رسالة إلى وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي السادة وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي، تنعقد قمتكم الطارئة اليوم في جدة، والمأساة الإنسانية في غزة تتفاقم مع كل دقيقة. نحن نعلم جيدًا أن هذه القمة ليست الأولى من نوعها، وأن قممًا سابقة على مستوى قادة الدول لم تنجح في تغيير واقع الحال. لكن هذه المرة، الوضع مختلف. إنها لحظة تاريخية فارقة، إما أن ننهض بمسؤوليتنا وضميرنا، أو ندع التاريخ يسجل عجزنا. إن ما يجري في غزة ليس مجرد صراع مسلح، بل هو حرب إبادة وتطهير عرقي ممنهجة تُمارَس على مرأى ومسمع العالم. إنها ليست مجرد أرقام وإحصائيات، بل هي أرواح أطفال ونساء وشيوخ تُزهَق، وبيوت تُدمَّر، ومستقبل يُسرَق. لذلك، يجب أن تكون مخرجات هذه القمة مختلفة. يجب أن تكون قراراتكم حاسمة لا تحتمل التأويل، وقوية لا تساوم على الحق. هذه توصياتنا التي نؤمن أنها يجب أن تكون جوهر قراراتكم: أولاً: إجراءات فورية لإنقاذ غزة * كسر الحصار: يجب اتخاذ قرار فوري وحازم لكسر الحصار الكامل عن قطاع غزة. يجب أن تُفتح جميع المعابر والمنافذ بشكل دائم لضمان تدفق المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية، والسماح للمرضى والجرحى الذين تستدعي حالاتهم العلاج بالخارج بالمغادرة الآمنة. لا يوجد عذر لتأخير المساعدات أو تقييدها. * وقف إطلاق النار: نطالب بوقف فوري وشامل لإطلاق النار. وإذ ما لم يلتزم الاحتلال الإسرائيلي، يجب أن تترجم كلمتكم إلى أفعال. وهذا يعني طرد السفراء، وتجميد العلاقات الدبلوماسية، ووقف جميع الاتفاقيات التجارية والاقتصادية مع الكيان الصهيوني. على الدول التي أقامت علاقات مع هذا الكيان أن تستدعي سفراءها فورًا، ويجب منع الطيران الإسرائيلي من عبور الأجواء الإسلامية. ثانياً: استراتيجية للضغط الدولي * الضغط على الولاياتالمتحدة: يجب أن توجهوا رسالة واضحة وقوية للولايات المتحدةالأمريكية مفادها أن مصالحها الحيوية والاقتصادية والتجارية تقع في الشرق الأوسط، وليس في إسرائيل. يجب أن تتحمل الولاياتالمتحدة مسؤوليتها التاريخية في كبح جماح الاحتلال ووقف حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يمارسها بكل الوسائل، سواء كانت بالقصف، أو التجويع، أو التعطيش، أو التعذيب حتى الموت. * حماية المقدسات والسيادة: يجب أن تضعوا حدًا لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للمقدسات الإسلامية، وخاصة الاقتحامات المتكررة لباحات المسجد الأقصى. كما يجب اتخاذ إجراءات حازمة لحماية المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية من اعتداءات المستوطنين، ووضع حد للانتهاكات التي تطال أراضيهم وحياتهم. ثالثاً: احترام السيادة الإقليمية والمحاسبة القانونية * لبنان وسوريا: يجب أن تضمنوا انسحاب إسرائيل من النقاط الثلاث بموجب الاتفاقيات الأخيرة مع لبنان، واحترام السيادة السورية والانسحاب من البلدات السورية إلى خط فض الاشتباك الموقع عام 1973. * المحاسبة القانونية: يجب على منظمة التعاون الإسلامي أن تتخذ خطوات حاسمة لملاحقة قادة الاحتلال الإسرائيلي في المحاكم الدولية وتقديمهم للعدالة بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. السادة الوزراء، إن غزة اليوم هي بوصلة ضمير الأمة، وإذا سقطت غزة، فذلك إيذان بتنفيذ مشروع "إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات"، وتغيير شامل لخارطة الشرق الأوسط. إن قراراتكم اليوم ليست مجرد حبر على ورق، بل هي مصير أمة. لا تجعلوا هذا المؤتمر مجرد مسرحية أخرى، فالعين ترى والضمير يحاسب، والتاريخ لا يرحم. إن الشعوب الإسلامية تنتظر منكم قرارات تليق بقداسة هذه القضية، فإما أن تنهضوا بمسؤولياتكم، وإما أن تظل قراراتكم حبيسة رفوف الأرشيف وبطون الملفات، حبرًا على ورق لا يغير شيئًا. فكونوا على قدر الأمانة، وكونوا صوتًا للحق، وكونوا سندًا لغزة. *القاضي الدكتور حسن حسين محمد الرصابي