مع استمرار الحرب، ودخولها العام الثالث يواجه اليمنيون صعوبة في الحصول على الخدمات الأساسية، التي تكاد تكون في الغالب منعدمة كالكهرباء والمياه والتعليم والصحة والدواء والغذاء، وغيرها من الخدمات. يأتي ذلك في ظل أوضاع اقتصادية وإنسانية متردية تعصف بحياة المواطن في البلد الذي تدور فيه رحى حرب لا تبقي ولاتذر. خصوصاً مع انقطاع المرتبات عن موظفي القطاع الحكومي، التي ضاعفت من معاناة الأسر اليمنية، وانعدام فرص العمل. ويوضح تقرير مؤشرات الاقتصاد اليمني الصادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي- حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه- الحالة الإنسانية والاقتصادي المتردي في اليمن مع استمرار الحرب وانعدام الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء والدواء والغذاء. كما يفتقر 15.7 مليون نسمة إلي المياه الصالحة للشرب ومرافق الصرف الصحي ، في ظل وضع صحي متدهور ومنشئات صحية متوقفة ، حيث يفتقر ما يقارب 65 % من السكان إلي الرعاية الصحية الكافية. وضاعفت حالة عدم تسليم مرتبات الموظفين الحكوميين للشهر الحادي عشر من الحالة الإنسانية المتردية في اليمن. المياه يواجه السكان في اليمن العديد من الصعوبات في الحصول على المياه سواء الصالحة للشرب أو مياه الاستخدام، حيث يفتقر 15.7 مليون نسمه إلى المياه الصالحة للشرب ومرافق الصرف الصحي، وهو ما يشكل 60% من سكان اليمن. وتشير إحصاءات الأممالمتحدة أن سوء التغذية والأمراض الناجمة عن نقص المياه تؤدي إلى وفاة 14 ألف طفل يمني دون سن الخامسة كل عام. كما تعتبر المياه أكثر كلفة على الأسر اليمنية، حيث يبلغ متوسط سعر صهريج الماء الصالح للشرب سعة 3 ألف لتر 10 ألف ريال يمني أي ما يعادل 40 دولار، بينما يبلغ سعر صهريج الماء الخاص بالاستخدام المنزلي 5 ألف ريال يمني أي ما يقارب 20 دولار. ويرجع ارتفاع أسعار المياه إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وكذلك شحة المياه الجوفية في اليمن، حيث يذهب ما يقارب 70% منها في زراعة القات. الكهرباء مع دخول الحرب عامها الثالث لاتزال خدمة الكهرباء منقطعة عن معظم المحافظاتاليمنية، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 90% من السكان لايحصلون على الكهرباء العامة، خاصة تلك المحافظات التي تقع تحت سيطرة جماعة الحوثي وقوات صالح. بينما تشهد بعض المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية تحسنا في خدمة الكهرباء، خاصة في المناطق التي تشهد تحسناً في الحالة الأمنية كمحافظات حضرموت ومأرب وعدن، في حين تشهد بقية المحافظاتاليمنية انقطاع تام للخدمة منذ بداية الحرب. وتعتمد الكثير من الأسر على الطاقة البديلة للحصول على الكهرباء، كالطاقة الشمسية والمولدات الكهربائية الخاصة. إذ تصل كلفة الحصول على منظومة طاقة شمسية بقدرة 100 أمبير فقط إلى ما يقارب ألف دولار أميركي. وتعتمد أعداد قليلة على استخدام المولدات الكهربائية الخاصة لضمان الحصول على طاقة كافية من الكهرباء لعدد ساعات قليلة. ويبلغ متوسط تكلفة الحصول على الطاقة الكهربائية باستخدام المولدات الكهربائية لمدة 8 ساعات فقط في اليوم ما يقارب 200 دولار شهرياً في ظل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية. الصحة يشهد القطاع الصحي في اليمن تدهوراً كبيراً منذ بداية الحرب/ وبحسب أحصاءات فقد تعرضت 300 مرفق صحي للتدمير أو الأضرار، وأن 65% من المنشآت الصحية متوقفة، في حين 14% من المرافق الصحية تعمل بكفاءة 50% فقط. وألقت المشكلة الصحية في اليمن في اليمن بظلالها على حياة اليمنيين وبخاصة النساء والأطفال وكبار السن. إذ تشهد العديد من المحافظات تردي ملحوظ للوضع الصحي، في ظل عجز للسلطات المحلية والحكومة عن مواجهة التحديات التي يواجهها القطاع الصحي وإيجاد الحلول العاجلة للمشكلة الصحية في تلك المحافظات، خصوصاً تلك المحافظات التي تشهد اشتباكات مسلحة أو تلك التي تشهد حصار كمدينة تعز. وكانت هيئة مستشفى الثورة، أكبر المستشفيات الحكومية في تعز أعلنت بتاريخ 21 يونيو توقف المستشفى عن تقديم الخدمات الطبية بسبب عدم قدرته على توفير النفقات التشغيلية خاصة مادة الديزل لتشغيل المولدات الخاصة بالمستشفى، حسب بيان صادر عن الهيئة. وتشير الأرقام إلى افتقار 14.8 مليون نسمة للرعاية الصحية الكافية، بالإضافة إلى انتشار الأمراض والأوبئة مثل الكوليرا وحمى الضنك والإسهالات الحادة والملاريا والفشل الكلوي والسرطان