مثلت ثورة ال 14 من أكتوبر المجيدة التي انطلقت من جبال ردفان في العام 1963م واستمر سعير نضالها المسلح ضد المستعمر البريطاني أربع سنوات توج بالاستقلال الناجز ورحيل آخر جندي بريطاني من مدينة عدن في 30 نوفمبر 1967م.. ثورة تحرر كبرى هي الوحيدة في شبه الجزيرة العربية ضد الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس كما كانت تسمى بريطانيا في ذلك الحين لاتساع رقعة سيطرتها من الهند والشرق الأقصى إلى المنطقة العربية دول الخليج والعراق والاردن وفلسطين ومصر والسودان حتى أمريكا قبل ثورتها (1775-1783م).. إلا أن هذه الإمبراطورية الاستعمارية وأمام الاستبسال اليمني الذي شارك فيه أبناء شمال الوطن وجنوبه، اضطرت بريطانيا للرحيل من جنوب الوطن اليمني صاغرة مهزومة مدحورة إلى غير رجعة. عبدالحميد الحجازي أدوات الاستعمار رحل المستعمر البريطاني في 30 نوفمبر 1967م عن جنوباليمن، لكن بقت أحلامه بالعودة غير المباشرة حاضرة من خلال أدواته التي صنعها في المنطقة ومؤامراتها الخبيثة، ومنها تتدخل النظام السعودي في الشأن اليمني وعرقلة اية خطوات للتقارب بين أبناء اليمن الواحد لإعادة الوحدة اليمنية، حتى بعد اعادة الوحدة لم تكف السعودية يدها عن التدخل وتحريك من اسمتهم اتباعها في داخل اليمن بل ظلت تمارس تدخلها في الشأن السياسي وتعرقل كل مشاريع النهضة الاقتصادية كما فعلت ضد مشروع الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي.. في المقابل شارك النظام الاماراتي في التآمر ضد الاقتصاد اليمني بمحاولة فرض سيطرته على ميناء عدن وتجميده خدمة لميناء رأس علي الاماراتي.. ليتوج ذلك بعدوان سعودي- إماراتي في 26 مارس 2015م دعمه لوجستياً كل من بريطانياوأمريكا واسرائيل، ليؤكد أن الترابط الكبير في أهداف المعتدين الجدد مع أطماع قوى الاستعمار والاستكبار العالمي. مرحلة خطيرة دول العدوان وتحت أعذار مزيفة وبمساعدة المرتزقة وباعي الاوطان، بسطت نفوذها واحتلالها على المحافظاتالجنوبية والشرقية، وبدأت في اتباع سياسات الترهيب والقتل والبطش تجاه من يعارض تواجدها في تلك المناطق، وتنفيذ مشاريع التواجد الاستعماري سواءً في السواحل أو الجزر أو منابع الثروات النفطية والغازية.. وفي المقابل أوصلت الأوضاع المعيشية والاقتصادية في تلك المحافظات إلى مرحلة خطيرة من التردي والانهيار في مختلف جوانب الحياة. تردي الوضع الاقتصادي والتدهور الحاصل في الخدمات وانهيار المؤسسات الخدمية والاقتصادية، وغلاء الأسعار ووصول سعر صرف الدولار إلى ما يقارب ال 2000 ريال يمني بل كان قد وصل إلى 3000 ريال مقابل الدولار الواحد، مما ينعكس سلباً على حياة المواطن ومعيشته اليومية.. كما أن تداعيات الوضع الراهن في المحافظاتالمحتلة، لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، لكنه شمل كافة المجالات ومنها تمزيق النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية بين أبناء تلك المحافظات بمسميات عدة وصولاً إلى حد الدعوات المناطقية ورفع شعارات تشطيرية يغذيها الاحتلال شبيه بما كان يسمى ب "الجنوب العربي" في ظل الاستعمار البريطاني البغيض. الهدف الحقيق كما أن تقاسم النفوذ بين كل من السعودية والإمارات في المحافظاتالجنوبية والشرقية، يكشف الهدف الحقيق من عدوان وتواجد هذه الدويلات على الارض اليمنية، وممارساتها التخريبية الممنهجة ضد الشعب اليمني خصوصاً في المحافظاتالمحتلة وما تعيشه من ظروف وأوضاع صعبة واستثنائية اقتصاديًا واجتماعيًا وأمنيًا وثقافيًا، وهو الهدف الذي تسعى