الفقر في اليمن : الأسباب والآثار الفقر في اليمن : الأسباب والآثار
الباحث: د / صالح عبده عبيد محمد الفقر مشكلة اجتماعية واقتصادية خطيرة، وجدت مع وجود الإنسان على الأرض واتخذت أبعاداً متعددة في الظهور والفهم لها كمشكلة تؤثر على حياة الإنسان كما أنها اختلفت في درجات معاناة الفقراء بين فترة زمنية وأخرى ومن مجتمع إلى مجتمع، وكذلك في تقدير مستويات الفقر الذي يقع فيه الأفراد والأسر، وهذا جعل العلماء والباحثين في العلوم الإنسانية يقدمون تعريفات متعددة للفقر تنطلق من الاتجاهات الفكرية التي ينتمي إليها العلماء والباحثون وواقع الحياة المعيشية والاجتماعية التي يتواجدون فيها، وتعريفات الفقر هي أشبة بتوصيف العميان للفيل، حيث يضع الواحد منهم يده على الفيل يقول هكذا الفيل. وهذا أيضاً ما اتصفت به تعريفات الفقر التي وضعت وفقاً لرؤية وواقع واضعيها. وهو ما جعل الإجماع على تعريف واحد في جميع دراسات الفقر غير ممكن، وهذا الاختلاف أعطى تعريفات الفقر صفة النسبية، باعتبار أن حالات الفقر تختلف باختلاف الموطن حتى في إطار المجتمع الواحد وبين الريف والحضر. ونتيجة لذلك فإن الإجماع حول مفهوم الفقر يقف عند حدود الحرمان من الضروريات لجزء من البشر، أما من حيث توصيف مكونات مفهوم الفقر كمعيار فإنها تختلف في أجزائها . ولذا فإن مفهوم الفقر أصبح غير مرتبط بالحرمان المادي فقط، وإنما يعبر عن مشكلة مركبة تتداخل فيها معايير قياسية ومؤشرات مادية ومعنوية، مثل انخفاض الدخل ، انتشار الأمية، وسوء التغذية و تفشي البطالة، وانتشار الأمراض، وعدم الحصول على السكن الملائم، وغياب المشاركة الاجتماعية والسياسية وغياب العدالة ...الخ.فالفقر هو أكثر من مجرد حالة مادية اقتصادية بل هو صورة لواقع اجتماعي اقتصادي وثقافي متخلف (أي أن الفقر لا يعبر فقط عن العجز في إشباع الحاجات البيولوجية) وإنما هو حالة من الحرمان المادي والمعنوي الذي يتعرض له جزء من الناس، ويحدث بسبب عوامل فردية ومجتمعية واقتصادية وسياسية وثقافية وطبيعية. فتكون عوامل لإضعاف قدرات البناء الاجتماعي في الحفاظ على الاستقرار والتضامن الاجتماعي بين الأفراد والأسر، فيحدث الخلل في البناء الاجتماعي والتأثير الضار على الاندماج والعلاقات الاجتماعية بين الأفراد والأسر في مصعد البناء الاجتماعي.
