كان بمثابة نقطة ضوء مهمة للإطلالة على كتاب قيم ومعاصر امتلك اسلوباً مميزاً للوصول إلى الهدف المبتغى.. وحينما تتوغل في صفحات الكتاب تجد فيه تنوعاً ما بين القديم والجديد في المفردات الاسلامية لأنه يبدأ في الحديث عن السجايا والأخلاق العظيمة التي واجه بها الاسلام الحرب النفسية. ويصل إلى تحديات الحرب الشاملة التي فرضت على الشعب اليمني طوال ثمان سنوات وما واجهه المواطن من حرب مهولة مزدوجة حرب خشنة, وحرب نفسية, ناعمة ومتاعب ظلت تتسلل إلى مفصلية الشعب اليمني المسلم, .. ولكن في المجمل كانت وستبقى اليمن هي الحصن الذي يقي الأمة من هول تلك المتاعب وغول التحديات .. والدليل ان اليمن رغم كل تلك الحروب والكوارث كانت وماتزال تخرج منتصرة وتجد من قيادات مؤمنة من أبناء الشعب حاجتها التي تقود الأمة إلى الى الطريق الآمن وإلى المرانئ المستقرة فسفائن الحق الاسلامي ماتزال تبحر باطمئنان والدليل .. الحروب التي شنها تحالف العدوان سواء في المكشوف القبيح وصولاته وحصاره الظالم أو من خلال اتباع الأساليب الملتوية في استمرار توجيه الحرب النفسية, والناعمة وقد يشن حرب عسكرية خشنة بالمعدات القتالية بالأسلحة والذخائر المتنوعة التي يحصل عليها من الصهيونية ودول الغرب الحاقد عدوا الأمة الذي لن يتردد تحالف الشيطان من استخدامها على الإسلام و المسلمين في اليمن العربي.. وفي ذات المنحى يأتي ما خطه يراع الكاتب المميز والمثقف المعروف الشيخ المجاهد عبد المنان السنبلي في مداخلة الكتاب حيث قال : يحكى أن (عنترة بن شداد العبسي) سئل ذات يوم: أأنت أشجع العرب، فقال: لا..! قيل: وكيف إذن شاع ذلك في العرب؟! قال: كنت إذا دخلت معركة أقدم إذا رأيت الإقدام عزماً، وأحجم إذا رأيت الإحجام حزماً، ولا أدخل موضعاً لا أرى لي منه مخرجاً، وكنت أعمد إلى الضعيف الجبان فأضربه الضربة التي ينخلع لها قلب الشجاع، فأثني عليه وأقتله حتى هابني الناس. وهكذا هي الحروب النفسية..! على أية حال، استحضرتني، في الحقيقة، هذه القصة بينما كنت أتصفح سريعاً كتاب (الحرب النفسية) للمفكر والمؤلف الكبير العميد الدكتور حسن حسين الرصابي لأتوقف بعدها قليلاً متأملاً ومستعرضاً حالنا نحن العرب مع مثل هكذا نوع من الحروب..! فأنا بصراحة لا أعتقد أن أحداً من العالمين يسهل استهدافه أو هزيمته نفسياً كما يسهل ذلك مع العرب..! يكفي أن توهم أحدهم فقط أنه مصابٌ بعين مثلاً أو سحر أو ما شابه ذلك، ليقضي عمره كله مستسلماً ومعتقداً بهذه العين أو السحر..! من هنا تبرز، في الحقيقة، أهمية وخطورة الحرب النفسية والتي، وفي أحايين كثيرة، قد تبدو أشد خطورةً وأعظم فتكاً من الحروب العسكرية المباشرة نفسها! ذلك أنها لا تستهدف الأجساد البشرية أو المقومات والإمكانات والقدرات العسكرية المادية والملموسة، وإنما تستهدف بشكل مباشر العقول والتفكير والمشاعر لدي الإنسان والتي، وإن أُصابتها في مقتل، لن تقوم لهذا الإنسان بعدها قائمة. ولنا في نكسة حزيران وأُسطورة (الجيش الذي لا يقهر) خير مثال على تفوق هذه النوع