تبرز الأهمية الاستراتيجية والعسكرية لمضيق باب المندب اثناء الحروب فالسيطرة عليه والتحكم به يعتبر بوابة لتحقيق النصر وهذا ما اكدته الاحداث التاريخية وتجاهله اليمنيون انفسهم . كانت المانيا قبل الحرب العالمية الأولى تدعم الامبراطورية العثمانية وتدرب جيشها وحملاتها االعسكرية العديدة التي كانت ترسلها إلى اليمن وذلك لان المانيا قد اخذت بالتغلغل بمفاصل وجهاز الدولة العثمانية سواء من الناحية العسكرية والاقتصادية . سياسة الاندفاع وكانت المانيا تهيئ نفسها لأن تكون الوريث الشرعي والوصية على الرجل المريض - الدولة العثمانية - وتطمع في السيطرة على مضيق البسفور وازاحت مطامع الدول الاستعمارية الأخرى وخاصة روسياوانجلتراوفرنسا . لذلك وانسجاما مع سياسة خط حديد بغداد وسياسة الاندفاع نحو الشرق فقد كانت اليمن أحدى مجالات التوسع الهامة بالنسبة لألمانيا . ومن خلال دعمها وتعاونها مع العثمانيين كانت تأمل في فرض مشاريعها التوسعية الخاصة بها في اليمن . ومقابل الطلب الذى تقدم به الباب العالي بأن يقوم (بنك ألمانيا) بانشاء خط حديدي يربط مدينة الحديدةبصنعاء لتسهيل سرعة مرور الحملات العسكرية العثمانية إلى الهضبة الشمالية من اليمن . وطلبت ألمانيا القيصرية السماح لها بإقامة قاعدة بحرية لاسطولها في الحديدة أو المخا وانشاء محطة فحم للتموين من أجل اقامة ذلك المشروع ولغرض تنظيم علاقاتها بدول شرق آسيا, غير أن كفاح التحرر للشعب اليمني وبالذات خلال عامي 1904 و 1905م قد احبط مشاريع المانيا التوسعية في اليمن وكبح من جماح احلامها الاستعمارية وان لم يضطرها إلى التخلى عنها نهائيا والتي ظهرت تلك المطامع جلية مع بداية الحرب العالمية الأولي 1914- 1918م . مطامع الحلفاء لقد أظهرت الحرب العالمية الأولى بقوة وجلاء الأهمية الاستراتيجية لليمن بالنسبة للدول الاستعمارية وقد كانت اهداف الحلفاء العسكرية هي تحطيم الدولة العثمانية وتحويل اقاليمها غير التركية إلى مناطق استعمارية تابعة لبريطانياوفرنساوايطاليا . وقد اكدت بريطانيا أحقيتها الخاصة في التسلط والاحتلال ليس على جنوباليمن فحسب وإنما على شماله ايضا وعزمت ايطاليا على اعطاء خط توسعها في البحر الأحمر وايجاد لها قاعدة على الساحل الغربي لليمن ,كما أن فرنسا كانت مهتمة بتحقيق مطالبها القديمة على منطقة الشيخ سعيد المقابلة لمضيق باب المندب غير أن أهداف المانيا كانت أوسع من ذلك بكثير فاستمرارا لسياسة خط سكة حديد بغداد والاندفاع نحو الشرق كانت القوى العسكرية الألمانية تهدف إلى اخضاع أراضي الامبراطورية العثمانية بما في ذلك اليمن لسيطرتها العسكرية والاقتصادية . قاعدة للغواصات لهذا السبب فقد ايدت المانيا خلال الحرب العالمية الأولى مشروع الهجوم العثماني لانتزاع مدينة عدن من الإنجليز والقضاء على مركزهم المتميز في جنوباليمن باعتبار أن السيطرة على عدن تتيح امكانية التحكم في البحر الأحمر والمحيط الهندي وقطع خط الاتصال بين الهند واستراليا وجميع مستعمرات الانجليز الأخرى ومن ثم الزحف بحرا إلى قناة السويس في الشمال وفي اتجاه الساحل الأفريقي للبحر الأحمر ,غير أن الهجوم العثماني أوقف في منطقة الشيخ عثمان قبل الوصول إلى عدن بسبب وصول قوات عسكرية انجليزية من قناة السويس وبذلك تراجعت القوات العثمانية إلى مدينة لحج حيث رابطت هناك حتي نهاية الحرب . وأدركت المانيا وتركيا أن بلوغ عدن والسيطرة عليها يتطلب قوى كبيرة وفورا أعد مشروع هجوم تركي - الماني على عدن تقوم به حملة تركية مصحوبة بفرقة عسكرية المانية مجهزة بمعدات حديثة إلا أن هذه الحملة التي تحركت من فلسطين على الخط السكة الحديدية الحجازي ما كادت تبلغ المدينة المنورة حتي عاجلها الشريف حسين الذي تحالف مع الإنجليز ضد العثمانيين والالمان فحاصرت تلك الحملة وبفشل تلك الحملة فشلت كل المحاولات التركية - الالمانية للسيطرة على عدن أو تهديدها عن طريق اقامة قاعدة غواصات المانية بجوار الساحل اليمني الغربي وتلغيم مضيق باب المندب بواسطة بواخر المانية مع بداية الحرب العالمية الاولى. دولة حبيسة وبهزيمة المانيا بالحرب العالمية الأولى انهارت مشاريعها التوسعية في اليمن وفي غيرها من مناطق الدولة العثمانية . وبذلك تمكن الانجليز من تثبيت وجودهم العسكري على جزيرة بريم ومضيق باب المندب ومع نهاية الحرب احتلت القوات الإنجليزية ميناء الحديدة وخلال الحرب استولت على جزيرة كمران ومكنت انجلترا حليفها الادريسي التي عقدت معهم معاهدتي حماية وصداقة من توسيع امارته حتى بلغت حدودها ميناء القنفذة شمالا وميناء اللحية جنوبا . وما لبثت أن سلمت له عام 1921 م ميناء الحديدة في محاولة لمنع قيام دولة يمنية موحدة ومستقلة كذلك تضيق الحصار البحري على حكومة صنعاء والتي كادت ان تكون دولة حبيسة بلا موانئ وسواحل .