أكد مسؤول في البنك الدولي وجود قلق دولي كبير جراء انتشار الفساد في اليمن الذي يشمل الموظفين الصغار والمسؤولين الكبار، وهذا ما فرض واجب حضور مسؤولين من البنك الدولي إلى اليمن للقيام باستشارات في الحكم الجيد ومحاربة الفساد، وعلى المستوى الدولي فان البنك سيستمر في معاقبة الشركات التي يثبت ممارستها للفساد، وأن لديه قائمة سوداء تضم 700 شركة ستتعرض للعقاب ما لم تمارس الإفصاح الطوعي عن مكامن الفساد فيها. وقال إن اليمن تعتبر من أولى الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حيث قيامها بإنشاء جهاز خاص مستقل لمكافحة الفساد تليها في ذلك المملكة المغربية، حسب «الشرق» القطرية. وأبدى روبرت بيشيل كبير أخصائيي القطاع العام في البنك الدولي استغرابه مما نشرته بعض الصحف اليمنية من أن اليمن أولى الدول التي تحارب الفساد، نافياً أن يكون هذا التصريح صادراً عنه بحسب ما أوردته تلك الصحف. وأوضح بيشيل في حلقة النقاش التي نظمها البنك الدولي أمس والخاصة بمؤسسات الإعلام التي تمت فيها مناقشة استراتيجية البنك الدولي حول تعزيز التزام مجموعة البنك الدولي بإدارة الحكم الجيد ومحاربة الفساد، أن هذه الاستراتيجية هي موضوع نقاش واسع داخل البنك، وأنها استراتيجية دولية وتنطبق على كافة عمليات البنك حول العالم، مشيراً إلى أن اليمن هي إحدى أربع دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تم اختيارها لهذه المشاورات، وهي: مصر، المغرب، اليمن،و الأردن، موضحاً أن الأخيرة ستتم فيها المشاورات نفسها في فبراير القادم. وأشار إلى أن اليمن تتمتع بحرية الصحافة وتمتلك مجتمعاً مدنياً نشطاً، وأنها من الدول الفقيرة في المنطقة وترغب في التأهل والنهوض بواسطة مساعدة دولية من البنك الدولي، إضافة إلى أن النظرة نحوها توحي بانتشار الفساد فيها لا فرق في ذلك بين الموظفين الصغار والمسؤولين الكبار، وهذا ما بعث على قلق دولي كبير وفرض واجب حضور مسؤولين من البنك الدولي إلى اليمن للقيام باستشارات في الحكم الجيد ومحاربة الفساد على حد قوله. واستعرض بيشيل العناصر الأساسية لاستراتيجية البنك الدولي من خلال ثلاث قضايا تتعلق بها هذه الاستراتيجية: أولاها على المستوى الوطني من حيث تعميق الدعم المقدم للدول من أجل تعزيز إدارة الحكم فيها، وتحديد النقاط التي يمكن من خلالها للبنك الدولي التدخل، وإيضاح دور المانحين والمؤسسات في البنك حيال ذلك، وماهية القضايا التي يمكن للبنك تداولها، إضافة إلى كيفية وضع الأولويات لأنشطة البنك. أما القضية الثانية لاستراتيجية البنك فقد تركزت على مكافحة الفساد أثناء إعداد وتنفيذ مشاريع البنك الدولي التي تتضمن كيفية إيجاد ضمان لأعلى مستويات النزاهة في العمليات لكي تلبي متطلبات البنك الخاصة بالنزاهة. بينما تركزت القضية الثالثة على المستوى العالمي وكيفية العمل مع شركاء التنمية وتبادل الخبرات ومعالجة المشاكل ذات الطبيعة المشتركة. وأفاد بيشيل في استعراضه بأن مجموعة البنك الدولي تساعد البلدان على تحسين إدارة الحكم فيها عبر مجالات تدخل متعددة، منها تعزيز هياكل وحرية عمل المجتمع المدني والإعلام ومؤسسات الإشراف الحكومية مثل البرلمان والقضاء والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، كذلك دعم اتباع منهجية الشفافية والمشاركة في حرية المعلومات والإعلان عن الثروات، موضحاً أن البنك يركز على الإدارة المالية العامة بحيث يعمل مع الحكومة على كيفية تحسين المخصصات المالية وتحسين الكفاءة والفعالية والقضايا المتعلقة بالعمليات اليومية والإجراءات الإدارية، وإعادة هيكلة المنظمات والمؤسسات، وتحسين الأداء ورفع الكفاءة، إضافة إلى تنمية القطاع الخاص من حيث تحسين المناخ الاستثماري التنافسي ودعم القطاع الخاص الملتزم، وإيضاح دور الحكومة في إنشاء بيئة تمكينية لاستثمارات القطاع الخاص من أجل تحفيز النمو الاقتصادي. وذكر أن البنك الدولي يركز على مدخلين آخرين في هذا الخصوص هما إدارة الحكم المحلي والتنمية التي تلبي احتياجات المجتمع المحلي، إلى جانب إدارة الحكم على مستوى القطاعات من حيث الشفافية والمشاركة والمنافسة في تقديم الخدمات. وحول كيفية ضمان عنصر النزاهة في عمليات المشاريع الممولة من قبل البنك الدولي، أوضح أن الإجراءات المعززة لمحاربة الفساد في هذا الموضوع تنقسم إلى إجراءات وقائية تختص بتحديد العمليات عالية الخطورة وتخفيف المخاطر في المراحل الأولى، كذلك تكوين فرق لمكافحة الفساد مؤلفة من موظفين ميدانيين لاستعراض تصميم المشاريع وتقييم المخاطر، إضافة إلى إعداد خطط عمل لمكافحة الفساد في المشاريع من خلال زيادة الإفصاح عن المعلومات، والشفافية والإشراف من قبل منظمات المجتمع المدني على ذلك. أما الإجراءات التطبيقية باعتبارها القسم الثاني من الإجراءات المعززة لمحاربة الفساد في عمليات المشاريع الممولة، فتتمثل- بحسب المسؤول ذاته -بتعزيز تحقيقات إدارة النزاهة المؤسسية في فساد المشاريع والاستمرار في المعاقبة العلنية للشركات الفاسدة، مؤكداً أن البنك سيستمر بتلك المعاقبة، موضحاً أن هناك 700 شركة موضوعة في القائمة السوداء، مشيراً إلى أن البنك سوف يطبق برنامج الإفصاح الطوعي على المؤسسات والشركات التي سيتم اكتشاف ممارستها الفاسد، كذلك فإن بإمكان الشركات التي تكتشف بأن لديها ممارسات فاسدة الإفصاح عن مكامن الفساد من تلقاء نفسها. واختتم روبرت بيشيل استعراضه بوضع أسئلة تمت مناقشتها من قبل المشاركين تتعلق بتحديات إدارة الحكم الأكثر إلحاحاً والعراقيل المتعلقة بإصلاحات إدارة الحكم، كذلك كيفية تمكن البنك في المساعدة بصورة أفضل على إصلاحات إدارة الحكم، إضافة إلى أسئلة أخرى شاملة تختص بالدول ذات إدارة الحكم الضعيفة والفساد المستشري حيث لا تعتمد قيادة الحكومة إجراءات ملائمة لتناول تلك المشاكل.