* الاستنتاجات: لقد توصلت الدراسة من خلال تحليل معطياتها وبياناتها الميدانية إلى مجموعة من النتائج يمكن تلخيصها في الآتي: 1. أوضحت الدراسة أن أغلب أرباب الأسر في مجتمعي الدراسة هم من الذكور, وهذا يظهر أن دور المرأة في مجتمعي الدراسة كربة بيت فقط ، ومهامها تنظيم شئون المنزل ، بينما مسؤولية الإنفاق هي من مهام الرجل ، بغض النظر عما إذا كان يقوم الرجل بالفعل بمهام الإنفاق أولا ، ويعود ذلك إلى التقاليد الاجتماعية السائدة في المجتمع اليمني (أكان ذلك على مستوى الريف أو الحضر), التي ترى أن تحمل المرأة المسئولية كرب للأسرة يعتبر انتقاص في حق الرجل ، ولهذا فهو غير مسموح لها حتى في حالة وفاة الزوج أو غيابه، حيث تنتقل مسئولية رب الأسرة إلى الرجل سواء كان الابن أو الأخ, وهذا يعد انتقاصاً في حق المرأة اليمنية وتهميشا لدورها في عمليات الإنفاق ، حيث أن جزءاً كبيراً من النساء العاملات في الأسر واللاتي فقدن عائلهن من الرجال هن اللاتي يقمن بعمليات الإنفاق, وتنظيم شئون الأسرة, وخاصة في الحضر, ولكن دون الاعتراف بدورهن كربات للأسر ، ويظهر ذلك من نتائج الدراسة الميدانية، حيث أن ما نسبته( 87% )من أرباب الأسر هم من الذكور, بينما نسبة الإناث العائلات للأسر نحو (13%). وهي نسبة ضعيفة جدا ً مقارنة مع نسبة المرأة العاملة في المجتمعات الحضرية. 2. كشفت الدراسة أن أرباب الأسر يقعون بين ألفئتين الثانية والثالثة (31-40سنة) و(41 – 51 سنة) ,وهي سن النضوج التي تكتمل فيها قدرات ألفرد العقلية والجسمية لتكوين الأسرة, وإدارة شئونها الاقتصادية بطرق عقلانية تتناسب مع حجم الدخل ,وطبيعة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية. 3. بينت نتائج الدراسة في مجتمعي الدراسة أن ما نسبته( 63% )من أرباب الأسر مؤهلاتهم العلمية متدنية ما بين أمي ويقرأ ويكتب وابتدائي ,وهذا ينعكس على طبيعة المهن التي يمارسها أرباب الأسر, وعلى مستوى الدخل, نتيجة لوجود الارتباط بين المستوى التعليمي والدخل، فكلما ارتفع المستوى التعليمي للفرد كان ذلك عاملا في الحصول على مهنة ذات دخل مرتفع يسهم في تحسين مستواه المعيشي ، وكلما تدنى مستوى ألفرد التعليمي انعكس على طبيعة المهنة ومستوى الدخل. ولذا فإن ما نسبته (91.3%) من أرباب الأسر في مجتمعي الدراسة يمارسون أعمالاً هامشية وأعمال لا تحتاج إلى مؤهلات علمية ,مثل: أعمال الحفر والحمالة وفي المجال العسكري وحراسة المؤسسات ، وهي أعمال شاقة, وعائداتها الاقتصادية متدنية لا تكفي في الغالب لتغطية متطلبات الحياة الضرورية,فضلاً عن ذلك عدم اهتمام الآباء بتعليم أبنائهم, حيث يلاحظ أن نحو (67%) من إجمالي أفراد الأسر المبحوثة مؤهلاتهم التعليمية بين أمي ويقرأ ويكتب وابتدائي, وهو أيضاً يزيد من محدودية فرص العمل أمامهم. 4. أن جزءاً كبيرا من سكان الأحياء المبحوثة هم من المهاجرين من المناطق الريفية, حيث يمثلون ما نسبته (41.3%) من إجمالي السكان المبحوثين في الحيين الذين جاءوا للبحث عن فرص حياة معيشية وفرص عمل وخدمات مفتقدين إليها في الريف ,نتيجة لعدم اهتمام المخططين بالتنمية الريفية وتحيزها لصالح الحضر ، وهو ما دفع بهم إلى زيادة الهجرة من الريف إلى الحضر، و شكل ذلك عامل ضغط على الخدمات الاجتماعية, وعلى فرص العمل في الحضر, وانتشار الأحياء العشوائية بداخل المدن اليمنية ,وزيادة الأيدي العاملة العاطلة عن العمل, وانتشار الجريمة، وظهور الانحراف الأخلاقي, والسرقة التي تعتبر من تبعات الأوضاع الاقتصادية البائسة التي يعيشها بعض سكان المناطق الحضرية ألفقيرة, التي تتسم بظروف معيشية صعبة ومساكن متخلفة ومزدحمة ومفقودة التهوية. 