قالت صحيفة الجارديان البريطانية في الذكرى الخامسة لحرب العراق في صدر افتتاحيتها: "إن غزو العراق كان خطأ فادحا، لا تزال أبعاده تنكشف بعد خمس سنوات". وتضيف الافتتاحية:"لقد أطيح بصدام ولكن مقابل اندلاع حرب أهلية طاحنة", ودعت في ختام الافتتاحية إلى جلاء الاحتلال عن العراق، وإلى تنظيم مؤتمر دولي لإيجاد حل للمعضلة العراقية. وفي صفحة الرأي نشرت الجارديان مقالا لسويماس ميلن تحت عنوان "ينبغي الإقرار بيوم العار هذا". ويقول الكاتب في مقدمة مقاله:"إن كارثة العراق لا تكمن في الأخطاء أو في غياب التخطيط، ولكن في الإصرار على تجاهل رغبة الناس في مقاومة الاحتلال". ويرى الكاتب أن: "معظم العراقيين يعتقدون أن وجود جنود أجانب في بلدهم هو المصدر الأهم للعنف، وأن 70 في المائة من العراقييين يريدون أن يرحل أولئك الجنود". غير أن الرئيس الأمريكي جورج بوش رأى غزو بلاده للعراق من منظور الانتصار , معتبرا أن الإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين، هو من أهم الإنجازات التي حققتها القوات الأميركية منذ غزوها للعراق في مارس/آذار 2003. وقال بوش في كلمة له في ولاية فرجينيا بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة لهذا الغزو، إن إطاحة الأميركيين بصدام حسين، ساعدت بإنقاذ الملايين من العراقيين الذين كانوا يعيشون حالة من الرعب لا يمكن وصفها، على حد قوله. وخصص بوش جزءا كبيرا من خطابه الذي ألقاه في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) للحديث عن الظلم الذي قال إن نظام صدام حسين أوقعه على الأطفال والمدنيين والنساء من أبناء شعبه، وأشار إلى "المقابر الجماعية" التي قال إن القوات الأميركية عثرت عليها خلال وجودها في العراق، مؤكدا أن هذه القوات وضعت حدا لكل أشكال الظلم هذه. واعتبر بوش أن الإطاحة بصدام حسين، أعادت الأمن والطمأنينة للمنطقة، بعد أن زال الخطر الذي كان يمثله العراق لجيرانه، والمتمثل بإمكانية غزوهم أو توجيه الصورايخ البالستية لهم على حد قوله، ولم يعد يقدم الدعم "للانتحاريين في الأراضي المقدسة". ل أن بوش ذهب إلى حد اعتبار أن العالم أصبح أكثر أمنا بعد صدام حسين، ولم يفوت الفرصة ليدافع عن قراره بإرسال تعزيزات للعراق قبل أكثر من عام، وهو القرار الذي أثار جدلا واسعا في الأوساط الأميركية المعنية، واعتبر أن هذا التعزيز يأتي في إطار إستراتيجية جديدة اتبعتها إدارته في العراق، وساهمت بمنع انزلاق العراق نحو حرب طائفية. ووفقا للرئيس الأميركي فإن هذه الإستراتيجية أدت لتغيير مواقف الكثير من العراقيين، مشيرا إلى مجالس الصحوة، التي تشكلت لمواجهة تنظيم القاعدة في العراق، والتي قال إن عدد منتسبيها يزيد عن 65 ألف مواطن عراقي. وأكد بوش أيضا أن نشاط الجماعات الشيعية في العراق، التي قال إنها تعتمد على دعم من إيران أخذ بالانحسار. وحسب الرئيس الأميركي فإن الحرب على العراق، مكنت الأميركيين من هزيمة تنظيم القاعدة. ووصف ما جرى في العراق بأنه أكبر انتفاضة شعبية في العالم العربي ضد فكر زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، بعد أن ثبت للجميع مدى هشاشة وضعف هذا التنظيم على حد وصف بوش. واتهم القاعدة بأنها قتلت مدنيين وأبرياء في العراق، وأنها تسعى لقتل مدنيين في الولاياتالمتحدة. ومضى الرئيس الأميركي يؤكد أن الولاياتالمتحدة انتصرت في حربها في العراق، وتحدث عن العمليات العسكرية "الرائعة والبطولية" التي نفذتها قواته هناك، رغم اعترافه بتجرع الكثير من اللحظات المريرة والقاسية، وأقر بأن الحرب كانت أطول وأكثر كلفة مما كان متوقعا لها. وقال بوش في إشارة إلى الديمقراطيين إنه حتى معارضي الحرب على العراق، لا يستطيعون الآن المجادلة فيما إذا انتصر الأميركيون في الحرب أم لا، وأن جدالهم أصبح يدور حول التكلفة العالية للحرب. وحول هذه النقطة رأى رئيس الدولة الغازية للعراق، أن تكلفة الحرب، لا تعود ذات أهمية أمام "النصر الاستراتيجي" الذي تحقق. ووفقا لما قاله بوش في خطابه، فإنه لا زال هناك الكثير المطلوب إنجازه في العراق، لكنه أكد تراجع مستوى العنف. وقبل أن ينه بوش خطابه حذر من انسحاب القوات الأميركية ، مشددا على أن هذا الانسحاب، سيظهر الولاياتالمتحدة بمظهر المنهزم، وسيبدو الأميركيين وكأنهم لم يتعلموا من دروس هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وسيكون بالإمكان تكرار مثل هذه الهجمات. وعبر عن قناعته أن سحب القوات سيفتح المجال أمام القاعدة للسيطرة على العراق، منوها إلى خطورة ذلك على الاقتصاد العالمي والأميركي، كما سيمنح قوى أخرى الفرصة لبسط نفوذها على العراق، الأمر الذي سيؤثر سلبا على أمن العالم والولاياتالمتحدة على حد قوله، وسيساعد إيران لفرض هيمنتها على العراق. يذكر أن ما يقرب من أربعة آلاف جندي أميركي قتلوا منذ الغزو في مارس/آذار 2003، والذي كلف دافعي الضرائب الأميركيين نحو 500 مليار دولار، ويوجد في العراق حاليا 150 ألف جندي.