قال موقع "ريسبونسبل استيتكرافت" الأمريكي إن إسرائيل تلعب بالنار في اليمن، خاصةً بعد اغتيالها لرئيس الوزراء أحمد غالب الرهوي ورفاقه الوزراء، معتبراً هذه الحادثة بأنها تمثّل نقطة تحوّل في صراع بات إقليمياً بالكامل..في حين أعلن عضو المكتب السياسي محمد البخيتي، أنّ الحرب دخلت مرحلة جديدة، بعد أن اخترقت المقاتلات الإ سرائيلية أجواء شبه الجزيرة العربية لتقتل رئيس الوزراء وعدداً من رفاقه في العاصمة اليمنيةصنعاء. وأكد أن البخيتي لم يكن مخطئاً.. فالهجوم الذي وصفه وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأنّه مجرد البداية، عكس تحوّلاً جوهرياً في خريطة حرب استنزاف مستمرة منذ عامين بين أكثر جيوش المنطقة تقدماً تكنولوجياً وأكثر قوة وصلابة.. ومع ذلك، فأن المحرّك لهذه المواجهة هو الحرب على غزة التي اندلعت عقب هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر التي شنّتها حماس على إسرائيل. فقد منحت تلك الحرب اليمنيين الوقود الأيديولوجي والفرصة السياسية للتحول. وذكر أن اليمنيين انتقلوا من كونهم لاعباً إقليمياً إلى قوة تعطيلية على مستوى عالمي، فأطلقوا الصواريخ نحو إسرائيل بعد أسابيع فقط من هجمات حماس، واحتجزوا أحد أهم الممرات البحرية العالمية رهينةً لهجماتهم..وقد أعيد ترتيب لوحة الشطرنج بشكل خطير في أيار/مايو، حين سعت إدارة ترامب، المتلهفة لمخرج من حملة جوية مكلفة وغير مجدية، إلى إبرام هدنة مفاجئة مع اليمنيين بوساطة عُمانية.. كانت الصفقة بسيطة: تتوقف الولاياتالمتحدة عن قصف أهداف اليمنيين، ويتوقف اليمنيون عن مهاجمة السفن الأميركية..بالنسبة لإسرائيل، يعني الانسحاب الأميركي أنّها تُركت وحدها في مواجهة التهديد اليمني. وأفاد الموقع أن أغتيال الوزراء يمثّل تصعيداً خطيراً، يجبر إسرائيل على مواجهة خصم بعيد، وصلب، يتحمل الخسائر البشرية ولديه قدرة مثبتة على التكيّف.. وعلى عكس ساحات غزة أو جنوبلبنان المحدودة، فإن اليمن بلد واسع جبلي، أتقن فيه اليمنيون فن الإخفاء والحرب..ومن غير المرجّح أن يهزمهم القصف الجوي وحده، وهو درس محفور في أنقاض تدخلٍ سعودي استمر تسع سنوات، بدأ في 2015 بهدف إعادة حكومة المرتزقة، لكنه انتهى إلى حرب استنزاف قاسية فشلت في تحقيق أهدافها وانتهت بوقف إطلاق نار رعته السعودية والإمارات مع اليمنيين عام 2022. وأورد أن واشنطن كانت آخر من أعاد تعلم هذا الدرس خلال حربها الجوية القصيرة والفاشلة.. ومع ثبوت عجز القوة الجوية واستحالة الغزو البري لوجستياً وسياسياً، لا يبقى أمام إسرائيل أي مسار عسكري قابل للنجاح..إضافة إلى ذلك، فإن الانخراط بحرب مباشرة مع اليمنيين يستنزف موارد إسرائيل ويصرف تركيزها عن أولوياتها الأساسية: حماس في غزة وإيران وبرنامجها النووي.. واليمنيون يدركون ذلك؛ إنهم يخوضون حرب استنزاف اقتصادية ونفسية، عارفين أنّ حتى الضربات الرمزية كالصاروخ الذي وصل إلى مشارف مطار بن غوريون قرب تل أبيب، تمنحهم مكاسب سياسية ضخمة: توحيد اليمنيين تحت قضية شعبية، وإبراز صورة المقاومة البطولية أمام الرأي العام العربي الأوسع. الموقع أشار إلى أن الحرب بين اليمن وإسرائيل قد شكّلت كارثة للتحالف المناهض لقوات صنعاء.. فمجلس القيادة الرئاسي، الذي تأسس في الرياض عام 2022 لتوحيد الفصائل المختلفة وتولّي قيادة حكومة المرتزقة، ينهار تحت ثقل تناقضاته الداخلية..ففي الأشهر الأخيرة، اندلعت خلافات علنية، تعكس صراعاً محتدماً بين رئيس المجلس المدعوم سعودياً، رشاد العليمي، وتكتل مدعوم إماراتياً يضم رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي و طارق صالح.. هذا الشلل يحول دون بلورة أي استراتيجية سياسية أو عسكرية متماسكة ضد قوات صنعاء. وفي ذات السياق، نرى أن النتيجة هي مأزق استراتيجي واضح بلا مخرج.. فالمسار السياسي أصبح غير ذي صلة، والمسار العسكري مسدود بفعل انقسامات التحالف المناهض لقوات صنعاء..وفي هذا الفراغ، تجد إسرائيل نفسها مرتبطة بصراع لا يمكنها كسبه.