له الرياض وأبو ظبي، لتشتيت ما تبقى من الهوية اليمنية الجامعة، باعتبار أن بقاء اليمن موحدًا وفق رؤيتهما يشكل خطرًا في توجهاتهما على الانفتاح الكامل مع كيان العدو الصهيوني والتطبيع معه، بدعم أمريكي وأوروبي. وفوق هذه الأوضاع المتردية، يأتي انتشار السجون السرية سيئة السمعة التي تديرها قيادة قوات التحالف السعوديّ الإماراتي في المحافظاتالجنوبية والشرقية، وميليشيا ما يسمى المجلس الانتقالي، لارتكاب أفظع الجرائم وأبشعها بحق مئات المعتقلين والمخفيين قسرًا من المناهضين للتواجد الأجنبي، بما يكشف الوجه الحقيقي للمحتل السعودي والاماراتي. ثورة عارمة ورغم تلك الممارسات الاستعمارية التي حاول السعودي والاماراتي فرضها في المحافظاتالمحتلة، فقد فشلت سياسة المحتل وحكومة الفنادق العميلة فشلًا ذريعًا، قابلها في ذات الوقت تصاعد كبير في الاحتجاجات الشعبية والمظاهرات المنددة بالتواجد السعودي والاماراتي، وشهدت وما زالت تشهد المحافظاتالمحتلة العيد من التحركات الشعبية لأبناء تلك المحافظات، ما يُنذر بثورة عارمة تعجل برحيل المستعمر الجديد ودحره من المناطق المحتلة. حالة الاحتقان هذه لم تأت من فراغ، وإنما جاءت نتيجة ما يمارسه المحتل السعودي الإماراتي من سياسة تدميرية ممنهجة لتعطيل المؤسسات الخدمية عن القيام بدورها في تقديم الخدمات، وإمعانه في مفاقمة معاناة المواطنين، وتعميق الأزمة الإنسانية بين مختلف فئات المجتمع.. ولايزال عنفوان التصعيد والاحتجاجات الشعبية الغاضبة المنددة بالوضع الاقتصادي والمعيشي في المناطق الجنوبيةالمحتلة متواصلا وبوتيرة عالية. مشروع تحرري ومع استمرار التواجد الاماراتي والسعودي في اليمن واحتلاله لأجزاء منه، يقع على كل الأحرار والشرفاء وهم يستذكرون أحداث ثورة ال 14 من أكتوبر كفاح الثوار المناضلين، أن يتحركوا لتحرير المحافظاتالمحتلة وكل شبر من ارض وجزر اليمن وسواحله، وهذا ما أكدته القيادة الثورية والسياسية والعسكرية في أكثر من مناسبة، وأكدوا أهمية دعم أحرار المناطق المحتلة ليثوروا ضد المحتل الجديد بكفاح مسلح يفضي إلى التحرير الكامل وطرد المحتلين.. وفي معظم الخطابات السياسية المتعلقة بالشأن اليمني، يتطرق السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي- يحفظه الله- باستمرار إلى الأوضاع في المناطق والمحافظات المحتلّة، مؤكدًا حرصه الدائم على تحرير كل شبر في اليمن، وكسر كل قيود الإذلال التي يسعى العملاء الإقليميون لفرضها على اليمنيين.. وهذا هو المشروع التحرري الذي حملته ثورة ال 21 من سبتمبر والكفيل بأن يُسقط كل أوهام ومخططات ومؤامرات العدوان ومرتزقتهم وداعميهم من الامريكان والبريطانيين والصهاينة. مسألة وقت ما تشهده المحافظاتالجنوبية والشرقية، من توتر واضطراب واحتجاجات شعبية واسعة يؤكد أن تواجد الاحتلال السعودي والإماراتي بات مسألة وقت، وأن تحرير تلك المحافظات ضرورة حتمية تهم كل أحرار اليمن في الشمال والجنوب والشرق والغرب.. فالشعب اليمني الذي استطاع دحر الاحتلال البريطاني قبل 62 عامًا وإخراجه من المحافظاتالجنوبية مهزومًا، قادر اليوم على إجبار المحتلين الجُدّد على الرحيل، خاصة وأن اليمن أصبح يمتلك قوة ردع مكنته من مواجهة قوى الهيمنة والاستكبار العالمي بقيادة أمريكاوبريطانيا وإسرائيل وأدواتها في المنطقة، وما موقفه المساند والداعم للمقاومة الفلسطينية على مدي عاميين كاملين إلا دليل على قوة وعنفوان الارادة اليمنية في تحقيق السيادة والاستقلال والنهضة الشاملة لليمن ارضاً وإنساناً في مختلف المجالات.