* - القاهرة مليون ونصف يمني تقريبا في القاهرة، وربما ضعفهم في السعودية، ونصفهم في تركيا، وملايين متفرقون في أنحاء العالم، يعيشون أوضاعا مختلفة وإن كان بعضهم في وضع جيد أو مقبول، إلا أنهم أيضا يعيشون أوضاعا نفسية متقلبة بين يوم وآخر... في الداخل اليمني ماتزال الأمور (كعادتها) رتيبة فقيرة مهلهلة، والإنسان فيها يعيش على الكفاف بلا أية آمال في المستقبل، ومع تعطل المصالح العامة للدولة اليمنية وظهور المصالح الشخصية فإن اليمن حتما في طريقه إلى الجحيم. هكذا يقول مشهد الصورة العام حاليا لليمن، ولا أظن أحدا يبتعد كثيرا عن هذه النظرة.
يمني مواقع التواصل بينما كنت أتجول في حسابات إخوتي اليمنيين في مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، وجدت تعليقا لأحدهم يقول: "الريال العماني يساوي 2200 ريال يمني، يكفي أننا أصل العرب". كم هو قاس أن يعبر أحدهم بسخرية مذلة عن الوضع العام لبلاده بكل هذا الألم. إن استعارة مقولة (أصل العرب) فيها في الامتعاض ما يتعدى حجمها الذي ولدت من أجله، وهو الجانب السلبي الذي بدأ فعلا بغزو روح ونفسيات الإنسان اليمني، الذي بات مطحونا في الداخل على يد الحوثيين وقوى المتقاتلين، وبين آلام أوضاعه في المهجر، ولا نقول إلا (لاحول ولاقوة إلا بالله) ولك الله أيها الإنسان اليمني الشجاع، فأنت مازلت حيا تتنفس على الرغم من وصولك إلى قاع الجحيم.
يمن الحوثي من ضمن مشاهداتي في مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي اليمنية في الداخل اليمني، لاحظت استسلام غالبية الناس للأمر الواقع، وهو وضع مبرر تماما عندي عطفا على تجاهل المجتمع الدولي للقضية والإنسان اليمني من جهة، والضغوط السياسية على (حكومة الشرعية)، وما تعيشه الخارطة العربية من جهة أخرى. ولفتت نظري احتجاجات صغيرة تمثل واقع الداخل المهموم لكنها بلا صوت بكل أسف. فالحوثيون على الرغم من ضعفهم يسيطرون على كل شيء تقريبا بطريقة تعبنا من الحديث عنها وشرحها، وأكاد أقول بظهور يمن الحوثي، الذي لا يمثل فقط التخلف، بل عائلة التخلف منذ أن وجدت الخليقة، واليمني في الدخل أقصى طموحه اليوم (يشتي يتنفس وياكل عيش وبس كيف ماجا). ومن المذل والمؤلم أن يصل اليمني إلى هذا الحد الذي لا يتمنى فيه أكثر من البقاء حيا تحت ظل فزّاعة غبية ومتخلفة.
قوة الفزاعة الذين يرون في الحوثيين قوة ضاربة لايمكن هزيمتها واهمون جدا في الواقع، فعلى حسب معرفتي القريبة بالعقلية الحوثية وتفكيرها، وتجهيزها العسكري والسياسي ولا تعدو أكثر من مليشيا تعتمد نظام حروب العصابات لا أكثر ويمكن التخلص منها بسهولة وسرعة، إلا أن الحسابات السياسية خارج اليمن لها رأي آخر.. فالعمق الاستراتيجي لليمن مهم جدا لأكثر من جهة، وما تمر به اليمن حاليا فرصة لاتعوض لأصحاب المصالح السياسية في المنطقة، ولن يدعوها تمر هكذا.... فالحوثي في الواقع ليس أكثر من فزاعة من ورق، وسيذهب إلى الجحيم لاحقا لامحاله.
*صحفي وكاتب رأي يمني * مشرف قسم الرأي بصحيفة الوطن السعودية سابقا
