واحد من وزراء باسندوة اجتمع –كما بلغني- بوكلاء الوزارة ومديري العموم، وقال لهم: أنا لا أرى ضرورة للتدوير الوظيفي رغم علمي أن كل واحد منكم موجود فوق كرسيه منذ 15 سنة، لكن إذا كنتم تريدون التدوير، اتفقوا فيما بينكم ودوروا أنفسكم، وأعيدوا الانتشار من جديد، وأنا سأوافق على ذلك.. وأدعم التدوير!! وبهذه الطريقة دعم وزير التغيير بقاء الحال على ما هو عليه، وواصل الوكلاء والمديرون العموميون الجلوس على الكراسي نفسه، وهم الآن في السنة السادسة عشرة كراسي دوارة تحت مؤخراتهم فقط. قانون التدوير الوظيفي صدر قبل خمس سنوات تقريباً ، لم تطبقه الحكومة السابقة بدعوى أنه بدون لائحة تفسيرية أو تنظيمية، والحكومة الحالية لا تطبقه لأنه صار مفسراً، بعد أن وضعت له لائحة تفسيرية.. وزادت عززته بلائحة بشأن مبادئ الشفافية والحكم الرشيد، وهذا التعزيز الكلامي أو الكتابي لم ينتج شفافية ولا رشد.. كله مجرد كلام لحكومة لا تجيد غير الكلام والبكاء.. تواجه الفساد بالكلام.. وبالكلام تواجه مفجري أنابيب النفط والغاز، وقطاع الطرق والكهرباء، وأخيراً –كما قرأت أمس في هذه الصحيفة- تريد مواجهة المخربين بالدعاء عليهم عقب الصلوات! أول ما شكلت الحكومة دب الحماس في عروق بعض الوزراء، وراحوا يتسابقون في النذور.. هذا يقول سأستقيل بعد سنة إذا لم أحقق كذا وكذا، والثاني وعد بالاستقالة إذا لم ينجز كيت وكيت في ستة أشهر حسوما.. فلا حققوا ولا أنجزوا ولا وفوا بنذورهم واستقالوا.. أعجبهم الوضع، ولم يعودوا حتى راغبين في تدوير وظائف طالبي التدوير. خلال أقل من سنتين صار بعض الوزراء الذين كانوا معدمين من ملاك العقارات، وخمسة منهم في سبيلهم إلى تشطيب الفلل الجديدة.. والأخبار التي تساق عن رئيسهم -لو صحت- ترشحه أن يكون أكبر الإقطاعيين الجدد لكثرة البقع التي تسجل باسمه. دعونا من حكاية التدوير الوظيفي ومبادئ الشفافية والحكم الرشيد.. ودعونا نفكر بطريقة أخرى.. فما دام الوزراء ورئيسهم والوكلاء ورؤساء الهيئات العامة، مهمومين بتأمين مستقبلهم ومستقبل عيالهم، لنمنحهم نحن هذا الأمان مدى الحياة.. ننشئ جائزة باسم "الجائزة الدوّارة" تكون قيمتها أعلى مرتين أو ثلاث مرات من قيمة جائزة نوبل.. ونقول لرئيس الحكومة ووزرائه ورؤساء المصالح العامة والوكلاء لستم مضطرين للنهب والسلب والبقاء طويلاً في مناصبكم دون فائدة للشعب.. من يعف عن المال العام ويترك المنصب الذي ليس له أهل، سيحصل من تبرعات الشعب على "الجائزة الدوّارة" مقدارها مائة مليون ريال، حلال زلال، تكفيه وتكفي أولاده.. المهم يغل يده إلى عنقه ويترك منصبه، ومن يدعم هذا الاقتراح يبادر لحملة تأسيس الجائزة الدوارة.