5. إن التعطل عن العمل في ظل غياب القوانين المنظمة لضمان حق العيش والعمل والسكن وفساد الإدارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ,قد أجبر جزءاً كبيراً من الأفراد القادرين على العمل في المجتمع اليمني على ترك أعمالهم, وتحويلهم إلى بطالة بفعل قيام الدولة ببيع وتعطيل المؤسسات العامة التي كانوا يعملون فيها . وتحويلها إلى عقارات مملوكة للقطاع الخاص بعد أن كانت مؤسسات تسهم في امتصاص البطالة ، وتوفير فرص عمل تساعد في إعاشة العديد من الأسر، وهذا يعتبر من نتائج السياسة الاقتصادية التي اتبعتها الدولة في اليمن تجاه مؤسسات القطاع العام وكانت أحد الأسباب الرئيسية في انتشار الفقر والبطالة بين السكان وخاصة في الحضر. 6. إن الدراسة قد أظهرت أن نحو(4,38%)من أرباب الأسر متعطلين عن العمل, ونحو (90.3% ) من أفراد الأسر المبحوثة بين عاطل عن العمل وطالب وطفل, وهذا يمثل عبئاً كبيراً على ألفئات العاملة في الوقت الذي كشفت الدراسة أن نحو 91.49% من مخرجات التعليم العام والجامعي عاطلين عن العمل0 7. أن الفقر يمثل العقبة الكبرى أمام أي استعداد للتعليم ، حيث أن كثيرا من الأسر اليمنية قد وقفت عاجزة عن تعليم أبنائها ،نتيجة عدم قدرتها تخصيص جزء من مخصصاتها للإنفاق على التعليم, ويعود ذلك إلى حالات الفقر التي تعيشها أغلب الأسر محدودة الدخل, وقد أدى ذلك إلى امتناع العديد من الأطفال عن الالتحاق بالتعليم, وترك البعض ممن التحقوا بالتعليم دراستهم في الصفوف الأربعة الأولى للتعليم الأساسي, إلى جانب رغبة بعض الأسر ألفقيرة في ترك أولادها التعليم والبحث عن أعمال بهدف مساعدتها ماليا, لتوفير متطلبات العيش الضرورية ، دون الالتفات إلى الأضرار التي يمكن أن يتعرض لها الطفل خلال ممارسته العمل في سن مبكر, والأضرار الاجتماعية التي تنشأ عن ارتفاع أعداد الأمين بين السكان مستقبلا ، والسلوكيات التي يتعلمها الأطفال من جراء مخالطتهم الكبار والأفراد غير الأسوياء. 8. أن جزءاً كبيراً من سكان اليمن لا يهتمون بالصحة, ولا يراجعون الأطباء حتى في حالة المرض, ويعود ذلك إلى حالة الفقر التي تعيشها الأسر, مما يجعلها تفضل ترك المريض يغالب المرض تحت رحمة القدر حتى يشفى أو يموت, لعدم قدرتها دفع مصاريف التطبيب . نتيجة لغياب التطبيب المجاني في مؤسسات الدولة الصحية ، وأصبح ذلك عاملاً في انتشار الكثير من الأمراض السارية بين السكان, نتيجة لغياب دور المؤسسات الصحية في محاربة تلك الأمراض ، وعجز الأسر الإنفاق على الصحة من الدخل الذي تحصل عليه, كما أن البعض من الأسر لا تنفق على الصحة إلا في الحالات القصوى, وعلى حساب الضروريات بسبب حالة الفقر التي تعيشها تلك الأسر. 9. وجود فروق كبيرة بين الدخل الذي تحصل عليه الأسرة ، وحاجاتها في الإنفاق على الضروريات ، نتيجة لغياب التوازن بين متغيرات أسعار الضروريات والأجور بسبب عدم وجود الرقابة المؤسسية والاستراتيجيات الاقتصادية التي تحمي المستهلك وأصحاب الدخول المحدودة ، وتحافظ على التوازن بين متغيرات أسعار السوق, ومستويات الأجور التي تؤمن استقرار العيش لمختلف الشرائح الاجتماعية محدودة الدخل. ولهذا نجد أن الفقر في مجتمعي الدراسة شامل, حيث أن نحو (95.65)% من عينة الدراسة يعيشون حالة الفقر المطلق وهم يمثلون جزءاً من المجتمع الحضري في اليمن. 10. أن مجتمعي الدراسة تضمان أنماطاً سكنية متباينة تعكس إلى حد كبير التفاوت والتباين بين سكان المجتمعين في الظروف الاقتصادية والاجتماعية بصفة عامة على الرغم من أن النمط الأكثر انتشاراً هو البيت المستقل, الذي يتكون في الغالب من دور واحد ، وصفة ملكية البيت الخاصة بالأسرة ,نتيجة لقيام الأسرة ببناء سكنها بالجهود المادية المتواضعة ,والذي يختلف شكل السكن والمواد المستخدمة في البناء حيث يتكون بعضها من الأحجار أو البردين أو الأخشاب أو الصفيح وبعض مخلفات البناء والطرابيل والكراتين. وهي مساكن في الغالب تعاني من انعدام الخدمات الاجتماعية مثل انقطاع التيار الكهربائي ، وعدم وجود شبكات مياه ، وغير مربوطة بشبكات المجاري ، وتنتشر بداخلها المستنقعات الناتجة عن مخلفات الصرف الصحي ، وانعدام دورات المياه الخاصة في المنازل.
