علق مصدر مسئول بقطاع الاقتصاد والإدارة بالمؤتمر الشعبي العام بأن الإجراءات التي اتخذها النظام السعودي بتخفيضه للمرتبات وفرضه رسوماً وأعباء إضافية على الشعب السعودي بسبب خسائرها في العدوان على بلادنا يعكس سوء إدارة وتقدير لدى حكام النظام السعودي الحاليين، وتبديدهم للأموال بما لا يخدم مصالح الشعب السعودي أو يعود عليه بالنفع، أو على الأمة العربية والإسلامية، وإنما في سبيل تدمير الدول العربية وإثارة الفتن والحروب والفوضى. وأوضح المصدر: "بأنّ الأمر كان سيكون مقبولا لو كان الهدف من هذه الإجراءات تحرير فلسطين والقدس الشريف"، وقال "أمّا أن يتم ذلك لأجل العدوان على اليمن، فاليمن لا يحتاج لتحرير، وإنما يحتاج لكف أذى النظام السعودي عنه، والذي ليس بينه وبين الشعب السعودي أي خلاف سوى العدوان الذي شنه آل سعود على اليمن دون مبرر. وأضاف المصدر أن ممارسات النظام السعودي تأتي تنفيذا لمخططات الكيان الصهيوني والتي تنهك الشعب السعودي وتحمله أعباء وتخلق له العداوات مع جيرانه. وتعبيراً عن حجم المأزق الذي وصلت إليه الرياض، أصدر مجلس الوزراء السعودي في اجتماع رأسه الملك سلمان، أمس الأول، 4 أوامر ملكية صادمة للشعب السعودي قضت بتخفيض الراتب، وإلغاء بعض العلاوات والبدلات، وتعديل البعض الآخر منها، في الوزارات والهيئات الحكومية والمؤسسات العامة، باستثناء المشاركين في القتال في نجران وجيزان وعسير، والمهام العسكرية والأمنية خارج المملكة. ووفقاً لتقارير دولية فإن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها المملكة اليوم جرءا هبوط أسعار النفط الخام أكثر من النصف منذ 2014م إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل، وارتفاع تكلفة فاتورة حربها على بلادنا والتي تقدر يومياً ب200 مليون دولار، وفقاً لتقارير دولية باتت واضحة ولم يعد هناك أدنى شك أن إدارة الملك سلمان ونجله محمد ونجل شقيقه محمد بن نايف المسيطرين على كافة جوانب السلطة، قادت البلاد إلى حافة الانهيار سياسياً واقتصادياً. وسجلت المملكة عجزاً في الموازنة بلغ مستوى قياسياً عند 98 مليار دولار العام الماضي، الأمر الذي تسبب بجمود اقتصادي عرض العديد من الشركات إلى الإفلاس وتحديداً في قطاع الإنشاءات.. حتى أن شركة "بن لادن" كبرى شركات المقاولات في المملكة أعلنت عجزها عن صرف رواتب موظفيها. ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية تقريراً تحت عنوان "السعودية تنحدر". وذكرت الصحيفة نماذج من المواطنين السعوديين الذين تضرروا بسبب الوضع الاقتصادي المتأزم في البلاد بينهم "محمد إدريس" الذي اعتاد على السفر إلى لندن مرة أو مرتين سنوياً، ولكن في هذه الأيام يطلب من زوجته وأولاده، تقليل استخدامهم لسيارة العائلة، وذلك من أجل توفير الوقود، كما قام بتركيب ألواح الطاقة الشمسية في مطبخ منزله للحد من تكاليف الكهرباء. تضيف الصحيفة: أصبح المستهلكون السعوديون الذين يعمل أغلبهم في وظائف حكومية، قلقون أكثر بشأن مستوى إنفاقهم في الأشهر الأخيرة، وفق ما قالته المواطنة "أريج العاقل" من شركة صون للاستشارات المالية، والتي تقدم خدمات التخطيط المالي لأفراد وأسر الطبقة المتوسطة. وهذا يعني تقليص نشاط شعبي لأغلب السعوديين في الطبقة المتوسطة، كتناول الغذاء خارج المنزل. ووفقاً للصحيفة الأمريكية المتخصصة لا تملك الحكومة السعودية الكثير من الخيارات، لمواجهة انخفاض أسعار النفط وارتفاع كلفة حربها الفاشلة في اليمن، حيث تباطأ النمو في الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.5% في الربع الأول من العام، وفقاً لمكتب الإحصائيات التابع للدولة، ووفقاً لبيانات مؤسسة "الكابيتال إكونوميكس" ارتفعت هذه النسبة ل 2% في الربع الثاني من العام. والأكثر من ذلك، إن القطاعات التي تشهد تباطؤاً هي التي تقدم الخدمات والمنتجات بشكل مباشر