حذر مايكل هورتون، كبير المحللين للشؤون العربية في مؤسسة جيمس تاون الأمريكية من أن الردود العكسية لسياسة أمريكا الكارثية في بلادنا ستكون بالغة من حيث انتشار الأسلحة وتمكين تنظيم القاعدة. وقال مايكل، المختص باليمن ومصر، في مقال تحليلي نشرته صحيفة "ناشيونال انترست" الاثنين الفائت إن آل سعود ينفقون مليارات الدولارات على حرب لا يمكنهم الفوز بها، ولذا فإن عدم الاستقرار في اليمن سيؤثر، حتماً على أمن المملكة نفسها، لافتاً إلى أن محافظات جيزان ونجران وعسير، على الحدود اليمنية، هي عرضة لهجمات انتقامية متكررة وطويلة. مشيراً، أن حركة الحوثيين، الذين تحالفوا مع أفضل وحدات مسلحة ومدربة من الجيش اليمني، ليس لديها حاجة كبيرة للأسلحة الصغيرة أو المتوسطة الإيرانية. فاليمن بالفعل ثاني أكبر دول العالم مدججة بالسلاح على كوكب الأرض بعد الولاياتالمتحدة. وبفضل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة - وليس إيران - اليمن الآن مغمورة حقا بالأسلحة الثقيلة، وليس بالأسلحة الصغيرة والمتوسطة فقط. ولذا فإن النكتة المستشرية في اليمن، هي أن أسرع طريقة لتكون غنياً، هي إنشاء ميليشيا مؤيدة لحكومة المنفى. مؤكداً أن المستفيدين الرئيسيين للحرب في اليمن هما: مصنعو الأسلحة (أمريكا وبريطانيا) وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. ولفت إلى أن الحرب في اليمن وحشية كالحرب في سوريا، وأن السعودية تشن حملة جوية وحشية دمرت البنية التحتية ستحتاج اليمن عقود لإعادة بنائها. نص المقال: لم تتلقَ الحرب في اليمن اهتمام وسائل الإعلام سوى القليل. ومع ذلك فهي وحشية كالحرب في سوريا. وستكون نكسة سياسة الولاياتالمتحدة في اليمن التي تدعم الحرب السعودية عويصة وبالغة، ليس لكل المنطقة فحسب، بل وربما بالنسبة للولايات المتحدة. فرضت المملكة العربية السعودية وشركاؤها في التحالف، حصارا بحريا على اليمن. اليمن بالفعل أفقر دولة في الشرق الأوسط، وتستورد 90 بالمائة من احتياجاتها الغذائية والأدوية. مئات الآلاف من اليمنيين يواجهون الموت جوعاً مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، التي أصبحت الآن، إما غير موجودة أو صعبة الوصول. وتقدر الأممالمتحدة أن أكثر من 80 في المائة من سكان اليمن، في حاجة عاجلة للمساعدات الإنسانية. الرئيس التنفيذي لمنظمة أوكسفام، مارك جولدنغ، قال: "اليمن يموت جوعاً ببطء.في البداية، كانت هناك قيود وحظر على الواردات، بما في ذلك الكثير من الاحتياجات الغذائية. وعندما خففت تلك القيود جزئياً، قُصفت الرافعات في الموانئ، ثم المستودعات، ثم الطرق والجسور. هذا ليس عن طريق الصدفة.. بل منهجي". وبالتزامن مع الحصار البحري، تشن السعودية حملة جوية وحشية، دمرت البنية التحتية في اليمن. الجسور والطرق والمدارس والمستشفيات وآبار المياه، ووفقا لبعض التقارير، حتى المزارع والبساتين كلها قد استهدفت. تكلف الأضرار التي لحقت البنية التحتية في اليمن بالمليارات من الدولارات، وربما يحتاج عقود لإعادة بنائها، وربما لن يتم بناؤها. ومع ذلك، هذه ليست سوى التكلفة المادية للحرب. التكلفة على الشعب اليمني وبشكل خاص لشعبها، أي نحو 60 في المائة من الشباب اليمنيين هم تحت سن 24 عاماً لا تحصى ولا تعد. أعداد كبيرة من الأطفال اليمنيين لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة، والأطفال يعانون من سوء التغذية، والبطالة كانت مرتفعة قبل الحرب، لكن الآن أصبحت مزمنة. ومن المرجح أن يواجه جيلاً كاملاً من اليمنيين، تحديات عميقة، بسبب حرب عبثية، جعلته عرضة للخطر وزيادة الحرمان. هناك نوعان من المستفيدين الرئيسيين للحرب في اليمن: مصنعو الأسلحة وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. لقد كانت الحرب هدية على حدٍ سواء. صانعو الأسلحة البريطانية الولاياتالمتحدة، يزودون المملكة العربية السعودية وشريكتها، الإمارات العربية المتحدة، بالمليارات من الدولارات من الأسلحة. القاعدة في جزيرة العرب، الذي كان يكافح قبل بداية الحملة التي تقودها السعودية، يزدهر الآن ويتوسع. قبل انطلاق الحملة العسكرية للتحالف بقيادة السعودية، في 26 مارس عام 2015، كان القاعدة في جزيرة العرب فقير بالأموال، بسبب محاربته من قبل الحوثيين