1. أن مجتمعي الدراسة هما مجتمعان حضريان متخلفان يتميزان بتدني المستوى الاقتصادي والاجتماعي ,وارتفاع نسبة البطالة, والقوة العاملة غير الماهرة والتي تعمل في المهن الهامشية غير المنتجة ، وترتفع معدلات الأمية بين أفراد المجتمعين وارتفاع معدلات التسرب من التعليم ,وغياب المؤسسات الاجتماعية الخدماتية والصحية والتعليمية بداخلهما .
1. أن المشاركة الاجتماعية والسياسية تعد أحد نتائج الرفاه في المجتمعات المتقدمة بينما المجتمعات التي تعاني حالة الفقر, فإن السكان فيها لا يهتمون بالمشاركة الاجتماعية أو السياسية, حيث يكون همهم هو البحث عن متطلبات العيش الضرورية لهم ولمن يعولونهم ، بدلا من التفكير بالعمل الحزبي, وهو ما عكسته نتائج الدراسة من غياب في عمليات المشاركة الاجتماعية والسياسية في مجتمعي الدراسة.
1. يلاحظ من نتائج الدراسة أن الفقر في اليمن لم يكن ناتجاً عن ندرة الموارد الاقتصادية الطبيعية فاليمن تمتلك موارد اقتصادية كبيرة في مختلف المجالات الاقتصادية الطبيعية ، المعدنية والنفطية والزراعية والسمكية, إلى جانب موقعها الاستراتيجي الهام ووجود موارد بشرية إذا تم استغلالها سوف تسهم في تنمية المجتمع اليمني اقتصادياً وثقافيا والانتقال بالاقتصاد الوطني إلى مصاف الدول الغنية ، ولكن سوء استغلال تلك الموارد الاقتصادية في ظل إدارة اقتصادية تقليدية ومتخلفة, والتوزيع غير العادل للثروة بين السكان, والاستيلاء على عائداتها من قبل فئات صغيرة, وحرمان الجزء الأكبر من خيرات البلد. فقد كان ذلك سببا في تخلف الاقتصاد اليمني وانتشار الفقر والتخلف بين السكان.
