حركة التحرر الوطني تواصل كفاحها ضد قوى الاستعمار الجديد والقديم وهي تتخذ في كل زمان شكلاً ومضمونا يتناسب مع طبيعة القوى الاستعمارية التي تواجهها مثلما تلك القوى تغير اساليبها ووسائلها وفقاً لمقتضيات المرحلة التاريخية . كل هذا يندرج ضمن المعادلة الأزلية بين الخير والشر .. بين العدالة والظلم .. وفي هذا السياق ينبغي النظر إلى يوم الثلاثين من نوفمبر 1967م يوم أجبر المستعمر البريطاني على إنزال علمه ووضع نهاية لفترة من الاحتلال استمر 129عاماً وما كان له أن يحتل الأرض اليمنية لولا الضعف والتفكك والوهن بالمعنى الشامل في معرفة من نكون ومن هو الغازي وغاياته وأهدافه . لم يكن احتلال عدن سهلاً واحتاجت شريكا الهند الشرقية والكابتن هنس إلى أكثر من مؤامرة وأكثر من حيلة ونجح في ( داريا دولة )ليغرقها بحمولتها ويدعي أن سكان عدن نهبوا تلك السفينة التي كانت قد أكملت عمرها الطبيعي والافتراضي ليحتل بمدافع واسلحة بريطانيا الحديثة عدن التي واجه أبنائها همجية الإمبراطورية البريطانية وأسلحتها النارية بأسلحة بدائية ولحمهم الحي . حاولت سلطنة العبدلي أن تقود مواجهة لكنها وبحكم طبيعتها استسلمت وسلمت عدن, حينها كان اليمن ممزقاً ومشتتاً بنتيجة الصراعات والحروب الداخلية تحت عناوين يؤكد غالبيتها غياب الوعي بالخطر الكبير المحدق بهم . ما أشبه الليلة بالبارحة مع الفارق الزمني بين 1838م و2015م واختلاف الذرائع والمبررات وأساليب فرض السيطرة والأدوات الجديدة لتحقيق الأطماع الاستعمارية الغربية في اليمن لتضل هي الثابت الوحيد بين الزمنين . بالمقابل لم تكن تدرك القوى الغازية المتمثلة بتحالف العدوان الأمريكي البريطاني السعودي الجديد أن هنا حركة تحرر وطني لا يمكن هزيمتها وأن كل ما خططوا له وانجزوه باتجاه ضرب الوحدة الوطنية وتمزيق النسيج الاجتماعي اليمني لن يفلحوا في النيل من إيمان وإرادة الشعب اليمني في مواجهتهم حتى النصر ولم يكونوا يتصوروا أنه سيصمد لسنوات وبنوا حساباتهم على أسابيع وأشهر ليقعوا في شر أعمالهم . صحيح أننا نشق طريق الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال بتضحيات جسيمة ولكن ستكون نتائج النصر بحجم وعظمة هذه التضحيات . على وقع استكمال العام السابع لهذا العدوان تأتي الذكرى 30 من نوفمبر وقد اعادنا بعض احفاد مناضلي ثورة الرابع من أكتوبر 1963م إلى ما يشبه الوضع الذي كان عليه اليمن عند احتلال الكابتن ( هنس ) في عدن وهي عودة لن تطول بحكم أن المتغيرات لن تؤثر فيها العقول والمشاريع الصغيرة التي استنفذت كل دجل تنظيراتها وهم لن يبلغوا عنق الزجاجة التي نظر لها ياسين نعمان ليبلغ غايته في الخيانة . من يواصل اليوم التاريخ المجيد الذين صنعه أبناء اليمن من الشمال والجنوب والشرق والغرب لينهوا ويهزموا الإمبراطورية التي كانت تتفاخر بأنها لا تغيب عنها الشمس هم أبطال الجيش واللجان الشعبية الذين سيغيبون شمس أمريكاوبريطانيا ومخططات الغرب والصهاينة الخبيثة إلى الأبد وسيصنعون تاريخاً جديداً لتبقي على تضحيات المناضلين الذين صنعوا التحرير الأول في الثلاثين من نوفمبر 1967 م وبكل تأكيد فأن التحرير الثاني لن يكون كما الأول وسيغلق طرق الهيمنة والسيطرة والوصاية والاحتلال لهذه الأرض المقدسة والى الأبد.