أحمد الحسني يعرف هادي أكثر منا أنه ليس مونتجمري ولا رومل لتكون لحنكته العسكرية قيمة في قيادة معركة تعز، كما نعرف ويعرف أنه ليس الزعيم الروحي والمليك المفدى الذي سيلهب وجوده مشاعر المقاتلين ويقوي عزائمهم، خصوصاً إذا كانوا مجاميع مرتزقة وشذاذ آفاق في معركة خاسرة سلفاً، ولذلك لم يستطع أن يتكلف مظهر الرضا أو إخفاء ملامح الخوف من عودته الثانية إلى عدن وهو يغادر الطائرة التي أقلته من الرياض بخطى متثاقلة ووجه متغضن يشعر كل من يراه بحجم الإكراه على العودة الذي فرضه عليه أسياده في الرياض، يدرك أن في طاعة أسياده هذه المرة مجازفة حقيقية بحياته، ولكنه يدرك أيضاً كمرتزق أنه مجرد يافطة مدفوعة الثمن سلفاً لا يملك الرفض ولا الاعتراض. بعيداً عن ضجيج وسائل إعلام العدوان حول قيادته لمعركة تعز وباستثناء غباء قيادة العدوان، وهو أمر وارد يبقى هناك احتمالان يمكن أن يكون أحدها إجابة للسؤال: لماذا أعيد هادي إلى عدن؟ الأول: أن تكون قيادة العدوان قد قررت التخلص من هادي كورقة محروقة يصعب تسويقها في مستقبل اليمن عموماً والجنوب خصوصاً، وإزاحته من طريق خالد بحاح الذي يحتفظ به العدوان بعيداً في سقطرى. الثاني: أن العدوان يهدف من إعادة هادي لقيادة معركة تعز تحميله المسئولية المباشرة عن جرائم الحرب التي تعتزم قيادة التحالف ارتكابها في جبهة تعز، والتي يستميت العدوان لتحقيق ما يمكن أن تسوقه وسائل إعلامه كنصر يعوض خسائرها في الجبهات الأخرى، ولدى قيادة العدوان من الخسة ما يعزز هذا الاحتمال، إضافة إلى صفقات الأسلحة المشبوهة الأخيرة التي اشترتها المملكة مؤخراً، والحشود والاستعدادات المبالغ فيها والطيارين الأمريكيين الذين وصلوا إلى الرياض لمساعدة المملكة على تحقيق إنجاز ميداني ولو رمزي يكفل لها الخروج بالقليل من ماء الوجه من هذه الحرب التي تتزايد الضغوط الداخلية والخارجية عليها للخروج منها بعد الهزائم والفشل المتراكم على مدى 8 أشهر. ربما خرج هادي من عدن مرة أخرى وقد لا يخرج، لكن المؤكد أن المملكة وتحالف العدوان لن تخرج بغير المزيد من الهزائم، ولن يكفي هادي ولا بحاح لأن يكون ورق التواليت المناسب لمسح قذارتها في هذه الحرب، ولعل في الهزيمة النكراء التي لحقت العدو ومرتزقته في المحاور الثلاثة التي شنوا منها هجومهم الكبير على تعز منذ يومين، ومئات القتلى والجرحى الذين سقطوا على أيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية في ذباب وباب المندب، والوازعية وكرش والشريجة ما يغني عن المزيد.