- لا شك بأن المتابع العدني الكروي والرياضي بشكل عام يضرب أخماسه في أسداسه حينما يتذكر ولو من باب الصدفة أثناء عبوره اضطرارياً بجانب ملعب الشهيد الحبيشي تلك الأيام التي كان فيها ينتظر لساعات أمام شباك التذاكر المهترئ ذاك أو بوابة الملعب الموصدة جراء الأتربة المتراكمة على مغالقها دون الحاجة لإحكام إغلاقها بأي نوع من أنواع المغالق أو الأقفال، عدن مدينة الذكريات أصبحت تبكي نفسها صباح مساء، ليس لأنها فقدت رونقها الأخاذ فحسب، بل لأنها أيضاً أمست لا تستطيع التعرف على نفسها ولو من باب الرياضة الأكثر زيفاً في هذا الوطن.. كرة الندم!. - يبحلق الرياضي العدني عادةً باسماً حالما تقع عيناه على الصرح المندثر ملعب الشهيد الحبيشي الذي كان وإلى وقت قريب محافظاً على وصله بأحبابه والأوفياء له، لكنه الآن وهو يعيش فترة الصرح الذي كان (حقيقياً)، وليس كما كان على لسان كوكب الشرق أم كلثوم صرحاً من خيال، قبل أن يهوي وبعد أن هوى، لا يمنحك إلا الخيبة! الرياضي العدني يتدارك وضعه مسرعاً قبل أن يقوم بتحويل نظره وسمعه لمن يقف إلى جانبه متحدثاً عن التشكيل المتوقع للمدرب أنشيلوتي في مباراة الريال القادمة في الدوري الاسباني، يتخذ النقاش منحى مغايراً آنذاك هروباً من الواقع المر الذي تعيشه عدن على كافة الأصعدة يعنينا منها هنا الرياضي. - في المقاهي وعلى وسائل النقل المختلفة وهناك في البيت أيضاً، يتأهب الرياضي العدني كل مساء وصباح لتجهيز نفسه لجولات نقاش عادة ما تكون حامية لعلاقتها بشكل أو بآخر بمنافسات الدوريات الأوروبية المختلفة، وكذا منافسات بطولة أبطال أوروبا للأندية تستمر النقاشات عادةً إلى وقت متأخر من الليل، وحتى في أوقات الظهيرة الجهنمية في عدن تجد الناس في الأسواق والحارات والأعمال يناقشون أوضاع الأندية الأوروبية إجمالاً مروراً بالأوضاع الكروية في بلدان كأسبانيا وفرنسا وإيطاليا وانجلترا..!! يمتلكون تقارير مستوفاة عن الحالة المادية لكل نادٍ.. والأنكى من ذلك أنهم أصبحوا يتعاطون مع الأزمات الرياضية الأوروبية المحلية باهتمام لا تجده عند المواطن الأوروبي حتى. - أقليات المهتمين بالرياضة المحلية لا يمنحون الشيء الكثير لعدن، وبمن فيهم رؤساء ومدراء مكاتب الشباب والرياضة في المحافظة، إلا من محاولات بعض المستبسلين والمتمسكين بالتراث الرياضي العدني بشكل خاص واليمني عموماً تكاد مدينة عدن تخلو من النقاشات حول أوضاع الأندية العدنية العريقة المصابة بالكُساح، لن تجد تعصباً لأي نادٍ وليس هناك من متعصبين مطلقاً، فالحال أصبح أحادي الوجه، وكل يغني على ليلاه النائمة هي الأخرى على ضفاف الحسرة وعلى زمن قد ولى وانتهى لا تنفع معه دوران كُرات الندم، عدن تمنح نفسها لأوروبا كلها، وباتت غير قادرة على إيجاد نفسها أو من يأخذ بيديها وبأنديتها وبالتالي رياضييها لمواكبة الأوضاع المزرية التي وصلت إليها وأصبحت واقعاً لا مناص من التعامل معه بنوع من اللامبالاة بعد أن ضمن المتابع العدني راحة باله في متابعة أي شيء، وكل شيء ماعدا المحليات..! لذلك ومن أجل ذلك ستكون عدن أوروبية حتى إشعار آخر لا أظنه قريباً، وستظل أندية هذه المحافظة تُعاني الأمرين دائماً وأبداً لأنها مازالت تمارس طقوسها التنافسية بشكل يتناسب كلياً مع سياسات من جعل من كرتنا اليمنية ليست سوى كرة ندم تندب حظها، وتبكي نفسها أكثر من بكائنا عليها. نشر في ماتش