يبدو الوضع مخيفاً كارثيا في المستقبل القريب على المجتمع اليمني، إذا ما استمرت الحكومة الشرعية تسير في ذات السياق الملتزم للصمت، وعدم تقدير المواقف، والخروج بموقف إزاء هذا الاهتراء والضعف والتهميش الذي يعتريها ويلازمها.. ذلك أن الموقف على الأرض في العاصمة المؤقتة عدنوالمحافظات المحررة في الجنوب يكاد يكون لا يمت للحكومة بصلة.. باتت هي كحكومة خارج نطاق التغطية أو الشرعية، هكذا بوضوح... من الواضح للعيان أن الحكومة الشرعية تنظر للأحداث جنوبياً باعتبار ذلك ليس من شأنها وهي في ذلك تساعد في التسليم الكامل والشامل لمهامها لأطراف أخرى مثل المجلس الانتقالي الجنوبي.. إذ ترى الحكومة، أن المجلس الانتقالي هو المسيطر على الأرض، و لذلك فقد فضّلت ترك كل شيء للمجلس الانتقالي.. وهو ما يمثل تخلياً كاملاً عن مهامها وسلطتها والاعتراف بأن عدن وكل محافظات الجنوب أصبحت فعلاً قولاً تحت إمرة المجلس الانتقالي الجنوبي، باعتراف حكومي..!! الانتقالي الإماراتي تظل منازعة الحكومة لسلطاتها أمراً مفروغاً منه، حيث بات واضحاً أن سلطة الحكومة، أصبحت أكذوبة خدعة، إذ يتم انتزاع سلطات الدولة من الحكومة، حتى باتت بلا قدرة على الاعتراض، أو الكلام.. كل ذلك سار باتجاه تعزيز سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي (الإماراتي)، بدعم من الإمارات في فرض قواتهم العسكرية- (مليشيا) مسلحة تابعة للانتقالي، تدفع رواتبهم من الإمارات- فرضها على مقاليد السلطة والقرار الأمني العسكري، سواء في العاصمة عدن أو بقية المحافظات الجنوبية.. هكذا استطاعت الإمارات- بنجاح- جعل الحكومة الشرعية بلا صلاحيات أو سلطة حقيقية، وجعلت ذراعها- المجلس الانتقالي الجنوبي- هو الواجهة المسيطرة على الأوضاع في الجنوب كفاترينة فقط.. الحقيقة أن الإمارات رجالها هم الحاكمون بمقاليد الأمور، يعبثون بالمشهد السياسي والأمني والاقتصادي في العاصمة عدنوالمحافظات الجنوبية، فيما تكتفي حكومتنا بالفرجة الصامتة.. لا اعتراض..!! أصبحت الإمارات هي الحاكم الرئيسي للجنوب، تُقدِّم الانتقالي كواجهة للسيطرة فقط.. لتثبت فعليا أًنها نجحت بامتياز في تحويل الحكومة الشرعية إلى مجرد شخصية كرتونية هلامية لا تفعل شيئا..!! اعتراف أممي في تقرير لجنة الخبراء- الذي قُدِّم لمجلس الأمن، تم التأكيد، بصورة واضحة لا غبار عليها، أن الحكومة الشرعية تواجه مصاعب شتى بفرض سيطرتها وصلاحياتها على المحافظات المحررة، وبالأخص المحافظات الجنوبية.. حيث اتهم التقرير، المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، وقوات الحزام الأمني المدعومة- أيضاً إماراتيا- بأنها تمثل العقبات الأكبر أمام ممارسة الحكومة الشرعية لمهامها وصلاحياتها وأعمالها في العاصمة المؤقتة.. كما أوضح التقرير أن الإمارات ساهمت في منازعة الحكومة الشرعية لسلطاتها ومنحها للميليشيات المسلحة التي لا تتبع السلطات الأمنية الرسمية كوزارة الداخلية. ووصف تقرير الخبراء