بعد قليل من قيام التحالف السعودي- الوهابي في بلدة الدرعية في نجد عام 1754 ميلادي، كتب حاكم الدرعية الأمير محمد بن سعود إلى حاكم إقليم عسير اليمني يقول له: ندعوكم وأهل عسير إلى الدخول في الإسلام (أي أتباع مذهب محمد بن عبد الوهاب، وموالاة الدرعية)، لتكونوا لنا ظهرا كي نطهر الحرمين، فالجزيرة العربية، فبلاد الإسلام عامة، من الشرك والمشركين.. حاكم عسير إقليم عسير محمد بن أحمد آل يزيد، رد على النجدي ردا قويا، قال له: أنتم هدفكم من دعوة هذا الشيخ مد النفوذ والسيطرة، إن أتباعكم وأتباع هذا الشيخ يغزون القرى، أناس جهلة، سلابين، يكفرون المسلمين، يحلون دماء المسلمين المعصومة، ويسبون نساءهم، ينهبون أموالهم بالقوة ويعتبرونها غنائم، وهذا يخالف الشريعة لو تعلمون، وهذا الشيخ ابن عبد الوهاب لو كان تقياً فواجبه تنبيه أولي الأمر ونصحهم، وليس تحريضهم على قتل المسلمين، واعلموا أن جزيرة العرب وغيرها من بلاد الإسلام مليئة بالعلماء منذ فجر الإسلام إلى اليوم، رفع الله بهم الجهل، ونصر بهم الحق، وقد استبان سبيله.. فكان الرد السعودي- الوهابي: إنكم وأهل عسير أشد الكفرة اللئام على أهل الإسلام. بعد وفاة الأمير محمد بن سعود، صار ابنه عبد العزيز حاكما للدرعية، وبجانبه محمد بن عبد الوهاب، وكان حكم إقليم عسير اليمني قد انتقل إلى الأشراف، وحاكم الإقليم الشريف حمود بن محمد الملقب ب"أبو مسمار"، كان في حالة صراع مع السعودية- الوهابية في نجد، واستطاع كسر الغزاة النجديين الوهابيين الذين حاولوا إخضاع عسير، فقالوا عنه: مشرك، كافر، وأهل عسير مشركون.. ولما ساءت العلاقة بين حاكم عسير وإمام اليمن، استغل النجديون هذا الخلاف، واستمالوا "أبو مسمار" بالأموال ثم زودوه بمقاتلين وهابيين، وقالوا له أنت الآن رجل الدعوة، وعليك الإسلام في تهامة اليمن، ومعك أصحابنا المجاهدون، ولعل الله يفتح على أيديكم، ففعلها أبو مسمار وعمل نفسه داعية وهابية، وسار ومعه جيوش الوهابية حتى تمكن من انتزاع الحديدة لبعض الوقت، ولما شعر أن حكام الدرعية السعوديين الوهابيين يحاولون جعله وإقليم عسير تابعا لهم، تمرد وأعلن موالاته للدولة اليمنية، فقالوا عنه: لقد ارتد عن الإسلام، وارتد معه أهل عسير إلى الشرك، وخطب خطيب عرفة في موسم حج 1224 هجري يقول: "ألا لا يحجن بعد العام مشرك، وأول قتال نبدأ به في هذا العام، قتال حمود أبو مسمار المرتد عن الإسلام، المعافر، الناكث، ثم نثني بقتال صاحب صنعاء الزيدي المشرك.." اقرأوا في تاريخ السعوديين وعلاقتهم مع اليمن منذ عام 1754، ستجدون أن موقفهم من اليمن، هو هذا، لم يتغير إلى اليوم، إما أن تكونوا تابعين لنا وأنتم خير الأمم وزبدة الإسلام، وإما أن تقولوا لا، وأنتم أشرار يجب قتلكم واغتيال حكامكم.