شهدت عدن، أمس، حالة من التوتر بين مليشيات الضالع وأخرى من أبين عقب رفض وزير داخلية الفار هادي، حسين عرب، اعتماد (6) آلاف مجند من الضالع في كشوفات مرتبات "الأمن" في عدن، وسط تحذيرات ناشطين من أن تفجر "الصراعات المناطقية في المدينة حربا أهلية"، والتي كان قد حذر منها الرئيس الأسبق علي ناصر محمد من واقع تجربته كأحد أهم من تولى رئاسة الشطر الجنوبي من الوطن قبل الوحدة، وانتهت فترة حكمة عام 86 بأفظع المجازر الوحشية في تاريخ اليمن. وقال فضل باعش -سكرتير حسين عرب- في بيان صحفي أنه تم رفض كشوفات تضم قرابة 6 آلاف مجند تقدم بها نائب مدير أمن عدن "ولم يرفض صرف الرواتب"، لافتاً إلى أن ذلك بناءً على اتفاق مسبق. وقال باعش إن اتفاقاً جرى مع هادي قبل عام -قبل تعيين الاحتلال لشائع مديراً للأمن- وقضى بتجنيد (500) مجند من كل مديرية على مستوى المحافظات الجنوبية، مشيرا إلى أن حسين عرب فوجئ أمس بوصول كشف يضم أسماء 6 آلاف مجند جميعهم من الضالع بحجة أنهم يتبعون "مدير الأمن". وتناقلت مواقع إلكترونية تصريحات لسلطات الحراك أشارت خلالها إلى انتماء جميع منتسبي اللواءين (111، 115) إلى منطقة واحدة في أبين، إضافة إلى اتهامات لوزير داخلية الفار برفض اعتماد مجندي ما تسمى قوات "الحزم الأمني" التي تنتمي إلى يافع وتنتشر في عدن بحجة "استلام مرتباتهم من الإمارات". وفضلاً عن تشكيل لواءين عسكرييين بكامل قوامهما من أبين، قال مصدر قيادي في الحراك الجنوبي ل"اليمن اليوم" –دون الكشف عن اسمه خشية على حياته- إن استبدال هادي للجيش الوطني –حسب توصيفه- بكتائب مناطقية من أبين لحماية القصر الرئاسي من شأنه أن يصب النار على الزيت، ويفاقم الصراع المناطقي الكامن. وفي السياق قال الناشط السياسي والإعلامي بشير السيد -في منشور على صفحته بالفيسبوك- إن "المسلحين الذين يقومون بحماية بوابة قصر معاشيق في محافظة عدن حيث يقيم هادي وحكومة بن دغر، ويتناوبون على نقاط التفتيش المؤدية إلى القصر، عبارة عن مليشيات يرتدي أفرادها زياً أسود وقبعات حمراء وكتبوا على أطقمهم وسياراتهم (كتائب أبين)!!". وأضاف: لا وجود للجيش "الوطني" الذي يتم الترويج له منذ 20 شهرا، نحن أمام تشكيلات عديدة من المليشيات العصبوية، مناطقية وجهوية ودينية. واختتم السيد منشوره معلناً تضامنه مع ما أسماه (مفهوم الشرعية) الذي قال إنه يتعرض كل يوم للتنكيل والإهانة من قبل هادي وعصابته. مجند في الجيش يشعل النار بنفسه إلى ذلك قال شهود عيان ووسائل إعلام الحراك الجنوبي إن جنوداً في عدن أحبطوا أمس محاولة جندي في الجيش إضرام النار في نفسه وسط مديرية الشيخ عثمان عقب أسابيع من محاولته تسلم مرتبه دون جدوى. وقالت المصادر إن الجندي كان يمر وسط مديرية الشيخ عثمان عندما صرخ بأعلى صوته "سرقوا راتبي" وباشر بصب البنزين على جسده وإشعال النار فيه، وأصيب بجروح نقل على إثرها إلى المستشفى عقب تمكن مواطنين من إطفائه. ونقل موقع "عدن الغد" المحسوب على الحراك عن مقربين من الجندي قولهم إنه كان يتابع منذ أشهر راتبه لدى اللجنة لكن زملاءه من أبين أبلغوه بتسلمهم مرتباتهم بينما "لم يتمكن هو من استلام راتبه". كما نقل المصدر عن جنود في معسكر بدر قولهم إن حراسة لجنة الصرف تستخدم عصي كهربائية لضربهم وطردهم من المعسكرات بعد أن تقرر استبدالهم بآخرين بدوافع "مناطقية". يذكر أن الصراعات طفت بين الفصائل المنتشرة في عدن مطلع الشهر الجاري مع إعلان حكومة الفار تشكيل لجان "صرف مرتبات". وبدأت الصراعات داخل "حكومة الفار" بإعلان نائف البكري -رئيس لجنة الصرف في المحافظات الجنوبية- استقالته وتكليف أحمد الميسري بديلا عنه، لكن تلك الصراعات تصاعدت حدتها مع التفجيرات الإرهابية الأخيرة التي استهدفت مجندين أمام معسكر الصولبان لاستلام رواتبهم وخلفت أكثر من 100 شهيد وعشرات الجرحى. هجمات واعتقالات مستمرة وداهمت، أمس، مليشيات تابعة لشلال شائع، المعين من قبل تحالف الاحتلال مديراً لأمن عدن، محل خياطة في المنصورة يتبع مواطنا من أبين واعتقلت جميع العاملين فيه، بينما شهدت أبين تظاهرات مناوئة له وتطالب بإطلاق سراح مدير الصحة الخضر الوليدي المعتقل لدى شلال منذ أسابيع بعد مداهمة منزله في دار سعد واعتقاله مع نجله بتهمة "الإرهاب". كما واصلت مجاميع مسلحة في