ان كان الظلم يصنعه كما يقال ثلاثة,هم: الظالم والداعم له والساكت عنه, فان الإرهاب يصنعه أربعة هم : المحرض عليه- بشتى صور التحريض الطائفي والتكفيري - والداعم له- بمختلف أشكال الدعم, المادي والإعلامي والمالي- ومنفذه بمختلف وسائل تنفيذ القتل -والساكت عنه, سواءً أكان هذا السكوت نابعا من الخوف أو من السلبية وعدم الاكتراث.! من يود أن يشاهد صورة مصغرة لمصنع الإرهاب وكيف يتم تحضير سلعه من مواده الخام الأولية, فلينظر الى تعاطي بعض وسائل الإعلام - قناة الجزيرة الفضائية نموذجا- ناهيك عن بعض وسائل إعلام أحزب الاسلام السياسي التفجيري (في صنعاء مثلا).
من يؤرخ للإرهاب على انه صنع في عام 2014م, ويختزل مكانه في صنعاء ورداع وعمران ويحصر أطرافه بين القاعدة والحوثيين كما ذهبت الى ذلك السيدة/ توكل كرمان صاحبة نوبل للسلام, ويبحث عن مبررات لهذا الإرهاب . فهو من حيث يقصد او لا يقصد مشاركا بجرائمه ومساهما بمذابحه . فالإرهاب ليس وليد الشهور الاربعة الماضية , الارهاب عمره عقود من الزمن تم صناعته في كهوف (تورا بورا) بعد استيراد له كل مواد تصنيعه وتهيأت له كل أسباب الظهور والنجاح قبل ان يتم اعادة تصديره ثانية الى بلدان المنشأ ليقوم بمهمته الرئيسة, المتمثلة بضرب الخصوم السياسيين. وليس بعام 1994م عنا ببعيد؛ حين تم استيراد اصناف الإرهاب التفجيري لنسف الجنوب الشيوعي الكافر من جذوره على وقع صيحات الله أكبر تارة والوحدة أو الموت تارة أخرى. والذي يتم اليوم اعادة نسخة جديدة من ماركته القاتلة بذات الوسائل والأدوات وبنفس الأيادي المصنعة.!
قالوا في سياق تبريراتهم للعمليات الإرهابية التي تطال الأبرياء في كل مكان بصنعاء وعدن وحضرموت ورداع انه ناتجا عن المظالم التي يتعرضون لها من قبل الحوثيين.
هذا على افتراض ان حركة انصار الله قد أوسعتهم ظلما ونهبا بثرواتهم النفطية وامطرتهم بفتاوى تكفيرية طيلة عشرون عاما, وعلى افتراض أيضا ان الحوثيين قد صادروا عنهم دولتهم المدنية الرائدة , وقضى على دولة النظام والقانون التي كانت في ظل حكهم العادل الخالي من المظالم و من كل انواع الأسلحة.
هؤلاء الذين يبررون هذه الجرائم هم أنفسهم الذين يقيمون الدنيا ولا يقعدوها ان شاهدوا مواطنا جنوبيا في الضالع أو عتق يحمل مسدسا في خاصرته او قطعة آلي على كتفه واصفين الحراك الجنوبي السلمي بمجرد ذلك المشهد الفردي بانه حراكا مسلحا إرهابيا لا يمتلك الحق في التوجع فضلا عن الرفض المقاوم على غرار المنطق التبريري التفجيري اياه.
متناسين عن عمد منطق قولهم ان الظلم يولد الارهاب ويلتمس للمظلوم العذر ان هو تحول الى حزاما ناسف. فأن كان الظلم مبررا للإرهاب كما يزعم هؤلاء النكرة من القوم لكان الحراك الجنوبي اكبر تنظيم إرهابي على وجه الارض بحكم المظالم التي تعرض لها الجنوب طيلة عقدين من الزمن ولكن لأن هذا الحراك هو ثورة سلمية شطبت من قواميس النضال كل مفردات الموت ومصطلحات الدم والقتل, فطول البال يهدم الجبال,والحق لا يُقذف على الباطل بأحزمة ناسفة أو دراجات متفجرة وسيارات مفخخة.