لكم تباهت إيران كثيرًا يوم سقوط العاصمة صنعاء في اغسطس 2014 بأيدي مليشيا الحوثي الانقلابية، وقالت إنها استولت على العاصمة العربية الرابعة بعد بيروت وبغداد ودمشق. تتأكد لنا هذه الحقيقة اليوم بوضوح تام، وذلك من خلال ما نشاهده من محاولات حثيثة للمليشيا الحوثية لتغيير وجه العاصمة صنعاء، محاولة بذلك طمس الهوية اليمنية أولا ثم العربية ثانيًا، لتغدو صنعاء في نظرها ولاية فارسية.. فلقد استطاعت إيران قبل شهرين تقريبًا من إدخال خبير الصواريخ الإيراني حسن إيرلو إلى صنعاء ليكون حاكمًا عسكريًا لها. وما إن وصل حسن إيرلو صنعاء حتى بدأ يختار فريقه بعناية، ويوسع دائرة نفوذه، ورأيناه يتجوّل بكل صلافة في شوارع صنعاء، يزور قبر الهالك الصماد.. واليوم نراه في (جامع الصالح) يحيي ذكرى مصرع المجرم قاتل أطفال العراق وسوريا ونسائها قاسم سليماني قائد ما يسمى فيلق القدس، الذي لقي مصرعه بضربة أمريكية في العراق في يناير الماضي. أي عار لحق بصنعاء جراء تدنيسها بصور القاتل سليماني!!؟ وقد تحدّث إيرلو مفاخرًا : "إن اليمن اليوم- مليشيا الحوثي الانقلابية وما تحت سيطرتها -تعتبر القلب النابض لجبهة المقاومة، والبعد الصلب في محور المقاومة، وهي الأمل للعالم". وقاحة وغرور وعنجهية فارسية ما كان لهذا المدعو الأفّاك أن يتكلم ضد اليمن، لولا مليشيا الحوثي السلالية القذرة، وعصابة الكهوف التي أسقطت الدولة وقضت على كل مؤسساتها، ولولا تفرق اليمنيين وانقسامهم لما تحدث إيرلو هكذا ضد اليمن.. مهد الحضارة والعراقة ومنبع الإباء والشهامة.. آآه يا صنعاء .. صنعاء اليوم مدينة الزبيري وعلي عبد المغني والإرياني وعبد الرقيب عبد الوهاب والبردوني لم تعد يمنية، فلقد غطت شوارعها شعارات إيران وأعلامها، وصور قتلاها المجرمين كالهالك قاسم سليماني.. صنعاء تزيّنت باللون الأخضر وارتدت السواد، وأصبحت المقالت والمزارات في قلبها ..صنعاء تتعرض لمحاولة تغيير جذري وطمس هويتها العربية لصالح الفارسية. بل لقد بلغ بهم القبح أن افتتحوا أقساما جديدة في جامعة صنعاء لتعليم اللغة الفارسية. وهناك تغيير جذري واستهداف ممنهج لعقلية الطفل وحشوه بأفكار سلالية وخمينية وتمجيد ثقافة الدم والثأر واستجلاب الماضي، وتكفير مخالفيهم واستحلال أموالهم ودمائهم.. هل حقًا أصبحت صنعاء فارسية ؟! نعم.. ولكن هيهات.. يُعلمنا التاريخ ودروسه أن هذا الكهنوت السلالي القذر إلى زوال، حتى وإن طغى وتجبر وحكم، فإنه يحمل مشروع دفنه وهلاكه بيديه، لأن التاريخ أيضًا علمنا أن اليمنيين على مدى التاريخ لم يستكينوا ويخضعوا لحكم الإمامة ، بل حاربوها، وقاوموها وانتصروا عليها، ولكن تمُرُّ على اليمنيين لحظة ضعف للذات اليمنية، ولحظة صراع سياسي، وانقسام وطني، وتتشتت للصف الجمهوري، فهنا يعمدُ أعداء الثورة والجمهورية إلى ضرب الصف الوطني بالصميم وينهشون الدولة ومؤسساتها في حين غفلة من صراع وتشظي الفرقاء اليمنيين.. فأحفاد الزبيري والنعمان وكل الأحرار سيستردون وهج الجمهورية وألقها التحرري قريبًا. وعودٌ إلى حديث إيرلو عن اليمن، ولماذا في هذا الوقت بالذات، فيبدو أن إيران على عجلة من أمرها لنقل خبرتها العسكرية والصاروخية لمليشيا الحوثي، لتكون خنجرًا في خاصرة السعودية، وذلك عقب استعدادات امريكية لشنّ ضربة عسكرية ضدها، وقد رأينا صواريخ المليشيا تطرق مدن الرياض، وكأن السعودية لا تعنيها حسم أمر هذه المليشيا.. والسؤال الذي يطرح نفس: ألم يأتِ التحالف العربي بقيادةالسعودية لمحاربة المد الإيراني الفارسي وإعادة الشرعية اليمنية، فكيف باليمن بعد خمس سنوات تحكم بأمر الحاكم العسكري الإيراني وكأنها ولاية فارسية..؟ ولكن يبدو أن التحالف يحسب حساباته سياسيًا ولا يريد حسم المعركة عسكريًا مع هذه العصابة السلالية الفارسية، ولكنه سيفيق إن لم يقضِ عليها عسكريًا تدك مدن السعودية بالصواريخ والطائرات المسيرة؟.