أقسم الرئيس السوداني عمر البشير بأن حكومته لن تسلم أيا من مواطنيها للمحاكمة خارج السودان مهما كانت الضغوط الدولية. ووصف البشير في لقاء جماهيري قرار مجلس الأمن الأخير بإحالة المتهمين بارتكاب جرائم حرب فى إقليم دارفور إلى محكمة الجزاء الدولية بأنه تعبير عن سقوط المؤسسة الدولية، حسب تعبيره. وتعبيرا عن غضب السودانيين من قرار مجلس الأمن تجمع مئات الطلبة في الخرطوم للتنديد بالقرار القاضي بإحالة المتورطين بارتكاب جرائم حرب إلى المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها. وقد أعدت لجنة تابعة للأمم المتحدة قائمة تضم 15 اسما لمجرمي حرب في دارفور، قيل إنها تضم أحد كبار المسؤولين السودانيين وقادة من كل من المليشيات والمتمردين. وطلب المدعي العام الأعلى لدى محكمة الجرائم الدولية في لاهاي من وكالة الأممالمتحدة لغوث اللاجئين تسليم آلاف الصفحات من الوثائق التي بحوزتها حول جرائم حرب اقترفت في دارفور. من جانبه حمل حزب المؤتمر الشعبي المعارض بزعامة حسن الترابي الحكومة السودانية مسؤولية صدور قرار مجلس الأمن الخاص بمقاضاة مرتكبي جرائم حرب في دارفور. وندد عبد الله حسن أحمد نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي بالقرار الذي قال إنه "مؤسف ومحزن", وأضاف أن الحكومة هي التي أوصلت السودان إلى هذا الحال. وأوضح أحمد في حديث للجزيرة نت أن الحكومة ظلت إبان تفاقم الأزمة في دارفور تعطي إشارات إلى أنها غير قادرة على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي أصدرها الاتحاد الأفريقي وغيره. ووجه اللوم إلى الحزب الحاكم الذي قال إنه تعجل في رفض القرار, موضحا أن هذا الرفض المتعجل سيجر السودان إلى كوراث لن تقدر الحكومة على مواجهتها. وطالب الحكومة بتنفيذ بعض ما عليها من اتفاقيات وعلى رأسها اتفاقية السلام المجمدة منذ يناير/كانون الثاني الماضي، وإطلاق الحريات وإلغاء قانون الطوارئ. وقد رحبت المجموعة الرئيسية للمتمردين بإقليم دارفور بقرار مجلس الأمن بتقديم المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب بإقليم دارفور للمحكمة الجنائية الدولية. كما وصفت منظمات حقوق الإنسان القرار بأنه تاريخي. وقد تبنى مجلس الأمن الدولي مشروع قرار فرنسيا بشأن جرائم الحرب في دارفور. وقد أقر المشروع بأغلبية 11 صوتا بينما امتنعت الولاياتالمتحدة عن التصويت وكذلك الجزائر والصين وروسيا. ويأتي هذا بعد يومين من تبني المجلس مشروع قرار أميركيا بفرض عقوبات تتعلق بمرتكبي انتهاكات في الإقليم الواقع في غربي السودان. وكان مجلس الأمن أجل النظر في المشروع الفرنسي في وقت سابق بسبب رفض واشنطن الدائم الاعتراف بمحكمة لاهاي خشية محاكمة مواطنين أميركيين هناك بتهم تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ووافقت واشنطن على عدم مجابهة مشروع القرار بالفيتو في مجلس الأمن، واكتفت مع الصين والجزائر والبرازيل بالامتناع عن التصويت دون تعطيل القرار بعد أن تلقت ضمانات من الأممالمتحدة بعدم ملاحقة أي مواطن أميركي من قوات حفظ السلام أمام المحاكم الدولية". وعزا مساعد رئيس تحرير صحيفة الأهرام المصرية المتخصص في الشؤون الأفريقية عطية العيسوي الاندفاع الفرنسي في مجلس الأمن إلى أن باريس تحرص على إعادة الاستقرار لدارفور بما يضمن عدم إثارة أفريقيا الوسطى المجاورة لدارفور ضد قواعدها العسكرية المنتشرة في بانغي وتشاد. وأضاف العيسوي في مكالمة مع الجزيرة نت إن مشروع القرار الفرنسي يأتي استكمالا للتقارب مع الولاياتالمتحدة بعد أن توترت العلاقات بينهما إبان غزو العراق الذي شنته واشنطن بدون تفويض دولي. وأخيرا يرى المحلل المصري أن فرنسا حرصت من هذا المشروع على أن تكون قريبة من واشنطن لحظة تقطيع كعكة البترول الذي ظهر حديثا في السودان بعد أن حرمت من ذلك بسبب رفضها لغزو العراق. المصدر:ق.الجزيرة/وكالات: