تقرير / محسن فضل في وطن يعاني شبابه الخريجون من البطالة عاطلون عن العمل ينتظرون إنهاء مأساتهم المزمنة ويقضون جل أوقاتهم في الفراغ يتساءلون ما هو مستقبلنا ؟ وأي حاضر هذا الذي نعيشه بلا وظائف ولا فرص عمل ؟ شباب جامعيون لكنهم محبطون كيف لا ؟ ووطنهم تعتصره التحديات والأزمات التي سببت لهم الكثير من المآسي والأحزان ووضعتهم في مستنقع البطالة مصدر البؤس والشقاء. أنهم شباب مؤهلون ولديهم قدرات وطموحات لا حدود لها ، ولكن من يرسم لهم الطريق ؟ من يستثمر قدراتهم ومهاراتهم ؟ هل يُتركون هؤلاء الشباب على قارعة الطريق ؟ وهل يظلوا فريسة للبطالة تعبث بوقتهم وتستنزف طموحهم وتجعل منهم شباب لا فائدة منه ولا قيمة له ؟ ربما كان هذا سيحدث لامحالة وربما كانت البطالة مستنقع ينزلق فيه الآلاف من الشباب الجامعيين لولا وجود من أستشعر بالمسؤولية حيال ذلك ونظر إلى هؤلاء الشباب الخريجين بعين الحرص والاهتمام من منطلق أن هؤلاء الشباب يجب أن يكونوا رموز مجتمعية فعالة تسهم في خدمة وتنمية وطنهم ومجتمعهم . إنه الصندوق الاجتماعي للتنمية الذي تفرد عن غيره من المؤسسات الحكومية والخاصة في النظر إلى الشباب الجامعيين فمد يده إليهم وساعدهم على النجاح في حياتهم ورسم أحلامهم ، ولأجل ذلك أطلق الصندوق الاجتماعي للتنمية عام 2004م برنامج روافد ليكون بمثابة طريق مضيئة يسلك من خلالها الشباب الجامعيين للوصول إلى فضاء الإبداع والتألق والنجاح . لماذا برنامج روافد ؟ إنه الشعور بأهمية الشباب الجامعيين والإدراك بكونهم العنصر الأهم في تقدم الأمم والشعوب ، إنها الغاية في تمكين الشباب خريجي الجامعة في الريف والحضر من أن يصبحوا عوامل للتغيير التنموي وتأهيلهم للمشاركة في أدوار تنموية مجتمعية فاعلة تسهم في تحقيق نهضة تنموية مستدامة تلبي احتياجات المجتمع . إنه الطموح إلى إحداث تنمية مجتمعية ومحلية يستثمر فيها رأس المال الاجتماعي المعتمد على المشاركة الجماعية والعمل التطوعي والمبادرات الذاتية من أجل تحقيق التنمية المستدامة . إنه أيضا الهدف في تعزيز رافد من روافد رأس المال الاجتماعي من الشباب الجامعيين مثقف بقضايا ومفاهيم وتحديات العمل التنموي وبناء قدرات الشباب المؤهل أكاديميا وتشجيعهم للمشاركة في أدوار تنموية فاعلة في المستقبل ، وكذلك إعداد شباب مدرب يستجيب للاحتياجات التي تفرضها الأوضاع الصعبة . إنه باختصار رسالة لاستثمار طاقة الشباب الكامنة نحو تنمية مجتمعاتهم. أهمية برنامج روافد على الشباب إن أهمية برنامج روافد على الشباب الخريجين كبيرة وواضحة فالشاب الروافدي يتلقى دورات تدريبية متعددة مما يسهم ذلك في تطوير قدراته ومهاراته في الحياة ويصبح عضو فعال في مجتمعه كما يصبح لديه معرفة وثقافة واسعة للعديد من المفاهيم لاسيما بما يتعلق بالمجال التنموي الذي يتخرج الشاب اليمني من الجامعة وهو لا يعرف عن هذا المجال أي شيء وذلك لعدم اهتمام الجامعات اليمنية بمجال التنمية . إلا أن أهمية برنامج روافد بالنسبة للشباب الخريجين تتمثل بشكل أبرز في كون البرنامج يمثل لهم فرصة عمل مؤقتة بل إن البرنامج يعتبر توفير فرص عمل للشباب أحد المؤشرات المهمة لديه ولذلك يعمل برنامج روافد وبشكل مستمر على الترويج للشباب من خريجي روافد للعمل مع الجهات والمؤسسات الأخرى سواءً كانت فرص عمل طويلة أم قصيرة . وقد بلغ إجمالي عدد الشباب خريجي برنامج روافد حتى نهاية عام 2017م ( 6029 ) شاب وشابة من مختلف محافظات الجمهورية. وبلغ إجمالي عدد الشباب الذين روج لهم البرنامج للعمل مع الصندوق الاجتماعي وجهات ومؤسسات أخرى وحصلوا على فرص عمل طويلة 404 شاب وشابة من خريجي روافد ، فيما بلغ إجمالي عدد شباب روافد الحاصلين على فرص عمل قصيرة مع الصندوق الاجتماعي وجهات ومؤسسات أخرى 9213 شاب وشابة . أثر برنامج روافد على الشباب في زمن