وحلفائهم، لكن بعد ما يقرب من عامين، هيأ التدخل العسكري ظروفا أفضل للقاعدة، البيئة التشغيلية في اليمن الآن مثالية للمنظمات المتطرفة المسلحة مثل القاعدة، وقد دفعت الحرب الملايين من اليمنيين إلى براثن الفقر وجعلتهم عرضة للتطرف. القوات المسلحة اليمنية في حالة من الفوضى، وتوقفت هياكل الدولة في معظم المناطق، والبلد، أكثر من أي وقت مضى، غارق في الأسلحة والعتاد. فلماذا تقوم الولاياتالمتحدة بمساندة حرب دمرت معظم منشآت وبنى تحتية لواحدة من أفقر دول العالم، وعلى الأقل وبشكل غير مباشر ساعدت من تمكين أحد أكثر التنظيمات المتطرفة فتكاً وتطوراً (تنظيم القاعدة)؟ الرواية التي تبنتها الكثير من وسائل الإعلام وعلى ما يبدو من قبل أجزاء من حكومة الولاياتالمتحدة هو أن الحوثيين يعملون كوكلاء لإيران، وتشكل تهديدا لحليف الولاياتالمتحدة، المملكة العربية السعودية. وعلى الرغم من التقارير حول تزويد الحوثيين بأسلحة إيرانية، فإن الواقع، الحوثيين، الذين تحالفوا مع أفضل وحدات مسلحة ومدربة من الجيش اليمني، ليس لديها حاجة كبيرة للأسلحة الصغيرة أو المتوسطة الإيرانية. فاليمن بالفعل ثاني أكبر دول العالم مدججة بالسلاح على كوكب الأرض بعد الولاياتالمتحدة. الآن، وبفضل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة -وليس إيران- اليمن مغمورة حقا بالأسلحة الثقيلة، وليس بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة فقط. أنفقت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ملايين الدولارات على تسليح مزيج متباين من الجماعات المسلحة من الأسلحة الموجهة المضادة للدبابات إلى ناقلات الجنود المدرعة. النكتة المستشرية في اليمن هي أن أسرع طريقة لتكون غنياً، هي إنشاء ميليشيا مؤيدة لحكومة المنفى. تستطيع جمعها وبيعها على الفور، وتتقاعد إلى الريف أو الأفضل من ذلك، مغادرة البلاد. أسواق السلاح دائما جيدة التجهيز في اليمن. والآن متخم بأسلحة وعتاد من كل الأنواع، بما في ذلك طائرات بدون طيار ومجموعة متنوعة من الأسلحة الثقيلة. بدلا من التركيز على الدعم الإيراني المحدود للجماعة (الحوثيين) التي تجاهلت نصيحة إيران عن عدم الاستيلاء على صنعاء في سبتمبر 2014، على الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة النظر في تداعيات عشرات الملايين من الدولارات من الأسلحة التي يتم توريدها للجماعات المسلحة في اليمن من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. ومن المؤكد أن بعض هذه الأسلحة، قد تم بيعها بالفعل إلى منظمات مثل القاعدة في جزيرة العرب وربما إلى حد بعيد حركة الشباب في الصومال. إن انتشار الأسلحة وتمكين القاعدة في جزيرة العرب ليسا سوى اثنين من جوانب نكسة سياسة الولاياتالمتحدة الخاطئة في اليمن التي أنتجتها بالفعل. من المحتمل أن تكون النتيجة، أيضاً، أضرار تلحق بيت آل سعود. آل سعود ينفقون مليارات الدولارات على حرب لا يمكنهم الفوز بها. ولذا، فإن عدم الاستقرار في اليمن من المرجح أن يستمر لسنوات، وسوف تؤثر على أمن المملكة العربية السعودية نفسها. حتى الآن، محافظات السعودية جيزان ونجران وعسير، على الحدود اليمنية، هي عرضة لهجمات انتقامية متكررة وطويلة من قبل قوات الحوثي والوحدات الحليفة للجيش اليمني. وفي حال اعتبرت إدارة الرئيس المنتخب ترامب أن إيران هي التهديد الرئيس للاستقرار في الشرق الأوسط، فمن المرجح أن الوضع في اليمن سيشهد مزيدا من التدهور، واستمرار ازدهار جماعات مثل القاعدة في جزيرة العرب. نفس هذه الآراء غير السليمة، أدت إلى غزو العراق، الأمر الذي أدى إلى انقلاب جذري في ميزان القوى في الشرق الأوسط. تصرفت الحكومة الإيرانية بسرعة لملء الفراغ. إيران تملك الآن تأثيراً هائلاً في العراق. الأهم من ذلك، غزو العراق وانشغال المحافظين الجدد مع إيران، ساعد في إرساء الأسس لقيام "داعش" في جميع أنحاء المنطقة. من أجل الملايين من اليمنيين الذين تمزقت بلادهم، نأمل من مستشاري السياسة الخارجية للرئيس المنتخب النظر في أخطاء الماضي وإعادة تقييم سياسة الإدارة المنتهية ولايتها في اليمن. *مايكل هورتون: كبير المحللين للشؤون العربية في مؤسسة جيمس تاون ومتخصص في شؤون الشرق الأوسط مع التركيز بشكل خاص على اليمن ومصر.