رفض حكام تونس الإسلاميون الاثنين، خطة تقضي بتخليهم عن الحكم إلى حين إجراء انتخابات جديدة، وهو قرار سيعمق على الأرجح المواجهة بينهم وبين معارضيهم العلمانيين الذين يطالبون باستقالة حكومة الإسلاميين فورا. ويقول محللون إن حزب النهضة الإسلامي المرتبط أيديولوجيا بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، يعيش هذا الأيام وضعا صعبا بعد أن تيقن من أنه آيل إلى نهايته أمام عجزه عن الإفلات من الإعصار الذي يضرب المنطقة، عاصفا بتيارات الإسلام السياسي، منذ أن نجح الجيش المصري في إزاحة حلفائهم الإخوان من حكم مصر. ويضيف هؤلاء أن رفض النهضة التخلي عن الحكم في الوقت الراهن يرجع إلى خوف شديد من مصير ما بعد التسليم، أكثر منه إلى حالة من الاعتداد بالنفس وثقة بموقفهم المتشبث بشرعية يجمع الكثيرون في تونس على أنها شرعية تآكلت منذ ما يقارب السنة. وتشهد تونس التي كانت انتفاضتها هي أول انتفاضات الربيع العربي، اضطرابات منذ اغتيال زعيم من المعارضة في يوليو/تموز، مما هدد عملية الانتقال الديمقراطي التي كان ينظر إليها على أنها الأفضل في المنطقة المضطربة. وتضغط المعارضة التونسية، التي نجحت في فضح ازدواجية مواقف قيادات النهضة من أجل تنحي الائتلاف الحزبي الحاكم في تونس، بعد أن برهنت للتونسيين على فشله المطلق في تحمله لمسؤولية قيادة البلاد. وتقول المعارضة إن انتهاء الشرعية التي تزعم النهضة أنها تحكم تونس بموجبها في ال23 من أكتوبر/تشرين الأول 2012، إضافة إلى الإخفاقات الاقتصادية والأمنية الخطيرة كلها عوامل تستدعي رحيل النظام الحاكم في تونس من أساسه، حتى يتسنى للتونسيين انتخاب حكومة مستقلة وتوافقية تقود البلاد نحو الانتهاء من كتابة الدستور وتهيئة الظروف لانتخابات جديدة تأتي بسلطة شرعية وقوية لعلها تستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه مما خربته النهضة في المرحلة المقبلة. وضغط الاتحاد العام التونسي للشغل الأحد، على الائتلاف الحاكم والمعارضة للقبول بخطة تستقيل بموجبها الحكومة التي يقودها الإسلاميون بعد ثلاثة أسابيع من المحادثات لتحديد موعد للانتخابات وتشكيل حكومة تسيير أعمال جديدة. وأكد بيان لاتحاد الشغل أن هيئته الإدارية "ستنظم احتجاجات في كل جهات البلاد تتوج بمظاهرة ضخمة في العاصمة تونس للضغط على الحكومة التي تقودها حركة النهضة للاستقالة.
ويقول محللون إنه في حال حصولها فستكون الاحتجاجات أول استعراض للقوة لاتحاد الشغل ذي النفوذ السياسي والاجتماعي الذي يضم أكثر من 800 ألف ناشط منذ بدء وساطته بين حركة النهضة والمعارضة. لكن حزب حركة النهضة الإسلامي طالب الاثنين بضمانات جديدة بشأن موعد الانتخابات. وقال إن الجمعية التأسيسية التي تضع الدستور الجديد يجب أن تنهي عملها قبل أن توافق الحكومة على التخلي عن السلطة. وقال عبد الحميد الجلاصي، نائب رئيس حركة النهضة، إن الحركة ترفض تهديد الضغط من الشارع وطالب بمزيد من الضمانات. ويقول مراقبون إن حزب النهضة يخاطر بالبقاء وحيدا في مواجهة الشارع التونسي إذا ما اضطرت المعارضة التونسية مدعومة باتحاد الشغل وقوى عديدة من منظمات المجتمع المدني، للنزول للشارع لإطلاق ما يعتبرونها ثورة جديدة على النظام الاستبدادي الناشئ في بلادهم.