بدأت تطفو على سطح المجتمع اليمني سلوكيات ومفاهيم سلبية أثرت على النسيج الاجتماعي تحت أشكال مختلفة منها ماهو سياسي حزبي ومنها ماهو مذهبي وأخر مناطقي وكاد الشباب أن يكونوا ضحية لمثل هذه المفاهيم والسلوكيات الهدامة لاسميا وهم يفتقرون لفرص العمل ويقضون أوقاتهم في الفراغ ظهر برنامج روافد ليرسم صورة جميلة على واقع المجتمع من خلال تعزيز مفاهيم وصفات نبيلة كان لها انعكاس ايجابي كبير على المحيط الاجتماعي ككل وعلى مستوى الجانب الشخصي للشباب وكذلك على المستوى التنموي. فعلى المحيط الاجتماعي كان لبرنامج روافد الأثر الكبير في الحفاظ على التقاليد الحميدة وإحياء روح العمل الجماعي التطوعي في المجتمع المحلي والمساهمة في التخفيف من معدل الفقر وكذلك تمكين المجتمعات من فهم حقوقها واحتياجاتها. أما على المستوى الشخصي للشباب الخريجين فقد كان أثر برنامج روافد ذو أهمية كبيرة وذلك من خلال الارتقاء بالإحساس وبالهوية من مستوى الاتكالية إلى مستوى الاعتماد على الذات وبناء حلقة من العلاقات التنموية على مستوى الوطن وزيادة الثقة بالنفس خصوصا في التعبير عن الأفكار والتفاعل من أجل التنمية واكتساب مفاهيم ومهارات أخرى إضافة إلى تعلم كيفية إدارة الوقت والتفكير النقدي والتحليلي وإيجاد الحلول المبدعة للمشاكل المجتمعية . وعلى الجانب التنموي فقد كان أثر برنامج روافد بشكل كبير وواضح إذ عمل البرنامج على الترويج للعمل التنموي بصورة إيجابية وأثره على تحسين ظروف الحياة والترويج للتنمية في أوساط المجتمعات المحلية خاصة الفقيرة . إضافة إلى تعزيز الإدراك والوعي التنموي لدى المجتمعات المحلية في الجوانب المتعلقة بأولويات احتياجاتهم وتوسيع قاعدة بيانات الموارد البشرية في الريف والحضر لدى الصندوق والجهات التنموية الأخرى ، وكذلك المساهمة في استدامة المشاريع المقدمة وحشد طاقات المجتمعات المحلية ومتابعة تدخلات التنمية في مناطقهم . كذلك تأسيس ارتباط مباشر ووثيق مع الشباب لكونهم أساس التنمية والتقليل من معدلات نسب الفقر والبطالة في أوساط الشباب من خلال خلق فرص عمل متنوعة وفاعلة تلبي احتياجات تنمية المجتمع المحلي. وتعتبر المبادرات الذاتية من المؤشرات المهمة على فعالية برنامج روافد في الجانب التنموي وقد بلغ عدد المبادرات الذاتية التي قام بتنفيذها عددا من خريجي البرنامج خلال عام 2017م فقط ( 312 ) مبادرة شبابية بتكلفة مالية قدرت ب ( 40000000) أربعين مليون ريال . آراء شبابية ولأهمية برنامج روافد على الشباب حرصنا في تقريرنا هذا على عرض بعض الآراء لمجموعة من الشباب خريجي روافد من عدد من المحافظاتاليمنية لمعرفة رأيهم عن البرنامج وما مدى استفادتهم منه وأثره على حياتهم . وكانت البداية مع الشاب أحمد مطر من محافظة عمران الذي قال إن برنامج روافد يعتبر من أفضل البرامج التنموية وأهمها على مستوى اليمن فمن خلال هذا البرنامج تم بناء قدرات ومهارات شبابية تنموية فاعلة . وأضاف مطر كانت استفادتي كبيرة من البرنامج فقد أحدث لي تحفيز قوي نحو الاهتمام بالتنمية المحلية إذ أصبحت أفكر دائما في كيفية تنمية المجتمعات وتطويرها . وأكد مطر بقوله إن برنامج روافد أثر بشكل كبير على حياتي فقد صارت التنمية ثقافتي المفضلة وكل ما أرى عمل يستحق المبادرة أسارع للمشاركة وأساعد على تنفيذه . أسماء خالد من الضالع تصف برنامج روافد بالبرنامج المفيد للشباب والوطن والمجتمع بشكل عام وتقول خالد لقد استفدت الكثير من البرنامج لاسيما في يتعلق بالتنمية المحلية وأوجد لدي دافع قوي نحو العمل التنموي كما أنه ساعدني في النظر إلى الأمور بعقلانية . ويرى عبدالله الجفني من دمت أن برنامج روافد مهم بدرجة كبيرة للشباب فقد عمل البرنامج على تغيير حياة الشباب من الخمول والاتكالية إلى حب العمل والاعتماد على الذات وإحياء روح العمل