كتب: عبدالله جاحب بعد وعكة أكتوبر من العام الحالي، وتعيين رئيس وزراء خلفا لبن دغر في منتصف أكتوبر الماضي والسفير السعودي يسير بخطى متسارعة وحثيثة، ويعمل على جميع الجبهات الدبلوماسية والسياسية و الاقتصادية والعسكرية، يتجه السفير السعودي محمد آل جابر بكل تحركاتها ويشير بالبوصلة نحو هدف واضح وأصبح جليا وهو إعادة الدولة إلى الشرعية التي تلاشت وذاب حضورها وتواجدها في المناطق المحررة وقد تكون تلك التحركات ملموسة على الأرض داخليا وتحركات دبلوماسية خارجية. كل الظروف التي عصفت بالمناطق المحررة والانهيار الحاصل في انهيار العملة، وتردي الأوضاع الاقتصادية والتوترات والنزاعات بين القوى السياسية والأطراف الداخلية في تلك المناطق المحررة، يجد في الفترة الأخيرة جمود وتوقف مع كل تحركات السفير آل جابر والسعي الحثيث منه في إعادة حضور الشرعية على الأرض من خلال تثبيت دعائم الدولة المفقودة الحكومة الشرعية في المرافق والمؤسسات الحكومية في المناطق المحررة . فقد عمل آل جابر على إعادة رئيس الوزراء الجديد " معين " إلى العاصمة المؤقتة بعد تعيينه بوقت قصير ومباشرة مهام عمله وجميع أفراد الحكومة من العاصمة عدن، وهذا ماكانت ترفضه كثير من القوى المتصارعة والأطراف العسكرية والسياسية التي تقف ضد الحكومة الشرعية داخل المناطق المحررة . تحركات الرياض وعبر سفيرها آل جابر أفضت وفي وقت قياسي وخرافي إلى توقف عملية انهيار وتدهور وسقوط العملة، إضافة إلى توفير المشتقات النفطية عبر المنح السعودية في المشتقات النفطية التي قادها آل جابر ووصل بها بنفسه إلى العاصمة عدن قبل وصول رئيس الوزراء "المعين". كل تلك التحركات الاقتصادية من قبل "الرياض" ومندوبها السفير " آل جابر " لم تقتصر على الأوضاع الاقتصادية ولكن صاحبها تحركات سياسية، دبلوماسية يقودها ويعمل عليها آل جابر على نار هادئة جدا داخليا وخارجيا . تحركات تسابق الوقت والمعطيات والظروف والمفاجأة والأحداث فهل تفضي تلك التحركات من قبل آل جابر " الرياض " إلى إعادة الدولة إلى أحضان الشرعية التي فقدتها طيلة أربع سنوات أم أن كل ذلك مجرد كسب الرهان السعودي وتحركات من اجل تحسين الصورة وعدم الوقوع في الفشل . حراك " الرياض " في الشرق إلى أين يسير؟ تقود الرياض خطوات متسارعة في اتجاه الشرق وتعمل على ترتيب البيت الشرقي من الداخل وتصحيح كثير من الأشياء فيه من خطوات ملموسة على أرض الواقع، حيث إنها كثفت من تواجدها وحضورها العسكري والاقتصادي في بداية الأمر في بوابة الشرق المهرة. واليوم تتجه نحو محافظة حضرموت حيث قامت " الرياض " عن طريق السفير آل جابر الخميس بزيارة إلى المكلا، بخطوة قد تكون إيجابية حيث قامت بتسليم موانئ المكلا إلى قوات خفر السواحل اليمنية في حفل رسمي وبحضور رفيع مكون من السفير الأمريكي ومحافظ المحافظة، وقائد قوات خفر السواحل " القملي " وحضور سياسي ودبلوماسي رفيع يعطي دلالات وأبعاد بعيدة المدى سياسياً واقتصاديا وعسكريا . فقد عملت الرياض على تكثيف تواجدها وحضورها في تلك