(الأخبار اللبنانية، أ ف ب، الأناضول، رويترز) عمليات نوعية شهدتها الحدود السعودية اليمنية مع تصعيد «أنصار الله» في مستوى العمليات وتوسيع رقعتها، بعد تبنّي الجماعة الهجمات التي تهدد العمق السعودي عبر «اللجان الشعبية» والجيش اليمني والقبائل، ما قد يفرض معادلات جديدة على أي عملية سياسية سيطلقها مؤتمر جنيف المقبل. في وقتٍ حجزت فيه المفاوضات التي ستشهدها مدينة جنيف السويسرية، بعد أقل من أسبوع، مكانها في الحراك السياسي اليمني والإقليمي المواكب للعدوان السعودي، انتقلت المعارك على الحدود الشمالية إلى مرحلةٍ جديدة، سمتها التصعيد والضربات الموجعة للرياض. تصعيد في نوعية الهجمات الحدودية واتساع رقعة المواجهات هناك، يمكن القول إنه ينقل الحرب من مرحلة إلى أخرى، واضعاً الرياض في مأزقٍ حقيقي. فبعدما كانت ترفع سقف مطالب عدوانها متمسكةً بورقة «إعادة الشرعية» إلى اليمن، قد تجد نفسها، بفعل الواقع العسكري في مناطقها الحدودية، بحاجةٍ إلى تسوية تتضمن استعادة سيطرتها على الحدود قبل التفكير في أي مطالب أخرى. وتمكن الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» والقبائل، يوم أمس الأول، من السيطرة على مواقع عسكرية استراتيجية في العمق السعودي تضاف إلى المواقع التي تمت السيطرة عليها خلال الأسابيع الماضية، والتي لم تتمكن القوات السعودية من استعادتها بعد. وفي تصريحات هي الأولى من نوعها، بعد اعتراف زعيم «أنصار الله» عبدالملك الحوثي، يوم الأربعاء الماضي، بمشاركة «اللجان الشعبية» التابعة للجماعة في العمليات العسكرية على الحدود، قال المتحدث الرسمي باسم «أنصار الله»، محمد عبدالسلام، إن قصف نجران بالصواريخ يوم أمس الأول «سيتكرر ليطال المواقع العسكرية السعودية من دون المدنيين، وليس كما تفعل الرياض في اليمن». وفي تصريحاتٍ صحافية، توعد عبدالسلام بتصعيدٍ أكبر، قائلاً: «سوف نتحرك بكل الإمكانات المتوافرة للدفاع عن كرامتنا». مصادر من «الإعلام الحربي» قالت لصجيفة «الأخبار» اللبنانية إن «الجيش واللجان الشعبية مستمرون في إطلاق الصواريخ والقذائف على مواقع عسكرية سعودية، أهمها جبل الدخان وأمدود والعين الحارة والجابري وغيرها من المناطق الحدودية. وللمرة الأولى، امتدت المعارك لتتجاوز الحدود من جبهة صعدة نجران، إلى جبهة صعدة الظهران، كذلك انتقلت المعارك أيضاً من جبهة صعدة- جيزان، إلى المواقع السعودية المحاذية لمناطق رازح وشدا والملاحيظ اليمنية». وأدت هذه العمليات إلى هروب جماعي في صفوف الجيش السعودي قبل أن تسقط مواقعهم في أيدي المقاتلين اليمنيين. وبحسب المصادر، فإن أفراد وضباط موقع المخروق الاستراتيجي المحاذي لمنطقة كتاف اليمنية من جهة نجران، فروا بشكلٍ جماعي تحت ضربات مكثفة من الجيش و«اللجان» على الموقع، تاركين سلاحهم وعتادهم. وسقط 10 قتلى على الأقل من العسكريين السعوديين، إضافة إلى إعطاب آليات عسكرية في موقع علب العسكري شمال منفذ البقع الحدودي، جراء قصف صاروخي ومدفعي من قبل الجيش و«اللجان الشعبية»، صباح أمس الأول. في غضون ذلك، تصبّ اتجاهات الحركة السياسية اليمنية والإقليمية المتابعة لمجريات الحرب في إطار التهيئة لمؤتمر الحوار الذي سينعقد في مدينة جنيف الخميس المقبل. وبعد تلميح زعيم «أنصار الله» عبدالملك الحوثي إلى موافقة الجماعة على المشاركة في حوارٍ سياسي تستضيفه دولة محايدة، أكد عضو المكتب السياسي في «أنصار الله» علي القحوم، أمس، «الجاهزية التامة» للمشاركة في المؤتمر. وأوضح في الوقت نفسه أن شرط حكومة الرئيس الفار عبدربه منصور هادي انسحاب الجيش و«اللجان» من مؤسسات الدولة ومن المحافظاتاليمنية للمشاركة في الحوار «هو عرقلة واضحة لإفشال هذا الحوار الذي أتى برعاية أممية». وفي حديثٍ مع وكالة «دويتشه فيلله» الألمانية، قال القحوم إن «أنصار الله» لن تقبل بشروط تلك القوى السياسية، مضيفاً أنها «لن تسلم مؤسسات الدولة لتنظيم القاعدة». وأكد أن ليس لدى «أنصار الله» أي شروط سوى أن يعقد هذا الحوار في بلد محايد، وأن يتم من خلاله تنفيذ مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية. من جهتها، أيّدت طهران الحوار بين القوى اليمنية ولكن «من دون تدخل خارجي». جاء ذلك على لسان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، خلال استقباله المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، حيث أكد ظريف أن بلاده «تؤيد المبادرات من أجل إعادة المجموعات اليمنية إلى طاولة المفاوضات... وترى أنه يجب ألا يشارك في الحوار أي بلد آخر، غير الأطراف اليمنيين»، مشيراً في الوقت نفسه إلى إمكانية «أن تؤدي الدول الأخرى دوراً مساعداً في هذه العملية». بدوره، شدد ولد الشيخ على ضرورة «عدم استبعاد أي مجموعة من الحوار الذي يقدم فرصاً أكبر للتوصل إلى حل سياسي».