مازال الكويتيون كرماء أصيلين وسيظلون.. أفعالهم البيضاء لا تتبعها مِنَّة أو أذى، وحدهم في فضاء العرب الفسيح، وعلى جغرافيته القاسية يبادرون "بإنسانية" تشاركها القيم لتأهيل الروح البشرية وتقديمها للعالم وللحياة بصورة جديدة.. مثلها كمثل لوحة قديمة أدركها التراب فأخفى جمالَ رموزها وإبداعَ ألوانها، وجاءها الكويتيون ليمنحوها رونقاً بهياً وإطلالةً باسمة!. - تلك هي "الكويت"، الجميلة الكريمة، التي منحت بلدي الفقير "اليمن" وسائلَ الحياة والتعليم والطب، أرسلت إلينا قوافلَ المعلمين والأطباء من مختلف بقاع الدنيا على نفقتها، كانت تدرك أنها مسؤولة عن العرب كأمَّة، وأن خير الأرض التي أكرمهم بها الله مشرعة لصلاح الأمة جمعاء وفلَاحِها، وعرفت أن السخاءَ في "الكويت" أميراً وقيادة وشعباً فطرة ما كانت لتكون إلا لهم، وما كانت لتخلق إلا فيهم، وتراكمت في قيادة ذلك البلد الإنساني معانٍ خالدة أوسعت جيرانها وعموم البشرية من عطائها الحبيب وجودها الأصيل.. إلى أن وصل إلى ذروته، متمثلاً في صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح- أمير دولة الكويت الشقيقة- بتكريمه الأممي "قائداً للإنسانية" وبالكويت "مركزاً إنسانياً". - قلت لأصدقائي كثيراً: هذه المرة الأولى التي لم تخطئ فيها "الأممالمتحدة" بقرارها، وحسبها أن ذلك القرار العالمي المُجْمَع عليه الذي اتخذته كان موفقاً وتاريخياً ومسؤولاً وحافزاً لمركز الإنسانية العالمي الجديد أن يمنح أكثر. ليس بالمال تتشكَّل إنسانية الفرد والشعوب، بل بالقيم التي تعلمنا أن نعطي أفضل ما عندنا، ونؤثر على أنفسنا، ولو كان بنا خصاصة، فبها نقترب من الله ومن القلوب، ذلك ما تميز به "أمير الإنسانية"، سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وهو سجلٌّ حافلٌ وطويلٌ لهذا البلد العريق بأمرائه ورجاله وثقافته ورسالته وإنسانيته. - ما زلت أتذكر خطوات سفير دولة الكويت السابق في "صنعاء"، الأستاذ "سالم غصّاب الزمانان"، الواثقة على سلالم قاعة جامعة "ذمار" لإلقاء خطابه الإنساني الأخوي عن تاريخية العلاقة اليمنية- الكويتية وأزليتها.. كنتُ متحمِّساً لذلك الرجل الذي غادر "اليمن" إلى "مصر" الحبيبة، سفيراً لدولة الإنسان في بلاد "أم الدنيا"، ما زلت أراقب خطواته جيداً.. وكلِّي ثقة أن مثل هذا "الرسول" لا يمكن أن يأتي من بيئة غير مكتملة الأركان "ثقافة وكرماً وإنسانية"، لتتساوى بذلك أضلاع الحضارة وتُشيد في عاصمة "الكويت" قلعة الإنسان الحقيقي والأصيل، قلعة المحبة ورسالة الضوء الآخر، والإشعاع الجميل بألوان "قزح" يمنحنا بضوئه بهجة منيرة لحياة ممكنة في عالم الوحشية الذي يأكلنا باستمرار فوضى "الربيع" الكاذب.. وتلك مقارنة العيش والأمان وأمثولة العطاء للقيمة الإنسانية التي خلَّدت في التاسع من سبتمبر الماضي شعباً اسمه "الكويت" مركزاً لإنسانية العالم المتلوِّن والمتعدِّد، وأميراً حكيماً اسمه "صباح الأحمد الجابر الصباح" قائداً للإنسانية جمعاء وأميراً لها.. ولأجل ذلك يحق لي ك"يمني" أن أفخر بهذا التكريم الأسطوري، وأصفِّق له بحرارة.. ذلك ضوء محبة تدفَّق من "الكويت".. وسيستمر. وإلى لقاء يتجدد.