هشاشة موقف انتقالي الضالع من الأحداث الحالية، كشف مدى البؤس السياسي والفراغ الإداري الفاضح لدى هؤلاء، ويؤكد بأنهم ليسوا رجال دولة، وأن وجودهم مجرد كذبة تاريخية زائفة، تفضح وعي الجمهور بمفهوم الدولة التي ظنّوا يومًا بأن هؤلاء رجالها، فلا يوجد أي منجزٍ أثبتوه، بل أن حضورهم يقتصرُ على جدارية ذلك المبنى الذي ملَّ من وجودهم المتعثّر بداخله، في حين يُعاني الشارع من تغييب تامٍ لأدنى تطبيع يكشفُ ملابساتِ جريمةٍ ما، أو الحضور إلى مكانِ حدوثها ولو حتى اليوم التالي لوقوعها. نحن أمام جمهورية إدارية سائلة، لا تفقه من المسؤولية شيئًا، غير استغلالِ المكانة، واستلامِ المخصّصات الشهرية؛ في حين يُعاني الشارعُ من حضورٍ بارزٍ لكل صنوفِ الجريمة، وهم في عزلةٍ تامّةٍ عن كل ما يحدث، واكتفوا فقط بإقامة حفلات التسويق المجانية لأنفسهم، وتبييض تأريخهم باعتبارهم رجال دولة. قد يُعلِّل البعض منهم، بخيال شعبوي فقير، وحُجج مستهلكة، تعكس حالة الضمور السياسي الذي يمرُّ به هؤلاء، ويرموا كل ذلك الفشل الذريع إلى سلطة المحافظة، وهذا لا يُسقطْ عنهم المسئولية بقدر ما يُعزّزُ فشلهم معًا، والجميع يدركُ أن حضور الشرعية لا يتجاوز حدود "شُقرة" وما وراءها من الجهة الشرقية، في حين أن السلطة المطلقة ما بعد "شقرة"، قد نجح الإنتقالي في تطبيع الحياة فيها مرورًا بأجزاءٍ من أبين، وحضورًا قويًّا في عدن، ولحج، إلى أن تلاشى إلى درجةِ الصفر المطلق في الضالع، وهذا ما يُثبت أن انتقالي الضالع يمشي منفردًا بلا إيديولوجية ذاتية تحكمه، ولم يؤسس للحد الأدنى من مظاهر الدولة، وظلَّ يحكمُ بمنطقِ الإجتماعاتِ المُغلقة، وما يتبعها من مظاهر السلطة الارتجالية الفاشلة. يعاني انتقالي الضالع من التوحّد السياسي القاهر، إلى درجة المكابرة في السير بهذا الطريق العائم، ولن يتداركوا فداحة الكارثة إلَّا لحظةِ الارتطام المدوّي في القاع، وهذه طبيعة العقلية المغلّفة التي توارثوها منذ زمن حكم البلاد الأول، فلم يتمكنوا من صناعة أيُّ إنجازٍ تأريخيٍّ يُؤسس لاستقرار المحافظة أو حتى انتشالها من وحلِ القمامة المتكدّسة في جنباتها. هذا الانفلاتُ المرعبُ في الحياة في محافظةٍ گ الضالع، يعكس حالة الهزال السياسي الذي أصاب النخبة التي تصدرت مشهد الانتقالي في المحافظة، واستعدادها لتكييف مفهوم بناء الدولة، كي يغدو متطابقًا مع ذلك النموذج من الاستقرار الهش للمجتمع، وعجزهم عن نقله ولو إلى حالته البدائية الأولى في نموذج الدولة والمدنية. بل أضحى نموذجٍ أجوفٍ تبين للجميع زيفه، حتى أولئك البسطاء الذين واجهوا حالة استقرار خادعة سرعان ما تلاشتْ مع أول تفجير في مقر منظمة لملمت أغراضها بعد ذلك ورحلت سريعًا. الرحيلُ المتسارع، والمستمر للمنظمات العالمية من المحافظة، عمل على تعريّة الانتقالي في محافظة تصدرت المشهد السياسي منذ ما بعد الحرب، وجعلتنا منكشفين أمام العالم، ولا نمثل أي حامل إيديولوجي مثير لتوجسات الخارج، وهذه إدانة صارخة، واضحة لكل النضالات المبكرة، ذلك أنها نزعت منّا مشروعية فكرة الكفاح لأجلِ الاستقرار وإقامةِ الدولة المغتصبة طيلة سنين، وغدونا مسخرةً مكشوفة، لم تعد قابلة للتصريف في أي زمان.