المناطق الشرقية (حضرموت، المهرة، شبوة ). وقد يكون ذلك واضحاً من خلال رغبات الرياض في تلك المناطق والعمل ان يكون إقليم (حضرموت) من أكثر الإقليم ترتيباً وإعداداً اقتصاديا وعسكريا وسياسياً وتوفير مناخ الأمن ملائمة لتكوين بيئة وحضور " الرياض " حيث توحي تلك التحركات وخاصة في حضرموت بأن الرياض بقيادة آل جابر الذي وصل المكلا الخميس، ويشكر فيه جميع أبناء حضرموت المدنيين والعسكريين لما يقوم به من جهود ميدانية والتعاون الملحوظ مع قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، باسمه وباسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه. هل تسحب الرياض البساط من أبوظبي ؟ منذ أربع سنوات مضت والأشقاء الإماراتيون يمسكون زمام المبادرة ومفاصل اللعبة في المناطق المحررة في جنوباليمن . وما أفرزته معطيات ومتغيرات منتصف أكتوبر واقتحام الرياض في اللعبة يدعو ويوحي أن هناك نية من قبل الرياض في سحب البساط من تحت سياسية وهيمنة أبوظبي في المناطق الجنوبية المحررة . عجزت أبوظبي في تطبيع الحياة والدفع بعجلة التنمية وإعادة الأعمار في المناطق المحررة طيلة أربع سنوات مضت في ربوع الوطن . تلك الحقيقة التي يحاول البعض غض الطرف عنها وتجاهلها على أرض الواقع كونها مؤلمة مرة بطعم العلقم سياسيا واقتصاديا وعسكريا . وقد تكون الرياض قد أيقنت أخيراً أنه لابد من إنقاذ التحالف العربي وتحسين صورة داخليا وحفظ ماء الوجه خارجيا، بعد ان شن العديد من النقاد والنشطاء والسياسيون حملة شرسة وصلت إلى غضب وهيجان شعبي أدى إلى تدارك الأمور من الرياض من خلال الدفع بوجوه وأدوات ووسائل وسبل وطرق خاضعة لها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً . وقد أقدمت الرياض في منتصف أكتوبر من العام الحالي من خلال الضغط على هادي في تعيين رئيس حكومة جديد خلفا للرئيس السابق بن دغر . ذلك الإجراء جاء في مرحلة صعبة وأوضاع اقتصادية كارثية و مناخ سياسي مشحون إلى أقصى درجة من قبل القوى السياسية في الساحة والمشهد الجنوبي . كل ذلك عجل ودفع من مساعي الرياض في سحب البساط من تحت أبوظبي من أجل تدارك الأمور ولملمة الأوضاع الاقتصادي والعسكري وقد كان له ذلك في الآونة الأخيرة من خلال دعم وإسناد خطوات الحكومة بقيادة الشاب/ معين عبدالملك رئيس الوزراء وكان أول بوادر ومعالم وملامح ذلك التحرك السعودي إخراج الريال اليمني من حالة الموت " السريري " الذي وصل لها ومحاولة استقراره وثابتة في سبيل تثبيت الأوضاع المعيشية للمواطن . خطوات الرياض بدأت تجني ثمارها وتلوح في الأفق ميلاد ورسم ملامح خارطة جديدة قد تحمل في طياتها صفحة جديدة بخطوط وحروف وحبر الرياض . وطي صفحة وفصول ومحتوى أربع سنوات مضت تحت هيمنة وسياسية أبوظبي فهل تطوي الرياض صفحة أبوظبي في المناطق المحررة وسحب البساط السياسي والاقتصادي والعسكري من تحت أقدامها في قادم الأيام والمرحلة المتبقية منها . فهل حان عزوف أبوظبي من المشهد وبزوغ نجم الرياض في سماء المحافظات المحررة وخاصة الجنوبية .