباشرة وغير المباشرة إلى أعمال غنائية أسهمت في تعميق الوعي الاجتماعي بضرورة التغيير وحرضت المجتمع للكفاح ضد الظلم والطغيان.
أسفر البعد السياسي للحراك الثقافي الذي أوجدته مجلة«الحكمة»،عن ميلاد المثقف العضوي من خلال إشهار عشرات المفكرين والشعراء الذين آمنوا بمبادئ الحرية، ونشروا أفكار الإصلاح والتغيير،ثم تحولوا الى قادة للرأي في المجتمع،من خلال تأسيس وإنشاء الجمعيات والهيئات الثقافيةوالإجتماعية،بهدف الدعوة الى الإصلاح..وبسبب نشاطهم سيق بعضهم الى ساحة الإعدام، فيما سيق آخرون الى السجون.
لقد لعبت مجلة «الحكمة» دوراً بارزاً في تشكيل مناخ فكري قامت على تربته ثورة 1948م الدستورية.. وليس صدفة أن يتزامن إغلاق مجلة « الحكمة « مع قيام هذه الثورة التي أدى فشلها إلى انتشار موجة واسعة من الإعدامات والاعتقالات وحملات القمع والتنكيل بنجوم الحرية وروادها الأوائل، وبضمنهم رئيس تحرير « الحكمة « الشهيد الخالد أحمد عبدالوهاب الوريث، بالإضافة إلى إصدار فتوى بتحريم الغناء والعزف على العود والآلات الموسيقيةومنع المواطنين من إستخدامها في الأفراح،وكانت تلك الفتوى تستهدف إغلاق كافة المنابع التي أسهمت في تكوين ثقافة وطنية تحررية تنطوي على نقد الأوضاع السائدة والدعوة الى تغييرها.
والثابت ان هذه السياسة القمعية كادت أن تقضي على التراث الغنائي الصنعاني المشهور،لولاانتقال الأغنية الصنعانية إلى مدينة عدن التي يعود إليها الفضل في المحافظة عليها بواسطة عدد من الفنانين الذين عملوا على نشر الأغنية الصنعانية في عدن، وتوثيقها وتسجيلها على أسطوانات.
يقيناً أن انتقال المثقفين والفنانين اليمنيين من الهاجس الفردي الذي يتمثل في السخط الذاتي على الواقع من داخل المثقف نفسه، إلى الهاجس الجماعي من داخل المجتمع نفسه،إرتبط بظهور إتجاهات متنوعة لتطورالثقافة الوطنية اليمنية خلال الثلاثينات والأربعينات، في بيئة متخلفة لا تتوافر فيها فواعل اقتصادية وسياسية قادرة على الإستجابة لتحديات التغيير المنشود وإنضاج شروطه..ولئن تنوعت مرجعيات تلك الإتجاهات بين الفكر الديني التقليدي والفكر الدستوري الغربي والفكر الإسلامي التنويري، إلاّ أن النزعة الإصلاحية كانت القاسم المشترك فيما بينها.
كان لهذه الاتجاهات المتنوعة فضل ظهور البذور الأولى للفكر الجديد في تربة الثقافة الوطنية اليمنية المعاصرة، التي شكلت رافعة أساسية لتطور الفكر السياسي في اليمن منذ بدايات الانبعاث الوطني العام وحتى الخمسينات، حين شهدت بلادنا ميلاد تيارات فكرية جديدة ومعاصرة تطورت على أساسها الحركة الوطنية اليمنية المعاصرة، و دخلت تحت تأثيرها طوراً تاريخياً جديداً تمثل بقيام ثورة 26 سبتمبر 1962م وثورة 14 أكتوبر 1963م وتحقيق الإستقلال الوطني 1967م، وظهور دولتين شطريتين اقتسمتا الهوية الوطنية اليمنية في ظروف معقدة، وصولاً إلى قيام الجمهورية اليمنية في الثاني والعشرين من مايو1990م، الذي أنهى التشطير وأعاد للوطن اليمني المجزأ وجهه الشرعي الواحد، في سياق أول عملية تاريخية معاصرة للتحول نحو الديمقراطية التعددية في اليمن.
على تربة الدور الوظيفي للثقافة الوطنية الجديدة شهدت اليمن بدايات إستيقاظ الوعي الوطني في الثلاثينات.. وعلى خلفية البعد الثقافي للحراك السياسي في المجتمع كان العمل الوطني ينمو ويتطور..وحين قامت ثورة 1948م الدستورية لتعبرعن آمال وأشواق شعبنا الى الحرية والإنعتاق من الإستبداد والخروج من أنفاق التخلف والعزلة والظلام، كان علماء الدين و المفكرون والأدباء هم قادتها وشهداؤها.
كما هو الحال في صنعاءوتعز وحجة والحديدة..كان الحال كذلك في عدن ولحج وحضرموت حيث كان المفكرون والمثقفون والكتاب والأدباء والصحافيون والفنانون يجسدون الوحدةالعضوية بين الثقافة والسياسة،ويحملون رايات الكفاح ضد الإستعمار والتجزئة، ويرفعون شعارات الحرية والإستقلال والوحدة.
وإذا كان ما يميز الرعيل الأول من قادة الحركةالوطنية اليمنية المعاصرة شمالاًوجنوباً أنهم من االعلماء والمفكرين والكتاب والأدباء والصحافيين وخريجي الجامعات العربية والأجنبية، الأمر الذي يشير بوضوح الى البعد الثقافي لمشروع التغيير،فقد كان الرواد الأوائل لثورة 26 سبتمبر 1962م هم أيضاً من طلاب وخريجي المدارس العسكرية في صنعاء،وخريجي الكليات الحربية في مصر والعراق،الذين قامت على أكتافهم بعض الإصلاحات التي أضطر النظام الإمامي الى تنفيذها في الجيش،بعد أن كشفت حروبه مع الجيران والبريطانيين ضرورة الشروع في بناء وتحديث الجيش والنظام التعليمي.
بيد أن هؤلاء الثوار لم يوظفوا معارفهم العسكرية والعلمية التي إكتسبوها من أجل خدمة النظام الإمامي الإستبدادي، بل وظفوها لتخليص الوطن من ظلمه وظلامه ، وإيقاد شعلة الحرية في ربوعه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.