للمستهلكين، والتي بدأت تعاني منذ بداية هذا العام، حيث أدى التضخم المرتفع إلى تآكل دخل الأسر. وبدأ السعوديون بالتحدث حول قلقهم من وجود أزمة اقتصادية، حيث يقول -"عماد الماجد" لصحيفة "وول ستريت جورنال"وهو فنّي صيدلة بالعاصمة الرياض: "نحن نمر بفترة صعبة، وسوف تكون هناك معاناة". وأخذ الماجد، وهو والد لطفلين، قرضاً من البنك لشراء شقّة العام الماضي، وهذا القرار جعله يعيد النظر في طريقة إنفاقه كما يقول. وأضاف: "إذا كنت معتاداً على نمط معين من الإنفاق، كيف يمكن لأحدهم إخبارك بتحديد نفقاتك وإلغاء العديد من الأشياء؟ بالتأكيد سيكون الأمر صعباً على كثير من الأشخاص". ويؤكد المحللون: لكي تتحسن الأوضاع المالية في السعودية، فإنها بحاجة إلى أن يرتفع سعر النفط ليصل إلى 70 دولاراً للبرميل بدلاً من سعره الحالي، والذي يبلغ 46 دولاراً للبرميل. وكانت السعودية قد فشلت في التوصل إلى اتفاق مع كبار الدول المنتجة للبترول بهدف تجميد إنتاج البترول في نيسان/أبريل الماضي، الأمر الذي دفع أناساً مثل "محمد إدريس" الموظف بالخدمة المدنية ليصبح أكثر حذراً، بشأن نفقاته لأنه يرى بأن الناس من أمثاله هم من يتحملون النصيب الأكبر من أعباء انخفاض أسعار النفط. ووفق صحيفة "وول ستريت جورنال" يعتقد المراقبون بأن المواطنين السعوديين لا يرغبون بإظهار تذمرهم على ارتفاع التكاليف، ولكن هناك استياء عام من هذا الأمر بشكل واضح. وفي تصريح لروبين ميلز، الرئيس التنفيذي لشركة "قمر" للطاقة، وهي شركة استشارية مقرها دبي، يقول فيه: "لا يتم التعبير عن السخط من المواطنين السعوديين الآن إلاّ في حدود ضيقة، لكن إذا استمر التباطؤ وبدأ يؤثر على فرص العمل المحلية فسيزيد التذمر". وتعاني السعودية من فقدان كبير للوظائف بين عمّال البناء، وأكثرهم من الدول الأجنبية الأشد فقراً، حيث تعاني شركات البناء المدعومة سابقاً من الحكومة من جفاف التمويل الحكومي. كما تتعرض السعودية إلى مخاطر سياسية مرتفعة نتيجة فشلها في معالجة هذا التباطؤ. وتشن السعودية عدواناً على اليمن منذ عام ونصف العام، واستوردت خلال تلك المدة أسلحة من أمريكا بمئات المليارات وفقاً لتقارير دولية. واشتعل موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بعدة تغريدات من قبل ناشطين سعوديين تنتقد عدم اشتمال مخصصات الأمراء لقرار التخفيض. وتحت وسم «#إيقاف_مخصصات_الأمراء» طالب المغردون بوقفها لأنها تكلف خزينة الحكومة السعودية مبالغ طائلة، مؤكدين أنها الأولى بالتخفيض أو الوقف لتقليل الإنفاق الحكومي. يذكر أنه في عام 2011، قالت وكالة «رويترز» للأنباء في تقرير نشرته بناء على اطلاعها على مجموعة من وثائق ويكيليكس أن مجموعة من الأمراء المقربين من الملك ينفقون مبالغ تصل إلى 10 مليارات سنويا. وقال تقرير «رويترز» استنادا إلى الوثائق أن هناك مشروعين لا يخضعان للرقابة أو لإشراف، وزارة المالية السعودية وهما مشروع المسجد الحرام ومشروع الخزن الاستراتيجي الذي يتبع وزارة الدفاع، وأنه يعتقد أن هذين المشروعين يمثلان مصدراً لعائدات كبيرة لعدد من الأمراء. وقال التقرير نقلا عن الوثائق، إن أميرا سعوديا أفصح للسفارة الأمريكية عن مليون برميل من النفط تباع يوميا لصالح خمسة أو ستة أمراء. الوثيقة الصادرة في نوفمبر 1996 بعنوان «ثروة العائلة المالكة السعودية: من أين لهم كل هذه الأموال؟»، تقدم صورة تفصيلية عن كيفية عمل نظام المحاباة الملكي السعودي. تبدأ الوثيقة بجملة قد تكون روائية: «الأمراء والأميرات السعوديون، الذين يقدّر عددهم بالآلاف، يُعرفون بثرواتهم الضخمة والميل إلى تبديدها». كما تحدثت الوثائق أن الأمراء السعوديين يتقاضون مخصصات مالية منذ ولادتهم، وأن هذه المخصصات المالية يعتقد أنها كلفت الخزانة الوطنية قرابة ملياري دولار عام 1996 حينما كانت ميزانية الدولة لا تتجاوز 40 مليار دولار.