في ساحة الصراع المعاصر، لا تكفي الضربة القوية وحدها لتقرير النصر — بل تصبح السرعة، الدقّة في استخدام القوة هي من يصنع الفارق الى جانب الاقتصاد. فالطائرات المسيّرة (الدرونز) لم تَدخل الحروب كأداة إضافية فحسب، بل كررت كتابة قواعد الاشتباك: من قدرتها على تغيير التوازنات إلى فرض تكتيكات جديدة وخفض تكلفة التحرك العسكري. زين العابدين عثمان الصواريخ الباليستية مازالت هي السلاح الذي يشغل الجزء الاكبر من إعتماد الدول في ترسانتها ,فبعد الحرب العالمية الثانية تم تطوير هذه التكنولوجيا الى مستوى إنتاج صواريخ فتاكة ومدمرة كالصواريخ العابرة للقارات "ICBM " التي يمكنها حمل رؤوس نووية والصواريخ فرط صوتية التي تعد احدث تقنية التي يمكنها بلوغ سرعات تفوق أضعاف سرعة الصوت . لكن مع تطور القدرات المضادة والحرب الالكترونية والتحديات التي تفرضها الكلفة التصنيعية والتشغيلية لهذه الاسلحة كانت عوامل ثقيلة فاضطرت بعض الدول للبحث عن وسائل واسلحة اخرى اكثر مثالية بالتالي ظهرت الطائرات المسيرة في الساحة لترسخ طفرة جديدة في اهتمام الدول التي تعتمد على استخدام الاسلحة الجامعة بين الدقة و الفاعلية والكلفة القليلة وكانت التجارب التي إعتمدت هذه الطائرات في سلوكها العسكري قد اعطت جانبا من فاعليتها وتأثيرها في كسر الموازين خصوصا التجربة اليمنية التي كانت تجربة ناجحة بفضل الله تعالى خلال مواجهة عدوان التحالف الامريكي السعودي الاماراتي على اليمن وكذلك في اطار المعركة اليمنية القائمة لاسناد غزة إضافة إلى التجربة المهمة في حرب روسيا واوكرانيا . لذا من المتوقَّع أن تتوجه الجيوش بشكل اوسع لاستخدام المسيَّرات؛ لأن ذلك يعني تقليل الأعباء المالية التي تُدفع في صفقات التسليح بما فيها الطائرات الحربية و الصواريخ مرتفعة الكلفة، فالمسيرات يمكنها ردم هذه الفجوات التي تحتاج لكلفة باهظة اضافة الى قدرتها على تحقيق اهداف الحرب وتغيير الموازين بكفاءة عالية . فالطائرات المسيرة بمميزاتها وقدراتها يمكن ان تحقق مكاسب احيانا لايمكن للصواريخ تحقيقها لذا فهي سلاح مثالي يستطيع ان ينفذ مهام معقدة في سيناريوهات الحرب بسهولة وباقل تكلفة . فما يميزها : 1-يمكن استخدامها في مهام مختلفة الاستطلاع والهجوم والمخابرات . 2-قليلة الكلفة وسهلة الاستخدام والتصنيع خلافا للصواريخ والطائرات الحربية التي تحتاج الى كلفة عالية وجهد ووقت . 3-سلاح دقيق يمكنه ضرب أدق الاهداف من مسافات بعيدة قد تصل 3000كم . 4-سلاح لايمكن مواجهته أو إعتراضه من قبل وسائط الدفاع الصاروخي فمهما كان الاخير متطور لايمكنه تحقيق اعتراض فعال ضد الطائرات المسيرة نظرا لصغر حجمها وصعوبة ظهور هيكلها في شاشات الرادار . "الاستخدامات " تستخدم الطائرات المسيّرة في المهام التالية: *مهام الاستطلاع الذي يعد المهمة الرئيسية للطائرات المسيّرة بهدف جمع المعلومات الدقيقة ومباشرة على امتداد وعمق منطقة العمليات وفي جميع الأوقات والظروف لمساعدة القائد في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، . *تستخدم لتنفيذ الحرب الإلكترونية لتأمين أعمالها ومعاونتها على اختراق الدفاعات الجوية المعادية وإحداث شلل وإرباك نظام القيادة والسيطرة المعادي. * تجهيز الطائرات المسيّرة بأجهزة إعادة الإرسال للعمل فوق مسرح العمليات لزيادة مدى وكفاءة الاتصالات اللاسلكية وبالتالي تساعد على ابقاء حالة التنسق والسيطرة على القوات الصديقة العاملة . *يمكن تسليحها بقنابل وصواريخ لتعمل كقاذفة كما يمكن تحويل انواع منها الى قذيفة موجهة تقوم بالهجوم المباشر على الأهداف المهمة والحيوية بمايعرف(طائرة الهجوم الانتحاريFPV). الطائرات المسيّرة ليست مجرد سلاح آخر؛ هي عقل عملي يُعيد تعريف الفعالية العسكرية: كيف تُدار المعارك، كيف تُدار الميزانيات، وكيف تُعيد الدول تنظيم أولوياتها الدفاعية. في زمن تُقاس فيه الفعالية بسرعة اتخاذ القرار ودقته. في الاخير يمكن القول إن التغيير الذي احدثته المسيرات وما أنتجته أدوات الذكاء الاصطناعي وتطوُّر التكنولوجيا في شكل الحروب الحديثة يعتبر تغييراً لا يقتصر على دخول سلاح جديد ضِمن مجموعة من الأسلحة التقليدية، وإنما تغيير في قيمة الأسلحة التقليدية ذات الكلفة العالية أمام هذا السلاح ذي الفعالية الكبيرة والكلفة المنخفضة، وبالتالي لا يُتوقَّع أن تستغني الدول عن سباقها في حيازة الأسلحة التقليدية وتطويرها، إلا أن الميزانيات ستتغير من حيث الأولوية، كما أن الأسلحة التقليدية ستتغير طبيعة استخدامها وفقاً لما يفرضه السلاح الجديد من تكتيكات وإستراتيجيات عسكرية وأمنية..