الجماعي ومبدأ التعاون والتكافل الاجتماعي. وأضاف الجفني لقد كان برنامج روافد هو الدافع والمحفز لي للقيام بالأعمال التطوعية وصرت أشعر بارتياح كبير عند تنفيذي لأي عمل تطوعي في خدمة المجتمع . بدورها تصف ابتسام البلح من حجة برنامج روافد بالبرنامج الأروع على الإطلاق لكونه يتناول كافة قضايا المجتمع التنموية وكيفية تحليل المشاكل التنموية والعمل على معالجتها بطرق وحلول متاحة. وقالت البلح كانت استفادتي من برنامج روافد كبيرة فعن طريقه أصبحت قيادية مجتمعية في عدة جمعيات ومنظمات ، كما أنني تمكنت من استيعاب أشياء كثيرة كانت غائبة عني بعد تخرجي من الجامعة واكتسبت مفاهيم ومهارات في الجانب الاجتماعي والتنموي . واختتمت حديثها بالقول : لقد مثل برنامج روافد نقطة انطلاق حقيقة في حياتي . رمزي عباس من المحويت يرى أن برنامج روافد من أهم البرامج التنموية في اليمن فالبرنامج يسعى إلى إحداث تنمية مجتمعية ومحلية واسعة ويهدف إلى استثمار رأس المال الاجتماعي ويشجع على العمل التطوعي وتفعيل المبادرات المجتمعية وإحياء روح العمل الجماعي . ويؤكد عباس قائلاً إن البرنامج أثر على حياتي بدرجة قوية إذ أصبحت لدي قدرة على تحفيز الناس على المشاركة في العمل الجماعي وتنفيذ المبادرات المجتمعية . ومن محافظة صعده ألتقينا نشوان أحد شباب روافد وعند سؤالنا له عن رأيه حول برنامج روافد أجاب بطريقة مختصرة قائلا : كلما أستطيع أن أقوله لكم هو أن برنامج روافد برنامج أكثر من رائع لقد كان بالنسبة لي بوابة عبرت من خلالها إلى عالم أوسع وأكبر . وأخيراً ومن لحج الخضيرة حدثنا الشاب فضل الحنطري من خريجي روافد الذي أكد على أهمية برنامج روافد على الشباب الريفيين لكونه يهدف إلى تأهيلهم في المجال التنموي وغرس فيهم حب العمل التطوعي وعمل على تطوير قدراتهم ومهاراتهم كما ساعدهم على اكتشاف الموارد المتاحة محلياً واستثمارها وتوظيفها في خدمة المجتمع . وقال الحنطري : استفدت من برنامج روافد أشياء كثيرة يتمثل أهمها في أنني أدركت أهمية العمل التطوعي واكتسبت مهارات ومعارف عززت ثقتي بنفسي وأصبحت قادرا على خدمة مجتمعي . وأضاف : قبل أن ألتحق ببرنامج روافد كان أهالي قريتي يتمنون أن تأتي الحكومة إليهم وتعمل على حفر بئر يساعدنا في الحصول على مياه الشرب لأننا كنا في القرية نعاني من شحة مياه الشرب . ولكن وبعد عودتي من دورة روافد عملت في البداية على توعية أصدقائي بأهمية العمل الجماعي وطرحت لهم فكرة أن بإمكان الأهالي أن يتعاونوا كلاً بحسب استطاعته وهذا سيساعدنا على أن نحفر بئر لقريتنا وحين أقتنع أصدقائي بالفكرة قمنا بتوزيع المهام بيننا وعملنا على تحفيز وتشجيع الأهالي حتى تمكنا في النهاية من تحقيق ما نريده من خير لقريتنا وتم حفر البئر وأصبح الأهالي ينعمون بشرب المياه النظيفة . وهل أثر البرنامج على حياة الحنطوري ؟ أجاب ، نعم لقد أثر على حياتي تأثيراً كبيراً وذلك من حيث تعزيز ثقتي بنفسي وحب عمل الخير ونشر التوعية في أوساط المجتمع وكذلك إحياء روح العمل الجماعي والمبادرات التي كادت أن تتلاشى عن مجتمعنا . الخاتمة لاشك أن برنامج روافد حقق نجاحا كبيراً منذ انطلاقه عام 2004م من خلال تركيزه على استهداف الشباب الجامعيين حديثي التخرج من المناطق الريفية وكان له الأثر الكبير في إعداد جيل شبابي مثقف ومدرك لقضايا ومفاهيم التنمية والعمل الاجتماعي التطوعي ودوره الفاعل في تخفيف نسب الفقر والبطالة في أوساط المجتمع ومع كل ما حققه البرنامج من نجاحات كبيرة وملموسة إلا أن برنامج روافد لايزال يواصل تقدمه بعزيمة وإخلاص حرصاً منه على تحقيق أعلى مستويات النجاح خلال السنوات القادمة ولأجل ذلك فقد وضع البرنامج إستراتيجية استهداف واسعة تصل إلى ما يقارب 3000 شاب وشابة سنوياً حتى يتمكن البرنامج من خلق تنمية مجتمعية شاملة .