عادت "عدن" بقوة إلى واجهة الأحداث، الأربعاء، 22 يوليو/تموز، بعد أن نشرت مواقع إخبارية و ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، صورا لوصول طائرة نقل عسكرية سعودية و ضباط كبار من الجيش السعودي إلى مطار عدن الدولي. تقول المعلومات التي تناقلتها مواقع إخبارية و وسائل إعلام خليجية، إن طائرة نقل سعودية تحمل مساعدات وصلت مطار عدن الدولي، و على متنها ضباط كبار من الجيش السعودي. ناشطون جنوبيون، نشروا عددا من الصور لطاقم الطائرة و ضباط سعوديين في مطار عدن و أماكن مختلفة من المطار. و قالت مواقع إخبارية جنوبية، أن الطائرة أقلت إلى عدن مساعدات اغاثية من مركز الملك سلمان، الذي خصص للإغاثة في اليمن، غير أن المصادر التي تناولت الخبر، لم تحدد كمية المواد الاغاثية التي وصلت عدن عبر الطائرة السعودية. و فيما أكد إعلام أنصار الله خلال الثلاث الأيام الماضية أن مسلحيهم و الجيش المساند لهم، تمكن من استعادة السيطرة على المطار، غير أن هبوط الطائرة السعودية في المطار، أكد أن المطار بات بعيدا عن حتى عن السيطرة النارية ل"أنصار الله" و الجيش الموالي لهم. خبر هبوط الطائرة السعودية في مطار عدن، تم تناقله بشكل واسع و بات حديث الساعة في الوسائط الإعلامية التي تقف في صف الرياض، في حين التزم أنصار الله بالصمت و عدم التعليق على ما حدث. هبوط الطائرة السعودية في مطار عدن، يؤشر إلى أن سيطرة مسلحي الفصائل الجنوبية الموالية ل"هادي" و المدعومة بآليات و جنود إماراتيين و سعوديين على المطار و المناطق المحيطة، باتت أمرا واقعا، و تؤكد حجم التراجع لمسلحي أنصار الله و الجيش المساند لهم و الخسارة التي منيوا بها في عدن، حيث لم يعد المطار حتى تحت السيطرة النارية. السعودية و معها الإمارات ستكثف خلال الأيام القادمة من رحالاتها البرية و البحرية إلى عدن، و التي لن تكون للاغاثة فقط و إنما لنقل معدات و قوات عسكرية لتعزيز السيطرة على محافظة عدن و اتخاذها نقطة للانطلاق للسيطرة على المحافظات المجاورة. و في سبيل ذلك ستقوم السعودية و حليفاتها خلال الأيام القادمة على حل مشاكل الكهرباء و المياه و غيرها في عدن، و تغطية ذلك إعلاميا و ضخه بشكل مكثف، لإيصال رسالة لأبناء المحافظات الأخرى أن هناك اهتمام بالخدمات المجتمعية، و التي خرجت عن الخدمة طوال أشهر الحرب الماضية، بهدف إيجاد حاضنة شعبية مرحبة بأي تحركات عسكرية للسيطرة على المحافظات الجنوبية و إيصال رسالة للمحافظات الشمالية، و بالذات التي تمثل حاضنة اجتماعية ل"أنصار الله" أن عودة الخدمات إليها مرتبط بسقوط سلطة أنصار الله، و بالتالي إيجاد حالة من التململ في الأوساط الشعبية، تمهيدا لمحاولة نقل الاضطرابات إلى هذه المحافظات، و بالذات العاصمة صنعاء. الإعلام السعودي و معه الإعلام الموالي للأطراف المحلية الموالية ل"الرياض"، يضخ اخبار الانتصارات في عدن بشكل مكثف، و يسوقه على أنه تحرير ل"عدن" و المحافظات الجنوبية أولا، غير أن الشيء يبدو مختلفا تماما. السعودية تسعى إلى تقوية الفصائل المسلحة الجنوبية التي ترى فيها الحامل المحلي لأجندتها القادمة في الجنوب، على حساب بقية الفصائل الأخرى، و بالذات الفصائل المسلحة المرتبطة بالرئيس هادي، و التي ستكون حاملة لمشروعها القادم في الجنوب. و ما يشير إلى ما ذهبنا إليه، عملية التعيينات و التغييرات الأخيرة للقيادات العسكرية في المنطقة الرابعة و تعيين القيادات المحلية في عدن، و التي تم استبدالها من المواليين ل"هادي"، في مسعى يبدو واضحا لتمكين طرف معين من الظهور في الجنوب خلال المرحلة القادمة. و إلى جانب ينبغي أخذ ما أورده آزال الجاوي - نجل الراحل عمر الجاوي- بعين الاعتيار، حين أشار قبل ثلاثة أيام، إلى أن السعودية و حكومة هادي الموالية لها، رفضت تسليم "أنصار الله" الجنوب لفصائل الحراك الجنوبي، تنفيذا للمفاوضات التي جرت في العاصمة العمانية، مسقط، قبل أيام، و شارك فيها الجاوي. كما أن ما قاله، عضو مؤتمر الحوار الوطني، شفيع العبد، في منشور على صفحته في الفيسبوك، يؤكد ما ذهب إليه الجاوي، حين قال في منشوره: الأيام القادمة حبلى بمفاجآت غير سارة للمقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي السلمي. كل ذلك مؤشر على أن الأجندة السعودية في الجنوب خاصة، تبدو بعيدة عن تخليص تلك المناطق من سيطرة أنصار الله، و إنما تسليمها لأطراف موالية لها. مساعي السعودية لتسليم الجنوب لأطراف موالية لها، يعني التخلص من أطراف جنوبية مسلحة، شاركت خلال الأشهر الماضية في قتال أنصار الله و الجيش المساند لهم، و هو ما يمهد لمرحلة جديدة من الصراع في عدن و الجنوب، بين فصائل مسلحة، و من ثم ترجيح كفة فصيل على حساب فصائل أخرى. كل ذلك سيجعل الفصائل الأكثر تنظيما و الأفضل تسليحا مهيأة للسيطرة على الجنوب على الجنوب، و هنا سيكون تنظيم القاعدة و الفصائل المتشددة المرتبطة به، أكثر حظا في السيطرة على مقاليد الأمور في عدن و الجنوب، خاصة و أن هذه الفصائل أعلنت أنها حاضرة في معارك عدن و الجنوب، و عبرت عن نفسها أكثر من مرة برفع شعاراتها في خضم المواجهات التي بدأت قبل أكثر من "3" أشهر.