ذلك العمل ب(تآكل الحكومة والسلطة الشرعية وسلطات الرئيس هادي. وعدم قدرتها على أداء أعمالها. أو ممارسة مهامها كما ينبغي ويجب- في العاصمة المؤقتة عدن- ما يعني أن الحكومة الشرعية أضحت أضعف الأطراف المتصارعة في الجنوب.. وأصبح الانتقالي الجنوبي المسيطر إماراتياً على كل شيء. ويذهب تقرير الخبراء إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الحزام الأمني وقوات النخبة الشبوانية وقوات الحزام الأمني بحضرموت تمثل العائق الأكبر والمعيق الأساسي أمام الحكومة الشرعية! التحكم الأمني! بات ظاهراً أن تحميل الحكومة الضعيفة وتنازلها عن أبسط حقوقها أصبح فعلاً وعملاً مملاً وغير ذي نفع أو جدوى. .ذلك أن المشكلة والقضية أصبحت واضحة وضوح الشمس في أن هناك من يعمل على فرض سيطرته على شتى مناحي الحياة في الجنوب.. إذ تفرض الإمارات سطوتها وسيطرتها التامة وتعمل على زعزعة العمل الحكومي الرسمي وعدم منحهم أية فرصة لإدارة سلطات الدولة. ويتجلى ذلك في المشهد الأمني داخل عدن وهي العاصمة المؤقتة للبلاد.. إذ أن المسيطر فعليا على الأجهزة الأمنية ويتحكم في إدارة الأمن هي قوات الحزام الأمني التي تتبع كلياً دولة الإمارات وتأتمر بأمرها!.. وأضحت وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية التابعة لها مجرد أسماء وكيانات لا معنى لها ومجرد ضيوف فقط! واعترف وزير الداخلية/ أحمد الميسري، بأن وزارته ليست المسيطرة على العمل الأمني بعدن وأن هناك جهات أخرى - في إشارة للأمارات والحزام الأمني التابع لها- تسيطر على الوضع الأمني. ويعد اعتراف الوزير الميسري، مخيفاً ومرعباً وينذر بكارثة للحكومة الشرعية، إذا ما استمرت الإمارات وأذرعها كالمجلس الانتقالي في انتزاع صلاحياتها ومهامها وأعمالها بهذه الصورة. معسكرات مناطقية! من المؤسف أن تشهد المحافظات الجنوبية هذا الاندفاع والتدافع على معسكرات تقوم بتمويلها ودعمها دولة الإمارات لأجل تجنيد شباب وطلبة مدارس على مناطقية وجهوية وحزبية بعيدة كل البعد عن الوطنية اليمنية.. الهدف منها أن تكون هذه التشكيلات العسكرية التي ينشئونها تتبع جهات وأطرافاً داخلية وخارجية لها أجندة ومصالح خاصة! وهذه الاستقطابات للشباب وطلاب المدارس واستغلال ظروفهم المعيشية الصعبة ستكون نتائج تجنيدهم بهذه الأسس المناطقية والجهوية، كارثة على البلاد وتهدد النسيج الاجتماعي في المستقبل. لمحة! من المهم الإشارة إلى أنه بعد تحرير عدن من مليشيات الحوثي كان المفترض عودة الحكومة الشرعية والرئيس هادي إلى العاصمة المؤقتة عدن، لممارسة أعمالهما من الداخل، بيد أن السعودية فرطت بهذا الخيار التكتيكي وأبقت على الرئيس والحكومة في الرياض.. في دلالة واضحة أن ذلك كان هدفاً إماراتياً لإكمال السيطرة على الجنوب ومنحها الفرصة بالتحرك بأريحية وراحة واستغلال غياب الحكومة والسلطة الشرعية.. وهو ما تحقق بالفعل وما كان مخفياً وغير مفهوم قبل سنوات، وبات الآن مكشوفا أمام الجميع!!