تعاني اليمن من تحديات اقتصادية صعبة خلال الفترة الراهنة وأزمات واضطرابات حادة في الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية تلقي بظلالها على الحياة المعيشية المتدنية للمواطنين، وتفاقم معدلات الفقر والبطالة وتهديد السلم الاجتماعي وإيقاف عجلة التنمية. وأكد أحدث تقرير، صدر مطلع الأسبوع الجاري، عن البنك الدولي أن هناك تحديات وصعوبات اقتصادية بالغة تواجهها اليمن، وأهمها الارتفاع الحاد في العجز المالي وضعف بيئة الأعمال. وتتعاظم مخاوف المواطنين من عدم استشعار القوى المتصارعة لوضع البلاد الاقتصادي والأمني المتردي، واستمرارهم في صناعة النفوذ. ويرى مهتمون أن استمرار هذا الصراع يهدد كل التسويات السياسية والتوافقية التي أبرمت خلال السنوات الماضية والرامية لتجنيب اليمن المخاطر المحدقة، خصوصاً في ظل غياب الدولة القوية التي تتولى توزيع الثروات السيادية وبسط سلطة الأنظمة والقوانين. مؤكدين أن استمرار الصراعات سيؤثر سلباً على مستقبل التنمية والاستقرار في اليمن، وقد تدخله في دوامة يصعب الخروج منها. وأرجع محللون أسباب وصول البلاد إلى هذا الوضع الخطير إلى انصراف حكومة الوفاق عن تثبيت الأمن وانشغالها بترتيب أوضاع قياداتها وكوادرها. وفي سياق متصل قالت إنغر أندرسن- نائبة رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- "إن الصراعات العنيفة في بعض الدول العربية ومنها اليمن، قد تلقي بظلال قاتمة على آفاق النمو الاقتصادي للمنطقة. وتواجه سبعة بلدان بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بينها اليمن، وفقاً لتقرير البنك الدولي "الموجز الاقتصادي الفصلي الخاص بالتوقعات والتكهنات والحقائق الاقتصادية"، نمواً متقلباً مازال أقل بكثير من إمكانياته، وحيزاً محدوداً في المالية العامة نتيجة تنامي عجز الموازنة وارتفاع الدين العام وتراجع الاحتياطي الأجنبي، ما أدى إلى تقلُّص المدخرات المتاحة للاستثمار العام والخاص، بالإضافة إلى ضعف القطاع الخاص الذي يعجز عن دفع النمو وخلق فرص عمل، ولهذا العامل الأخير أهمية كبيرة بسبب الأعداد الضخمة من المواطنين، لاسيما الشباب الأكثر تعليماً، الذين يعانون من البطالة ويدفعون للعمل في القطاع غير الرسمي. وأشار البنك إلى أنه لا يمكن الاستمرار بهذا النمط من الإنفاق الحكومي المتزايد، لاسيما وأن العائدات الحكومية تراوح مستوياتها، ولا تتسم العائدات الحكومية بالتنوع، حيث تعتمد البلدان السبعة على منتج واحد للتصدير، ما يجعل مصدر عائداتها معرضاً بشدة لصدمات الأسعار الخارجية.