أثار توغل الحوثيين بمحافظاتإبوالحديدة والبيضاء السنية ردود فعل غير متوقعة شعبيا، رجحت طغيان الملامح الطائفية على الصراع الذي تشهده البلاد. واندلعت الأسبوع الماضي معارك عنيفة في مدينة إب وعدد من مديرياتها وفي رداع بالبيضاء، مما خلف عشرات القتلى والجرحى. ويبدو أن الحوثيين ظنوا أن بمقدورهم السيطرة بسهولة على هذه المحافظات السنية كما جرى في العاصمة صنعاء التي سيطروا عليها يوم 21 سبتمبر/أيلول الماضي، لكنهم اصطدموا برفض شعبي وقبلي مسلح. وتعتقد أوساط سياسية وجود تواطؤ رسمي مع الحوثيين يشمل الرئيس عبد ربه منصور هادي وقادة وزارة الدفاع وبتحالف مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. وتعد محافظاتإبوالحديدة والبيضاء معقل الشافعية السنة باليمن، وفيها وجود طفيف لمعتنقي المذهب الزيدي، وعشرات من الأسر الهاشمية غالبيتها سنية، في وقت ينصرف البعض منها إلى التصوف، وعدد يسير على اتصال بجماعة الحوثي. صراع دموي ويرى الباحث في الجماعات الإسلامية سلمان العماري أن أتباع الحوثي ممن تربطهم به علاقة النسب والمصاهرة تحركوا وتسنى لهم الانتشار والظهور بصورة مكشوفة في وضح النهار مؤخرا برعاية ودعم واحتضان من حزب المؤتمر الشعبي الذي يرأسه صالح. ورأى العماري - في حديث للجزيرة نت- أن الصراع الدامي في محافظة إبورداع بالبيضاء مع الحوثيين هو نتيجة الانكشاف والتجلّي لتحالف الحوثي وصالح، الساعي "لاستثمار انقلابهم العسكري المليشياوي في صنعاء" في استهداف مناطق السنة والقادة العسكريين والقبليين والأحزاب المؤيدة لثورة عام 2011. كما اعتبر أن هدف الحوثيين هو خلط الأوراق وخلق حالة من الإرباك بالمحافظات السنية الصاحبة الأكثرية السكانية باليمن، وقتل الزخم الشعبي، وتفتيت بنية المشروع الوطني وتطعيمه بالصراع المذهبي والطائفي. وقال العماري إن من أهداف تحالف صالح والحوثي إدخال البلاد في دوامة الصراع الطائفي والمذهبي. ويعتقد العماري أن ما سماه "الغزو الحوثي" وتغلغله في المناطق الشافعية جزء من سيناريو الانقلاب الهجين من قبل نظام صالح الذي يتخذ من الحوثي وجماعته ستارا وغطاء لا أكثر للعودة للحكم، وفق تصوره. أجندة خارجية من جانبه يعتقد الصحفي وديع عطا أن دخول ما سماها مليشيات الانقلاب الحوثي إلى الحديدة المحسوبة برلمانيا على حزب المؤتمر الشعبي يُؤكّد التحالف القائم بين صالح والحوثيين. وأشار للجزيرة نت إلى أن أتباع صالح يوجهون جماعة الحوثي لاستهداف شخصيات وأماكن معينة. وقال إنه بات من السهل استهداف كل العقارات والأراضي المشتبه في أنها تتبع اللواء علي محسن الأحمر، وكذلك القيادات العسكرية والمشيخية والسياسية المحسوبة عليه وعلى حزب التجمع اليمني للإصلاح. واعتبر عطا أن سهولة سيطرة الحوثيين على العاصمة والمحافظات الشمالية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك تواطؤ قيادات عليا في الدولة من الرئيس هادي ووزارة الدفاع لتحالفهم مع صالح لإنجاح ثورتهم المضادة لثورة التغيير 2011. وقال إن "انقلاب الحوثي صالح" يأتي في سياق تحالف غير معلن لتنفيذ أجندة خارجية تستهدف ثورات الربيع العربي وكسر شوكة الإخوان المسلمين أينما كانوا لإسقاط مشروعهم السياسي. وأشار إلى أن ما سماها قوى التآمر العالمي ترى أن الربيع العربي يُهدد هيمنتها القائمة على الأنظمة الرخوة في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج، على حد قوله.