1. يعتبر ألفساد في اليمن السرطان الذي ينخر في جسدها ويأتي بالويلات حيث يهدد الأمن الاقتصادي والاجتماعي ,ويعمل على تقويض أي نمو اقتصادي أو تحسين للمستوى المعيشي للسكان بفعل الحماية التي يتمتع بهآ, في ظل غياب المحاسبة والقوانين التي تحمي الحقوق العامة والخاصة ,واستغلالها للمصلحة الخاصة ,ونتيجة لبروز مشكلة ألفساد كجزء من إستراتيجية الإدارة الاقتصادية والسياسية للدولة ، فقد أضر ذلك بالاقتصاد الوطني العام والخاص ، ونتج عنه انتشار الفقر والحرمان والبطالة بين السكان بسبب استخدام كافة الوسائل الاقتصادية والإدارية المملوكة للدولة في تحقيق أهداف خاصة لجماعات ألفساد ,والذي يعتبر أحد نتائج التزاوج بين السلطة والثروة ، وتحويل المكاسب العامة لخدمة المكاسب التجارية الخاصة . 2. إلغاء الدولة للدعم الذي كانت تقدمه للمواد الأساسية, وجعلها خاضعة لاحتكار السوق, فضلاً عن ذلك تخلي الدولة عن مهامها الاجتماعية في مجالات التعليم والتطبيب, قد ضاعف الأعباء الاقتصادية على الأفراد والأسر محدودة الدخل وتسخير جزء من دخلهم لخدمة المتطلبات الأساسية الأخرى على حساب الجوانب الضرورية للعيش وهذا زاد من حجم معاناة الأسرة اليمنية محدودة الدخل. 3. إن الاستثمار يعتبر أحد المكونات الرئيسية للاقتصاد الحر حيث يساعد على إيجاد فرص عمل تسهم في امتصاص البطالة ، وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان في ظل توفر البيئة الاستثمارية الصالحة ، واليمن أحد البلدان التي انتقلت إلى الاقتصاد الحر, ودعت الاستثمارات المحلية والعربية والعالمية إلى الاستثمار في اليمن ، ولكن وفق خصوصية يمنية وظروف محبطة للاستثمار بفعل الإجراءات البيروقراطية التي كانت سببا في هروب الاستثمارات المحلية والأجنبية, وحرمان البلد من أي انتعاش اقتصادي, والقضاء على أمل الفقراء في تحسين أوضاعهم المعيشية . 4. إن ضعف هيبة القضاء ومؤسسات الأمن التنفيذية في حماية الحقوق العامة والخاصة للمجتمع ، قد تسبب في فقدان الكثير من الأفراد والأسر لحقوقهم وإفقارهم بعد سلبهم وظائفهم العامة ، وممتلكاتهم الخاصة ، وساهم ذلك في السطو المنظم على المؤسسات العامة ، وانتشار الرشوة والربح غير المشروع, والاختلاس وإهدار المال العام والخاص ,وتدمير الاقتصاد وانتشار الفقر بين السكان. 5. عدم استفادة الدولة في اليمن من الموارد البشرية في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، هي احد المشكلات الرئيسية في المجالات التخطيطية حيث يتم إهدار الطاقات ،والقدرات البشرية حتى المؤهلة وحرمان البلد من قدراتهم ، وحرمانهم أيضا من الموارد الاقتصادية التي تؤمن حياتهم. 6. إن النمو السكاني في اليمن لم يعد مشكلة اجتماعية مقارنة مع حجم الموارد الاقتصادية التي تمتلكها اليمن، ولكن سوء استقلال تلك الموارد الاقتصادية والبشرية تحول النمو السكاني إلى مشكلة اجتماعية من وجهة نظر المخططين، لتخفي وراءها الأسباب الحقيقة في انتشار الفقر بين السكان في اليمن. 7. 8. تبين من خلال الدراسة أن حجم الأسرة الكبير لا يعتبر سبباً في حدوث الفقر بداخلها،وإنما يعتبر أحد العوامل في خروج الأسرة من الفقر في ظل تنظيمها في الأعمال الاقتصادية التي تسهم في تحسين وضع الأسرة ماديا. 9. إن الديون تعتبر أحد المشكلات الاقتصادية التي أثرت على النمو الاقتصادي للبلد ، نتيجة للشروط التي قدمت بها تلك الديون لليمن، وأصبح بذلك جزء كبير من اقتصاد البلد يسخر لخدمة الدين الخارجي، منها سداد قروض وفوائدها على حساب متطلبات الحياة المعيشية والاجتماعية للمجتمع اليمني ،في الوقت الذي لا يستفاد من تلك الديون في خدمة التنمية، وإنما دورها هو زيادة الأعباء على الاقتصاد الوطني، والتبعية للبلدان الدائنة وإفقار البلد . 