من الحروب..! فقد ظل العرب، ولعقودٍ كاملة، يعتقدون بهذه الأسطورة ويؤمنون باستحالة هزيمة هذا الجيش..! فإذا بهذا الجيش الذي لا يقهر، يتقهقر في لحظة ويفر هارباً مذعوراً عند أول إختبارٍ حقيقيٍ له! وإذا بهذه الأسطورة تتحطم بكل سهولة على أيدي مقاومي ومجاهدي (حزب الله) اللبناني في حرب تموز 2006..! ذلك أن أبطال المقاومة اللبنانية ومثلهم المقاومة الفلسطينية كانوا قد تغلبوا على الهزيمة النفسية التي أصابت العرب بعيد حرب النكسة. ولولا حرب تموز، في اعتقادي، وما تلاها من حروب غزة، لظلت اسطورة الجيش الذي لا يقهر تعشعش في نفوسنا وعقولنا إلى اليوم. فهل رأيتم أي تأثير توقعه الحروب النفسية؟! لذلك واستشعاراً منه بأهمية التعريف بخطورة وتداعيات وتأثيرات هذه الحرب النفسية، فقد حرص العميد الدكتور حسن الرصابي على إصدار هذا الكتاب القيم والذي تناول فيه أهم جوانب الحروب النفسية والسايكولوجية موضحاً وفاضحاً أهم أساليبها ووسائلها سواءً على مستوى الدعاية أو الإشاعات أو غسيل الأدمغة والتسميم الدماغي أو على مستوى الإرهاب الفكري والخداع متخذاً من العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على اليمن انموذجاً ومثالاً حاضراً وحياً خاصةً وهو الذي لم يتردد، وعلى مدى أكثر من ثماني سنوات، من الأقدام على استخدام أيٍّ من هذه الأساليب والوسائل في سبيل تحقيق ما عجز عن تحقيقه في ميادين القتال والمواجهة. كما أن المؤلف في هذا الكتاب لم يغفل عن ذكر الكيفية والأساليب المضادة التي تعامل بها اليمنيون في مواجهتهم لهذه الهجمة والحرب النفسية الشرسة والتي لا تقل حماساً وقوةً عن طريقتهم وأداءهم البطولي في ميادين المواجهة العسكرية.. ختاماً، وفي نهاية حديثي هذا، أحب أن اورد هذا الحوار الذي دار ذات مساء بين الزعيم النازي أدولف هتلر ووزير إعلامه أو دعايته الأشهر جوزيف جوبلز.. هتلر يقول لجوبلز: يجب أن تستهدف الدعاية السياسية العوام من الناس في المجتمعات. فيجيب جوبلز: وماذا عن العقل المثقف؟ نحن في مجتمعٍ يعج بالنخب المثقفة والمتعلمة؟ فيجيب هتلر بعبارة قصيرة وذكية جداً ستظل محفورة في جدار التاريخ قائلاً: المثقفون في زمن الأزمات والحروب يتحولون، وبصورة تلقائية، إلى عوام..! انتهى.. نعم يتحولون إلى عوام..! ويُضيف الشيخ المجاهد عبد المنان السنبلي: إن المؤلف في هذا المصنف ومواضيعه قد سجل حضوراً ووقف موقفاً من أجل اليمن واليمن وحده .. نستطيع القول من خلال قراءتنا جميعاً لهذا الكتاب فيه اضاءات تومض في حنايا الروح وتؤكد ان اليمن هي المتربعة في ثقافة وايمان وقناعات ومبادئ هذا الكاتب واجمالاً .. ندعو الله دوماً له بالتوفيق في كل أعماله ومنها هذا الكتاب العسكري التخصصي المهم والحيوي والاهم ان نخلص الى ان هذا الكتاب يعتبر اضافة مهمة وضرورية للمكتبة اليمنية , والمكتبة العسكرية .. هنا أتوقف تاركاً لك - أخي القارئ الكريم - فرصة قراءة هذا الكتاب ومتمنياً لك قضاء وقتٍ ممتع وشيِّق في صحبة واحدٍ أعتبره من أهم وأرقى جلساء هذا الزمان..