أقر مجلس الشعب المصري بأغلبية ساحقة الإثنين التعديلات التي اقترح الرئيس حسني مبارك ادخالها على 34 مادة في الدستور المصري، وذلك برغم مقاطعة اكثر من 100 عضو المناقشات التي بدأها المجلس يوم الاحد. وينتمي المقاطعون لجماعة الاخوان المسلمين التي يمثلها 88 نائبا وكتلة المستقلين ولاحزاب معارضة. وذكرت وكالة عن رئيس الكتلة البرلمانية لجماعة الاخوان محمد سعد الكتاتني اشار في افتتاح المناقشات قوله: "قررنا مقاطعة هذه الجلسات لنبريء ذمتنا ونغسل أيدينا من هذه التعديلات وليتحمل الحزب الوطني (الحاكم) المسؤولية أمام الشعب". واحتج نواب الحزب الوطني مرتين في بداية الجلسة احداهما حين قال النائب المستقل علاء عبد المنعم مخاطبا نواب الحزب الوطني "سيكون الحساب يوم القيامة عسيرا"، وفي المرة الثانية احتجوا على قول النائب محمد عبد العليم داود من حزب الوفد "لا يمكن أن نشارك في دستور يقتحم البيوت". وقالت رويترز ان النواب المقاطعين غادروا القاعة ثم وقفوا أمام مبنى المجلس احتجاجا على التعديلات. وتقول تقارير انه تقرر تقديم موعد الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية إذا ما اقرها البرلمان إلى السادس والعشرين من الشهر الجاري بدلا من الرابع من شهر إبريل/ نيسان القادم. وفي الوقت ذاته اوضح زعيم الاغلبية في المجلس عبد الاحد جمال الدين ان الانسحاب من المناقشات "يمثل ارهابا فكريا". وبدأت الجلسة بدخول النواب المعارضين القاعة مرتدين أوشحة سوداء كتب عليها شعار "لا للانقلاب الدستوري". كما رفعوا لافتات ورقية رسم عليها الشريط الاسود الذي يرمز للحداد وكتبت عليها عبارة "دستور جمهورية مصر العربية مارس 2007 البقاء لله في الحريات الشخصية وفي الانتخابات الحرة". وفي المقابل رفع نواب الحزب الوطني لافتات كتبت عليها عبارة "التعديلات تؤيدها الاغلبية واستقرار الوطن مسؤولية والشعب عارف الشعارات الوهمية"، حسبما اوردت رويترز. ومن شأن تعديلات الدستور ان تؤدي الى تعديل النظام الانتخابي، ووضع قانون لمكافحة الارهاب ليحل محل قانون الطوارئ المطبق بمصر منذ 26 عاما. وتعارض قوى المعارضة السياسية في مصر تلك التعديلات المقترحة حيث اشار نواب المعارضة والنواب المستقلين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين في وقت سابق إلى مقاطعة الاقتراع في البرلمان عليها. وتقول الحكومة ان التعديلات ستعمق الديمقراطية وحكم القانون، ولكن المعارضة تقول انها ستزيد من عملية التزوير وكذلك الحد من الحريات خاصة وانها ستقلص دور الاشراف القضائي على الانتخابات. ومن المقرر أن يجرى التصويت على تلك التعديلات يوم الثلاثاء المقبل حيث تحتاج الحكومة الى موافقة ثلثي الأعضاء للانتقال الى المرحلة التالية. وفي حالة موافقة البرلمان، يصدر الرئيس مبارك قرارا بدعوة الناخبين للاستفتاء والذي من المتوقع أن يجري يوم الثالث من ابريل / نيسان المقبل. يذكر ان عددا كبيرا من الأقباط يعارضون موعد الاستفتاء بسبب تزامنه مع الاحتفال بأعيادهم. وكانت أحزاب وجماعات المعارضة الرئيسية في مصر قد اتفقت على رفض التعديلات التي اقترحها مبارك في ديسمبر/كانون الأول. وقالت جماعة الإخوان المسلمين وكتلة النواب المستقلين في مجلس الشعب وحزبا الوفد والتجمع وحزب الكرامة العربية تحت التأسيس في بيان مشترك صدر الاسبوع الماضي أنها "تعلن اتفاقها على رفض التعديلات الدستورية المقترحة." وأضافت في البيان الذي تلاه رئيس حزب الوفد محمود أباظة في مؤتمر صحفي أنها "تؤكد أن المادة 88 بصيغتها الجديدة تلغي الإشراف القضائي على عملية الاقتراع (في الانتخابات العامة)." وتطالب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني ببقاء الإشراف القضائي الكامل باعتباره من أفضل وسائل منع الانتهاكات والمخالفات التي تشوب الاقتراع في مصر. وقال البيان إن التعديل المقترح للمادة 179 "يوقف الضمانات الدستورية للحريات الشخصية، ويفتح الطريق للدولة البوليسية". وتسمح الصياغة الجديدة للسلطات الأمنية بدخول المساكن وتفتيشها بدون أمر قضائي مسبب كما توقف الحماية القانونية لحرمة الحياة الخاصة وتسمح بالاطلاع على المراسلات البريدية والبرقية والتنصت على المحادثات التليفونية. وقالت أحزاب وجماعات المعارضة الرئيسية في بيانها أنها ترفض ما تضمنه تعديل المادة 179 من السماح لرئيس الدولة بإحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية. وينص التعديل المقترح للمادة على أن "لرئيس الجمهورية أن يحيل أي جريمة من جرائم الإرهاب إلى أي جهة قضائية منصوص عليها في الدستور أو القانون." يذكر ان للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم أغلبية كبيرة في المجلس تسمح له بتمرير التعديلات. ولكن في الوقت ذاته لا تسري أي تعديلات على الدستور إلا بعد الموافقة عليها في استفتاء عام. وتشغل أحزاب وجماعات المعارضة الرئيسية أكثر قليلا من مئة مقعد في المجلس المكون من 454 مقعدا.