10. أظهرت الدراسة أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المالي والإداري وخصخصة مؤسسات القطاع العام التي اتبعتها الدولة في اليمن، قد أحدث تأثيراً سلبياً كبيراً على الحياة المعيشية للسكان محدودي الدخل، نتيجة قيام الدولة رفع الدعم عن المواد الضرورية، وترك الحرية للسوق في تحديد الأسعار والتحكم بها إلى جانب الحد من فرص العمل والتخلص من جزء كبير من العمالة بعد خصخصة المؤسسات التي كانوا يعملون فيها ،وتحويلهم إلى التقاعد قبل بلوغ أحد الأجلين، وتعرض الكثير من الأسر في مجتمعي الدراسة لحالة الفقر بعد فقدانهم لمصادر عيشهم (الوظيفية)، بسبب برنامج الإصلاح وخصخصة المؤسسات دون شروط أو ضمانات تحفظ حقوقهم وتؤمن عيشهم. 11. تبين أن مجتمع الدراسة يعاني من المستوى الاقتصادي والمهني المتدني حيث معظم العمالة تشتغل في أعمال هامشية محفوفة بالمخاطر فهي تعمل في أعمال الحفر والبناء ، والباعة الجائلين ، وجامعي القمامة وقيادة السيارات ونقل مخلفات الصرف الصحي وغير ذلك من الحرف، فالعاملون في هذه الأعمال يتعرضون لأمراض مختلفة، في ظل انعدام الرعاية والضعف الصحي لهؤلاء العاملين، بسبب ضعف المستوى الاقتصادي الذي ينعكس على المستوى الغذائي لهم وعلى أسرهم. * التوصيات: إن الدراسة الميدانية التي أجريت عن أسباب وآثار الفقر في مجتمع الدراسة، قد كشفت في نتائجها عن مستوى الارتباط الكبير بين ارتفاع معدلات الفقر، والأمية وانتشار الأمراض بين السكان، والهجرة من الريف إلى الحضر، وقلة فرص العمل وزيادة معدلات البطالة والجريمة، وبين السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تتبعها الدولة عبر إداراتها الاقتصادية والاجتماعية ومؤسساتها القضائية والأمنية وفي ضوء ذلك فإن الدراسة توصي بالآتي: 1) إجراء دراسات بحثية متخصصة من قبل الجامعات اليمنية بدعم من الدولة، تهتم بدراسة متطلبات المجتمع، ومشكلاته الاجتماعية والاقتصادية، ومنها مشكلة الفقر، ووضع المعالجات لها، وربط نتائج تلك الدراسات بخطط الدولة التنموية للتنفيذ. 2) الحد من ارتفاع معدلات الأمية عن طريق توسيع عمليات الإنفاق على التعليم، بحيث يصب ذلك في خدمة تعليم أبناء الأسر ألفقيرة ومحدودي الدخل، من خلال إعادة تشغيل الأقسام الداخلية، والتغذية المجانية للطلاب فيها، كجزء من المساعدات التي تحفز الأسر ألفقيرة على تعليم أبنائها . 3) ربط التعليم ومخرجاتها بخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، للحد من البطالة والفقر بين الخريجين، وعدم إهدار الطاقات البشرية المؤهلة. 4) إنشاء المعاهد المهنية المتخصصة التي تواكب احتياجات السوق، وتجعلهم قادرين على ممارسة المهن في السوق بصورة حرة، وتحفيز أبناء الفقراء للالتحاق بها . 5) إعادة النظر في الإعانات التي يقدمها صندوق الرعاية الاجتماعية للفقراء في زيادة دعم الأسر ألفقيرة التي فقدت عائلها أو العاجزين عن العمل، بينما يمنع ذلك عن الأسر ألفقيرة التي عائلها عاطل عن العمل وهو قادر على العمل ،حيث يتم توفير لهم فرص عمل يعتمدون عليها بمساعدة الدولة، بدلا من الإعانات الشهرية التي تقدم لهم، خاصة أن كثيرا من إعانات صندوق الرعاية الاجتماعية لا تذهب إلى الفقراء والمحتاجين . 6) تشجيع الاستثمار المحلي والعربي والأجنبي وتوفير لهم الظروف المحفزة للاستثمار،بهدف إيجاد فرص عمل مناسبة تسهم في امتصاص البطالة وتحسين النمو الاقتصادي في البلد. 