كشف الرئيس السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام، الزعيم علي عبدالله صالح، أن قرار العقوبات الذي اتخذه مجلس الأمن في حقه لم يكن لأسباب جنائية، بل مجاملة لبعض الدول في المنطقة التي هي على خصومة مع الحوثيين. وقال الرئيس صالح، في حوار مع صحيفة واشنطن بوست، إنه تلقَّى تطمينات من الولاياتالمتحدة بعدم الانزعاج من قرار العقوبات باعتباره قراراً سياسياً. وفي ما يلي نص الحوار: * نشكر فخامتكم على إتاحة الوقت لهذه المقابلة، ونعلم مدى انشغالاتكم، خاصة وأنكم من أهم الأشخاص في البلاد.. كيف تعيشون حياتكم، كيف تقضون أوقاتكم؟ - أقضي أوقاتي من الصباح الباكر أمارس الرياضة، ومن الساعة العاشرة أبدأ استقبال الزوار من قيادات المؤتمر والشخصيات الاجتماعية وسياسيين للتشاور ومعرفة المستجدات في البلد حتى الساعة الثانية ظهراً، ومن بعد الساعة الثالثة والنصف أذهب إلى النادي لممارسة الرياضة إلى الساعة السادسة تقريباً السباحة وبعض التمارين مع المدرب.. وبعدها أذهب إلى الراحة لمتابعة التلفزيون وقراءة الصحف.. * تبدون بصحة جيدة.. الحوثيون في الآونة الأخيرة أصبحوا مسيطرين على العاصمة ومسيطرين على الوضع بشكل عام، برأيكم أين ستذهب اليمن الآن؟ - طبيعي أن يكون الحوثيون مسيطرين، وهو نتيجة لغياب الدولة، والسبب ضعف الأداء السياسي للرئيس المؤقت الانتقالي عبدربه منصور هادي، فالأمور كانت مسهَّلة للحوثيين أن يسيطروا.. والآن استؤنف الحوار بين كل المكونات السياسية في فندق موفنبيك برعاية أممية برئاسة جمال بنعمر، ولا زال الحوار متواصلاً.. * الحوثيون أعلنوا إعلاناً دستورياً وقاموا بحل البرلمان، هل تعتبر هذه العملية عملية انقلابية، وهل هذا مؤشر سيئ للاتجاه الذي تتجه إليه اليمن؟ - نحن رفضنا هذا الإعلان، وخصوصاً ما يتعلق بحل البرلمان، لأن البرلمان هو المؤسسة الوحيدة الذي لازال يتمتع بالشرعية، وفي حالة أن يحل البرلمان معناه افتك العقد بين الشمال والجنوب.. الحوار موجود في موفنبيك على أساس إقناع الحوثيين بإلغاء الإعلان الدستوري، وعلى وجه الخصوص ما يخص البرلمان بالذات أنه من الممكن إيجاد غرفة ثانية وهو مجلس الشورى، وأن تمثل الأحزاب غير الممثلة في مجلس النواب في مجلس الشورى.. * هل اليمن على وشك الدخول في حرب أهلية؟ -نحن نتمنى ألا يكون ذلك. * هل أنتم قلقون حيال ذلك؟ -نحن نبذل كل ما نستطيع لتجنب الدخول في حرب أهلية. نحن ومعنا كل السياسيين. * لكن هل ممكن ذلك؟ -إن شاء الله لا. * كيف علاقتكم بالولاياتالمتحدةالأمريكية؟ -طبيعية. * هل هناك تواصل مع حكومة أوباما؟ -في الظرف الحالي لا.. التواصل مع الدولة والحكومة. * بعض النقاد يقولون إنكم ساعدتم الحوثيين على دخول صنعاء، ما هو ردكم على هذا الادعاء؟ -هذا غير صحيح، هذه دعاية ومعلومات غير صحيحة، هذا ما يتحدث به عدد من الأحزاب التي لديها خلاف مع المؤتمر الشعبي العام، مثل الإخوان المسلمين، ومثل الحزب الاشتراكي الذي له خصومة مع المؤتمر منذ عام 94م، ومثل الناصري الذين لهم خصومة مع المؤتمر الشعبي العام منذ عام 78م، الذين حاولوا القيام بعملية انقلابيه في ذلك الوقت.. هؤلاء يسربون معلومات إلى الشارع وإلى السفارات، والسفارات تنقل تلك المعلومات إلى بلدانها، وتصبح هذه الإشاعة على أنها أخبار صحيحة، وهذه هي المشكلة. ونحن نعتب على كثير من الأنظمة سواءً كانت دولاً شقيقة أو صديقة لعدم الدقة في أجهزتها الاستخباراتية وأن تحلل ما مدى صحة هذه المعلومات، هل هو عمل دعائي أو أنها معلومات صحيحة. * عن أية أنظمة تتحدث؟ -مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا ودول الجوار.. وكما فهمت أنا شخصياً أن الولاياتالمتحدةالأمريكية على معرفة ودراية بأن هذه المعلومات غير صحيحة وكاذبة ولكن هم يراعون مشاعر دول الجوار التي تربطهم بها مصالح.. وقد أخبرنا الأمريكان أن قرار العقوبات لم يكن لأسباب جنائية ولكن لأسباب سياسية، هذا من باب التطمين من الجانب الأمريكي. * ماذا تقصدون لأسباب سياسية وما قصدكم أنهم يحاولون طمأنتكم في هذا الشيء؟ -الأسباب السياسية مصالحهم في المنطقة، وتطميننا هو ألَّا ننزعج من القرار، هي مجاملات لأشقائكم، لأن الأشقاء في المنطقة على خصومة كبيرة مع الحوثيين. * عندما كنتم في الرئاسة كنتم معروفين أنكم أفضل محاور على الإطلاق.. كيف كان ممكن أن تتصرفوا لو كنتم في مكان هادي؟ -سأتصرف كما كنت أتصرف عليه في الماضي.. * بمعني؟ -سأتصرف كما كنت أتصرف في الماضي خلال 33 سنة، كما أعتقد أني كنت أتصرف بطريقة مسئولة. * القاعدة كانت ولازالت مشكلة في البلاد، وضربات الطائرة بدون طيار لازالت مستمرة.. هل مازال برأيكم تنسيق بين الولاياتالمتحدة وأجهزة الاستخبارات اليمنية؟ -بالتأكيد.. بالذات مع الرئيس هادي.. * أنا أتحدث في الوقت الحالي؟ - بعد استقالة هادي أعتقد لا يوجد أي تواصل بينهم وبين هادي، ولا بينهم وبين أجهزة المخابرات، فالطائرات بدون طيار تتحرك بإرادتها الحرة بتعليمات من ال سي أي ايه بالولاياتالمتحدةالأمريكية. * كيف ترون استمرارية هذه العمليات بدون تنسيق؟ -من المفترض أن يكون هناك تنسيق.. * لازال هناك مؤيدون كثيرون لكم، وهناك بعض الحديث يدور من المحتمل أن يتم ترشُّح أحمد علي ليكون رئيس؟ -غير وارد.. * إذا كان بالإمكان أنكم تحددون بالضبط ما هو أكبر خطر تواجهه اليمن في الوقت الراهن؟ -الجانب الأمني والجانب الاقتصادي، هاتان آفتان كبيرتان. * ما هي أكبر معضلة بالنسبة للوضع الأمني؟ -غياب الدولة وغياب القيادة والحكومة، ليس هناك قيادة.. البلاد تعيش بدون قيادة.. لكن شعبنا عظيم، أكثر من 17 يوماً بلا قيادة بلا حكومة.. * ما هي أكبر معضلة بالنسبة للجانب الاقتصادي؟ -ليس هناك موارد جديدة، ليس هناك توسع في التنقيب في الجانب النفطي والغازي، وتعرض المنشآت النفطية للإرهاب أدت إلى تضاؤل الموارد. * الكثير يعتقدون أن الربيع العربي قد فشل؟ - أسألك سؤالاً: هل الولاياتالمتحدةالأمريكية وأجهزتها الاستخباراتية ضالعة في الربيع العربي؟ * بالنسبة لي لا أعلم من ذلك شيئاً!! - أنت صحفي سياسي، الصحفيون لابد أن يكونوا بارعين، أنا أقول إن أجهزة استخباراتية كانت ضالعة في ما يسمى الربيع العربي، دعنا نُعطِهم مبررات لهذه الأجهزة الاستخباراتية التي دعمت الربيع العربي، كانت هذه الأجهزة الداعمة للربيع العربي كانت تريد التغيير ربما إلى الأفضل، لكن طلع التغيير إلى الأسوأ.. * نعم، نرى الآن ظهور داعش وظهور المتشددين؟ -يتحملون مسئوليتها. * هل تعتقدون أنه كان خطأ أنكم تنازلتم عن السلطة؟ -لا.. كنت محقاً، لأن الوضع في الوقت الحاضر وفي هذه الأيام لم يأتِ بالأحسن وإنما أتى بالأسوأ، منذ 2011 كل عام أسوأ من العام الذي قبله. * هل ذلك بسبب أنكم غادرتم السلطة؟ – لا.. هل ما يجري في اليمن شيء جيد، هل ما يجري في ليبيا شيء جيد، هذه شغلة أجهزة المخابرات التابعة للدول العظمى. * ماذا يمكن أن تقدمه الولاياتالمتحدة لمساعدة اليمن؟ - كان بيننا اتفاق على برنامج المساعدات، برنامج لوجستي، والولاياتالمتحدة لا تقدم المال هي تشجع أصدقاءها لتقديم الدعم المالي، هي مقدرتها على تقديم الدعم اللوجستي على الجوانب الفنية التدريبات الآليات الخفيفة. * هل تعتقد أن الولاياتالمتحدة إذا ساهمت بالمال ممكن يساعد؟ - نعم إذا تحركت في المجال التنموي يمكن يساعد ويخفف أيضاً من الإرهاب، لأنه عندما تتوفر فرص العمل الناس سيبحثون على العمل والأكل والمشرب بدل البحث عن العنف. * العمليات التي تقوم بها أمريكا بالضرب بالطائرات بدون طيار هل ضررها أكثر من نفعها في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب؟ - لا شك هناك جوانب كانت تحقق أهدافاً، ولكن الأخطاء أكثر من تحقيق الأهداف المطلوبة. * كيف أثرت هذه الأخطاء على اليمن؟ - كان عدد الإرهابيين أقل مما هو في الوقت الحاضر، كلما جاءت أخطاء الضربات بالطائرات بدون طيار كلما توسع تنظيم القاعدة وولد ردود أفعال. * ما مدى خطورة القاعدة في اليمن؟ - مثلما خطورتها في سوريا في العراق في أمريكا في فرنسا، تشكل خطورة لكن خطورتها أكثر في اليمن لأن البلد بلد فقير وبلد نامٍ ولها مضاعفات أكثر مما هي موجودة في الدول الغنية. * هل أنت على تواصل مع عبدالملك الحوثي؟ - لا.. أنتم تراقبون التلفونات، شوفوا إذا فيه عندكم الأجهزة راجعوا الأجهزة عند ال سي أي ايه. * علاقتكم بالحوثيين صعبة شوية، ما رأيكم فيهم؟ - رأيي لابد من أن يستمر الحوار معهم، فيهم ناس عقلاء وفيهم ناس متطرفون، مثل الأحزاب الأخرى فيهم العقلاء وفيهم المتطرفون. * ما هي الغاية والنتيجة النهائية المرجوة لإعادة الاستقرار في اليمن برأيكم؟ -لابد أن يكون هناك جهد دولي وأن يكون هناك برنامج مثلما كان هناك برنامج نهاية الحرب العالمية الثانية في ألمانيا، مثل خطة مارشال تتبناه كل الدول التي تتوفر لديها إمكانيات بالمال، بالتخطيط، بالمهندسين، بالمواد العينية معدات آليات فتح الطرق، وإيجاد فرص العمل، يعني برنامج متكامل. * هل تعتقدون أن اليمن أصبحت ساحة للمعارك ما بين السعودية وإيران؟ - أسمع كما تسمع. * نتمنى أنه كلام فقط؟ -إن شاء الله، الأمريكان أكثر دراية وأكثر خبرة. *شكراً جزيلاً.