في تطور بالغ الحساسية، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن مفاوضات وتعهدات سرية بين مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، حيث قدم الانتقالي عرضاً واضحاً بالاعتراف ب "إسرائيل" وتطبيع العلاقات بشكل كامل، مقابل حصولهم على دعم عسكري وأمني واقتصادي لتحقيق هدفهم في إقامة دولة منفصلة في جنوباليمن. ونقلت هيئة الإذاعة الإسرائيلية الرسمية ("كان") عن مصدر دبلوماسي مقرب من قيادة مليشيا الانتقالي قوله إن المجلس "دعا إسرائيل إلى دعم استقلال جنوباليمن"، مؤكداً أن ذلك سيعزز "أجندة مشتركة" بين الطرفين. وبرر المصدر هذا التحالف المحتمل بقدرته على "حماية الطرق البحرية في خليج عدن وباب المندب. وأضاف المصدر أن مليشيات الانتقالي "تحتاج إلى دعم إسرائيلي في المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية من أجل تشكيل الدولة الجديدة"، مشدداً على أن الطرفين "يشتركان في أعداء مشتركين". ويأتي هذا الكشف بعد أيام فقط من إعلان مليشيا الانتقالي بدء عملية عسكرية جديدة في محافظة أبين، وتأكيد سيطرته الفعلية على معظم أراضي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابقة قبل عام 1990، بما في ذلك السيطرة على القصر الرئاسي في عدن وانسحاب القوات السعودية من المدينة. وقد رفض الانتقالي خلال مفاوضات مع الجانب السعودي الأسبوع الماضي، المطالبة بالانسحاب من المناطق التي سيطر عليها حديثاً. وكانت صحيفة "التايمز" البريطانية قد نقلت في وقت سابق عن مندوبي المجلس قولهم للدبلوماسيين الغربيين إن اليمن "لن يتوحد مرة أخرى"، في تصريح يعلن عملياً نهاية مشروع الدولة الواحدة. يحدث هذا في ذروة التنافس الحاد بين السعودية والإمارات على النفوذ، حيث تدعم الرياض قوات قبلية وميليشيات محلية بينما تتجمع ألوية عسكرية كبيرة على الحدود. الى ذلك كشفت تقارير إعلامية عبرية وغربية عن أبعاد جديدة لتحركات "المجلس الانتقالي الجنوبي"، تشير إلى سعيه لبناء تحالفات تتجاوز الشأن المحلي لتصب في مصلحة الأجندة "الإسرائيلية" في المنطقة. و كشفت هيئة البث الإسرائيلية عن اتصالات بين قيادات في الانتقالي والكيان الصهيوني، تهدف لطلب الدعم لإقامة دولة في الجنوب مقابل حماية المصالح الأمنية والملاحية ل "تل أبيب" في باب المندب وخليج عدن. ويربط التقرير بين دعم أبو ظبي للمجلس وبين علاقات التطبيع (اتفاقيات أبراهام)، معتبراً الانتقالي أداة لتنفيذ مهام تخدم واشنطن وتل أبيب في اليمن. واستشهد الخبر بتصريحات "عيدروس الزبيدي" لصحيفة ذا ناشيونال، والتي أبدى فيها استعداده للانضمام لاتفاقيات التطبيع، بالإضافة لما ذكرته صحيفة ذا تايمز البريطانية عن لقاءات سرية لمندوبي المجلس مع مسؤولين إسرائيليين لكسب رضا الإدارة الأمريكية. وتؤكد هذه المعطيات أن "القضية الجنوبية" يتم توظيفها كقناع لمشاريع إقليمية تضع مصالح الاحتلال الإسرائيلي في صدارة الأولويات، في تعارض صارخ مع الإجماع الشعبي اليمني الرافض للتطبيع.