تمرّ علينا الذكرى الغالية ونحن على أعتاب ذكرى الشهيد، فهي حلقة وصل بين الأجيال، وفيها نتدبّر الدروس المستفادة تاريخيًا، ليتعلّم منها الجيل الحديث التمسك بالدين والهوية. نتوقف أمام أنفسنا لندرك أن الثبات على الحق والعدل يحتاج إلى التمسك بالدين، والقيادة الربانية، ونفسٍ طويل، ما دام النصر آتيًا. هي ذكرى تجعلنا نثق أن الله ينصر من ينصره، وأن لكل حقبة في التاريخ رجالًا يدافعون عن الدين، والأرض، والعرض، وأن الهزيمة والخذلان يلحقان بالظالمين من أنصار الفساد والجاهلية والعدوان على الآمنين والمظلومين. وفي هذه الذكرى، نتذكر بكل إجلال واحترام شهداء الحق والوطن الذين بذلوا أرواحهم فداءً لله عز وجل ولوطنهم، ليبقى حرًا عزيزًا شامخًا، مناصرًا للمظلومين في فلسطين التي خذلها القريب قبل البعيد، فلا ناصر لهم ولقضيتهم إلا من باعوا أنفسهم وأموالهم لله عز وجل، ووقفوا بكل قوة وثبات أمام أقوى وأظلم الأنظمة المتكبرة والغاصبة: أمريكا والصهيونية. نلتقي هنا لنتذكر معًا تضحيات هؤلاء الأبطال بأنفسهم وأرواحهم، ليكتبوا صفحاتٍ مضيئة تهتدي بها أجيالٌ تأتي من بعدهم، تسير على خطاهم، وتقتدي برحلة كفاحهم، وتدرك أن الحفاظ على الأوطان ليس بالأمر الهيّن، بل يتطلب الجهد والتضحية. والحديث عن شهداء المجد والنضال حديث لا ينتهي، ونحن في حضرة ذكراهم العطرة نشعر بالفخر والعزة والمنعة. الأمم العظيمة تستلهم روح العزيمة من تاريخها المجيد، والضمائر الحية تحيا بذكر الصالحين في كافة المجالات من أبناء هذه الأرض الطيبة. أما الغفلة، فهي مرض العصر وكل عصر، وبقاء الأوطان مرهون باليقظة وإحياء الهمم في النفوس، ومواصلة المشوار. في الذكرى السنوية للشهيد، نتوجه بأسمى وأجل آيات التقدير والتبجيل لأرواح الشهداء الذين ضحّوا بأرواحهم لتبقى راية الله والوطن عزيزة شامخة. ويجب هنا أن نشير إلى تضحيات أسر شهدائنا الأبرار، إلى من فقدوا الابن، أو الأب، أو الزوج، أو الأخ. إليكم جميعًا، أُهدي تحياتي وتقديري، وتحيات رفقاء الدرب وأحرار الشعب، على صبركم وتحملكم واحتسابكم كل فقيد وشهيد عند الله سبحانه وتعالى، ورضاكم بقضاء الله وقدره. وأقول لكم: أنتم في عقل ووجدان كل مؤمن حر وشريف، لن نترككم تواجهون الحياة وحدكم، سنكون معكم، وكل الأحرار معكم في كل خطوة تخطونها. فإذا كنتم قد فقدتم فردًا عزيزًا غاليًا من أهلكم، فإني أؤكد لكم أن اليمن كلها أهلكم. ونسأل الله عز وجل التوفيق والسداد لقائد الثورة، حفظه الله. عاشت اليمنوفلسطين حرةً عزيزةً شامخة، لا يضرها كيد الكائدين ولا مكر الماكرين. ونسأله تعالى أن يحفظ شعبنا بنعمة الأمن والأمان، وأن يجعل النصر العظيم حليف مجاهدينا ومجاهدي غزة الحرة الأبية. إنه ولي ذلك والقادر عليه.