? إلى أين يأخذنا الرئيس هادي، وما هي السياسة التي يدير بها البلاد؟ هذا ما يُحيِّر الجميع ويجعل من هادي في أعينهم لغزاً صعب الفهم. قال أحدهم: إما أنه أغبى مما نتصور أو أنه أذكى مما يصوره متملقوه. وأقسم ثانٍ إنه حجر سيلٍ لا يعرف أحدٌ وجهه من ظهره.. وقال ثالث هو السندباد البحري هوى به رخُّ المبادرة الخليجية إلى وادٍ من الألماس يفيض بالأفاعي والحيات الطويلة كالنخل العظيمات، حد قدرة إحداها على ابتلاع الفيل، لا يكاد ينجو من واحدة حتى تظهر له أخرى. أما صالح فقد قال قبل أن يسلِّمه مقاليد الحكم إنه (رجل مُسبَّع مُربَّع). بغض النظر عن الجدل الدائر حول مواقفه المتذبذبة ووصفه بالدهاء تارة وبالخنوع والضعف تارات أخرى، يمكن لمن يضع ما يجري على ميزان النقد والتحليل أن يقطع الشك بما يقارب اليقين، فيكشف أن ما يجري ليس سوى رائحة خبيثة لطبخة ما زال هادي يطبخها على نار هادئة. استلم هادي الحكم والبلد على شفا حرب أهلية، كما قال وكرر في خطاباته. وبفضل قيادته الرشيدة صارت البلد على شفا حروب أهلية كثيرة، وحروب بالوكالة عن أقطاب الصراع في الإقليم، وهذا ما يريد أن يمرره علينا بسكوته وهدوئه المزعوم. من ينظر إلى ما يجري وإلى ردة فعله لا يشك لحظة أنه قائم على رأس سلطة البلد، لكنه في ذلك المكان للأسف. لقد انتهت فترة حكمه الشرعية دون أن يحقق شبر إنجاز لصالح الوطن، في مقابل كثير من التشتت والدمار والحروب، وهذا بقصد منه أو من ابنه جلال يضعنا أمام خيارين لا ثالث لهما حالياً. الخيار الأول، هو أن من يجلس على كرسي السلطة بشرعية بنعُمر قد ألفها ويريد البقاء فيها ولو شكلياً عن طريق فتح البلاد كمسرح لتصفية الحسابات والحيلولة بهذا دون إجراء انتخابات تنزع عنه السلطة. وإما أن اللاجئ من الجنوب عقب الثالث عشر من يناير 86 وقاد عليها الحرب في 94 يريد أن يغير صورته عند أهله ويراضيهم بالثأر من البلد الذي احتضنه عن طريق تشتيته وتدميره، وبتقديم الكثير من الامتيازات والهبات للجنوب على حساب الشمال. يظهر هذا حين نقرأ تعامله مع القاعدة أو مع صراعات أنصار الله مع الإخوان في الشمال. لقد وصلت القاعدة في عهده إلى صنعاء وقتلت ما يربو على مائة وعشرين جندياً في عملية واحدة ولم يحرك ساكناً، ثم هاجمت كلية الشرطة ثم وصلت إلى وزارة الدفاع، وهادي منشغل بتفكيك قوات الحرس الجمهوري، غير أنه لم يتوانَ لحظة واحدة عن حشد القوات العسكرية والشعبية ونقل معسكرات الشمال لمحاربتها في الجنوب. بدأت الحرب بين أنصار الله وبين السلفيين وأنصارهم الإصلاحيين في دماج، وكان هادي يتفرج ليُسلِّم وسام النصر للأقوى، ثم تمدد الصراع حتى وصل إلى إب، وربما يصل تعز، وهادي يمنح المتصارعين مزيداً من الوقت والفرص يريد بذلك تجزيء المجزأ وتصنيف المصنف. قبل مؤتمر الحوار الوطني اتفق الجميع على حل القضية الجنوبية والتمهيد لهذا بتنفيذ النقاط العشرين، غير أن هادي أهمل هذه النقاط وأراد استقطاع الامتيازات للجنوب، وربما التمهيد للانفصال عن طريق تغذية الحراك عند الأزمات لاستغلال الظروف وإملاء المزيد من شروط الهيمنة. وسيشهد التاريخ أن إدارة هادي كانت إدارة انتقامية، وأن البلد في عهده لم تكن بحاجة إلى حمايته، لكنها كانت بحاجة إلى من يحميها منه.??????