عدن، أمس، هجماتها على المحلات التجارية في المدينة ونشر الرعب فيها لليوم الثالث على التوالي. وقالت مصادر أمنية ل"اليمن اليوم" إن مجموعة "مجهولة" اقتحمت "لوكندة شعبية" في منطقة السيلة بالشيخ عثمان وشرعت بنهب مقتنيات نزلاء اللوكندة وأموالهم بالقوة.. وفي المنصورة أصيب اثنان من عمال مطعم في خط التسعين تعرض لإطلاق نار، بينما أطلق آخرون النار على بقالة وأصيب مالكها بجروح خطيرة. وكانت المديريتان شهدتا، أمس الأول، حوادث مماثلة إحداها استهدفت محلا لبيع اللحوم في المنصورة وأخرى محلات تجارية في سوق بمنطقة السيلة. ولم تعرف هوية "المهاجمين" وفقا لمصادر أمنية. تحذيرات من حرب أهلية ووصف ناشطون من أبناء المحافظات الجنوبية في مواقع التواصل الاجتماعي ما يجري في عدن ب"مقدمة حرب أهلية". وقالت الصحفية رندا عكبور -في منشور على صفحتها في الفيسبوك: "يريدون جرنا إلى حرب مناطقية وبعدها سيتركون عدن وأهلها يعانون وهم سيتجهون للقرى ومنهم من سيسافر إلى خارج البلد بفلوسهم التي جمعوها مقابل التحريض". من جانبه قال الناشط مانع صالح -في منشور على صفحته في توتير- محذراً: "سندفع كجنوبيين ثمن بناء جيش مناطقي من عدة رؤوس في المستقبل القريب". من جهته يقول فتحي بن لزرق -رئيس تحرير (عدن الغد)- في منشور على صفحته: "حذرت من أن الجنوبيين ككل ضحية لواقع أسود تشكل عقب الحرب عندما ذهب كل قائد للاستيلاء على المعسكرات وحشد إليها أبناء منطقته". وأضاف: "كل تلك الخطوات والاستراتيجية لا تشكل ولا تؤسس إلا لبذور حرب أهلية لن تبقي ولن تذر". وأفاد بن لزرق: "المشكلة ليست ال(6) آلاف مجند من الضالع فاللواء 115 وكذا 111 في أبين جميع مجنديهم من أبين كما أن محور شبوة من أبناء شبوة وكذا النخبة الحضرمية من حضرموت". وكان المحامي والقيادي في الحراك الجنوبي يحيى غالب الشعيبي قال -في منشور على صفحته بالفيسبوك: "المناطقية لا تختلف عن الإرهاب". وفي وقت سابق، حذر الرئيس الأسبق علي ناصر محمد -أبرز من تولوا الرئاسة في الشطر الجنوبي قبل الوحدة- هادي والتحالف من مغبة التصرفات المناطقية التي قال إنها تقود البلاد إلى الهاوية. وقال علي ناصر في بيان صادر عنه بتاريخ 5/11/2016م: "إن ما يجري اليوم من تطورات خطيرة على أرض الوطن تدعونا لأن نرفع الصوت عالياً، مجدداً التحذير من مغبة نتائجها، حيث إن البعض يعمل على تأجيج نار الخلافات وذلك بإثارة النعرات الطائفية شمالاً والمناطقية جنوباً، وكأن الحرب القائمة وحدها لا تكفي من خلال بعض الأفعال والإجراءات التي يتخذها البعض على أرض الواقع أو من خلال الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المنفلتة التي من شأنها كبح جماح مثل هذا السلوك العبثي المدمر لوحدة وتماسك النسيج الوطني للمجتمع وقواه الوطنية بألوانها ومسمياتها المتعددة". وأضاف البيان: "يجهل أو يتجاهل أولئك الذين يسعون لإشعال حرائق الفتنة المتنقلة في أكثر من مكان وعلى أكثر من صعيد وبحسابات ضيقة غير مسئولة أنها سوف تحرق الوطن ولن تخمد شرارتها أو تقتصر على جهات ومناطق بعينها بل ستتدحرج ككرة الثلج وستأكل الأخضر واليابس في طريقها ولن ينجو منها أحد". ودعا علي ناصر في ذات البيان من بيدهم القرار "للاحتكام إلى صوت العقل والمنطق، وأن يضعوا مصالح الشعب العليا فوق مصالحهم الشخصية وأهوائهم وأمزجتهم ورغباتهم الذاتية، لأنه كفى ويكفي شعبنا ووطننا ما عاناه من صراعات وويلات نتيجة الحرب الدائرة فيه والتي شردت الملايين في داخل الوطن وخارجه، والتي أنهكت الوطن والمواطن وأوصلته إلى هذا الحد من الانفلات الأمني والانهيار الاقتصادي والمعيشي بسبب غياب دور الدولة وهيبتها وغياب النظام والقانون". يشار إلى أن عدن كانت مسرحاً لأفظع حرب أهلية شهدها اليمن في تاريخه القديم والمعاصر، عندما اندلعت مواجهات مناطقية بين أقطاب السلطة في الشطر الجنوبي قبل الوحدة، وتحديداً في 13 يناير 1986م، ومثّل علي ناصر محمد القادم من أبين ما عرف بتيار الزمرة، فيما مثل وزير الدفاع علي عنتر وقيادات بارزة من الضالع ولحج، وكذلك علي سالم البيض من حضرموت ما عرف بتيار الطغمة، وهو التيار الذي انتصر في الأخير رغم خسارته أبرز قياداته، علي عنتر، وصالح مصلح، وعلي هادي شائع، والد شلال، المعين حالياً مديراً لأمن عدن.