7) الاستفادة من مؤسسات القطاع العام في امتصاص البطالة عن طريق تحديثها وتطويرها وإنشاء مؤسسات عامة مختلطة أخرى تسهم في إيجاد فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل. 8) إعادة النظر في المؤسسات الحكومية التي تم نقلها إلى القطاع الخاص، ولم تلتزم بشروط الخصخصة المتمثلة: في استمرار العاملين فيها بعد النقل وفق نظام العمل، وحصولهم على حقوقهم في تحسين أوضاعهم المعيشية، ومواصلة سنوات الخدمة، وحق الضمان الاجتماعي ، أثناء المرض أو الوفاة أو التقاعد. 9) إنشاء جمعيات أهلية إنتاجية للفقراء في المجالات الزراعية والاصطياد بمساعدة من الدولة وبقروض ميسرة. 10) إن تقوم الدولة باستيراد المواد الأساسية ،ودعمها لمنع الضرر الذي يتعرض له الفقراء ومحدودي الدخل من جراء احتكارها من القطاع الخاص. 11) إيجاد الرقابة ألفاعلة لضبط أسعار السوق بما يضمن التوازن بين متغيرات أسعار الاستهلاك، وبين الأجور المتحصل عليها. 12) إحداث تنمية اجتماعية واقتصادية في الريف بشكل متكامل ، انطلاقاً من الحاجات الماسة للتنمية الريفية لمواجهة الهجرة إلى الحضر، والحد من نمو الأحياء الحضرية المتخلفة والفقيرة. 13) زيادة الخدمات الاجتماعية، التعليمية والصحية كمّاً وكيفاً في المناطق الحضرية المتخلفة ،وإنشاء مدارس تستوعب الطلاب والطالبات،وتقديم الحوافز لأبناء الفقراء لمنع تسربهم من التعليم، وكذلك إنشاء الوحدات الصحية وإمدادها بما يلزمها من دواء وأدوات طبية ، وكوادر فنية (الأطباء ومساعديهم) الذي يمنع انتشار الأمراض بين السكان. 14) إيقاف الاقتراض الخارجي الذي يزيد من الأعباء الاقتصادية على البلد،وفك الارتباط مع مؤسسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والاعتماد على الموارد الاقتصادية والبشرية الوطنية. 15) استخدام الزكاة والضرائب وعائدات مؤسسات الوقف في معالجة احتياجات الفقراء العاجزين عن العمل واليتامى الذين لا توجد لديهم مصادر دخل وغير قادرين على العمل .
المزيد كشف التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2014-2015، ان الاقتصاد المصري يحتل المرتبة ال 119 فى المنافسة مع اقتصاد الدول الأخرى. واحتلت سويسرا المرتبة الأولى عالميا وجاءت بعدها مباشرة سنغافورة في المرتبة الثانية وبعدهما الولايات المتحدة في المرتبة الثالثة وبعدها فنلندا في المرتبة الرابعة وبعدها ألمانيا في المرتبة الخامسة واليابان في المرتبة السادسة. جاءت قطر في المرتبة الخامسة عشرة في ترتيب القادرة على المنافسة عالميا، وتحتل قطر المرتبة الأولى عربيا بلا منازع، وجاء بعدها نيوزيلندا في المرتبة السادسة عشرة تليها بلجيكا في المرتبة السابعة عشرة، وجاءت الصين في المرتبة الثامنة والعشرين، وجاءت الكويت في المرتبة ال40 والثانية عربيا. بينما جاءت البحرين في المرتبة الرابعة والأربعين والثالثة على مستوى العالم العربي، وجاءت تركيا في المرتبة الخامسة والأربعين تليها مباشرة سلطنة عمان في المرتبة السادسة والأربعين. واحتلت المغرب المرتبة الحادية والستين والترتيب السادس عربيا، وجاءت بها رواندا في المرتبة الثانية والستين، حيث تعد رواندا مع اثيوبيا من القوى الصاعدة بقوة في القارة الأفريقية. واحتلت الأردن المرتبة الرابعة والستين والسابعة عربيا، وجاءت الجزائر في المرتبة التاسعة والسبعين عالميا والثامنة عربيا، وجاءت لبنان في المرتبة ال 113 عالميا والتاسعة عربيا، ولكن تأخر تريب مصر إلى المرتبة ال119 عالميا والعشرة عربيا، تليها ليبيا في الترتيب الحادي عشر. وتأتي بعد مصر دول مثل هايتي في امريكا الوسطى وانجولا في غرب القارة الأفريقية بينما جاءت اليمن وتشاد وغينيا في ذيل الدول القادرة على المنافسة الاقتصادية على مستوى العالم.