والسكري وأمراض القلب ومرضى ارتفاع ضغط الدم، وغيرها من الأمراض. وتعاني المرافق الصحية في اليمن من نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود التي تعيق تقديم الرعاية الصحية للمواطنين. وبالإضافة إلى هذه الاحتياجات فإن العاملين في القطاع الصحي الحكومي وموظفو الرعاية الصحية لم يتلقوا أية مرتبات منذ ما يقارب 8 أشهر، وهو ما يهدد استمرار المراكز الصحية في تقديم خدماتها. الكوليرا تفتك باليمنيين يذكر التقرير أن معظم المحافظاتاليمنية تشهد انتشار متسارع لوباء الكوليرا، في ظل نقص بالأدوية والمعدات الطبية لمواجهة الوباء. وبحسب تقارير منظمة الصحة العالمية فقد سجلت حتى 14 أغسطس 2017م 1966 حالة وفاة بالكوليرا، فيما ارتفع عدد الإصابات إلى 494.000 حالة مع تزايد الحالات المصابة بشكل يومي. وأوضحت المنظمة الدولية، في بيانها، أن حالة الإصابة آخذة في الارتفاع بنسبة تفوق 4% يومياً، بينما ترتفع حالات الوفيات بنسبة 3.5% يومياً. يأتي هذا في الوقت الذي تهدد الكوليرا حياة ربع مليون شخص حتى نهاية العام الحالي، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. التعليم وبحسب تقرير مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، يشهد قطاع التعليم في اليمن تدهوراً بسبب الحرب التي تدخل عامها الثالث، حيث تسببت الحرب بتضرر العديد من المنشآت التعليمية، وتسببت في تسرب العديد من الطلاب عن المدارس، وهو ما يعرضهم لخطر الاستقطاب إلى جبهات القتال. وتشير التقارير إلى تضرر ما يقارب 1700 منشأة تعليمية إما بشكل جزئي أو تدمير كلين مما يجعلها غير قابلة للاستخدام- أي أن هناك مدرسة مغلقة من بين كل عشر مدارس عاملة. وبينما تستخدم بعض المدارس كمأوى للنازحين، تستخدم الأطراف المتصارعة البعض الآخر كمقرات عسكرية. كما تسببت الحرب بتسرب ما يقارب مليوني طفل عن المدارس، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وعدم قدرة الآباء على توفير المتطلبات والاحتياجات المدرسية لأبنائهم بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية. وبحسب تقرير الإعلام الاقتصادي ما يزال قرابة 350 ألف معلم ومعلمة في انتظار المرتبات المتوقفة منذ قرابة 11 شهراً، وهو ما يهدد العملية التعليمية بالتوقف. ويعيش المعلمون ظروفاً اقتصادية صعبة، مما يضطر الكثير منهم إلى ترك التدريس والذهاب للبحث عن فرص عمل أخرى تعينهم على إعالة أسرهم. ويعاني طلاب اليمن المبتعثين للدراسة على حساب الدولة في الخارج من تأخر صرف مستحقاتهم المتبقية لدى الحكومة/ حيث نظم العديد منهم وقفات احتجاجية أمام سفارات بلادهم في العديد من البلدان للمطالبة بصرف مستحقاتهم للربعين الثاني والثالث من العام الحالي. ويبلغ عدد الطلاب المبتعثين للدراسة في الخارج، بحسب كشوفات المستحقات التي وجه رئيس الوزراء/ أحمد عبيد بن دغر- 7085 طالب وطالبة موزعين على العديد من الدول. وكان رئيس الوزراء وجه بصرف المستحقات المتأخرة للطلاب المبتعثين، وبحسب بعض الطلاب فقد تم صرف مستحقات الربع الأول في شهر يونيو 2017م، في حين لم يتم صرف بقية المستحقات بالإضافة إلى الرسوم الدراسية المستحقة للجامعات، وهو ما عرض العديد من الطلاب للتهديد بالفصل من بعض الجامعات، فضلاً عن مهددات أخرى واجهها الطلاب. الوضع الإنساني وأزمة المرتبات يعيش ما يقارب 1.25 مليون موظف في القطاع الحكومي أوضاع إنسانية صعبة، في ظل عدم حصولهم على مرتباهم منذ ما يقارب 11 شهراً. وبحسب تقارير الأممالمتحدة يعيل هؤلاء الموظفين 6.9 مليون نسمة، منهم 3.3 مليون طفل. وفي ظل تفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية في اليمن جراء استمرار الحرب في البلد منذ ما يقارب الثلاثة أعوام، تزداد معاناة الموظفين اليمنيين سوءاً، مما يضطرهم لترك وظائفهم الحكومية والبحث عن فرص عمل أخرى تساعدهم في توفير متطلبات أسرهم. يتحدث أحد الموظفين الحكوميين، والذي كان يعمل مدرساً في إحدى المدارس الحكومية، عن معاناته جراء استمرار انقطاع المرتب: "بعد ما يقارب ثلاثة أشهر من انقطاع المرتب تركت التدريس في الجامعة وخرجت أبحث عن فرصة عمل". يقول أنه بعد بحث استمر ما يقارب الشهر وجد عملاً في إحدى المحلات بالمدينة براتب شهري 30 ألف ريال يمني- أي 90 دولار أميركي-، وهو راتب لايكفي لشراء المتطلبات الأساسية للبيت، حد إفادته. ويضيف: " استمريت في هذا العمل لمدة شهرين قبل أن يسرحني صاحب العمل بسبب تراجع العمل، بعدها خرجت للبحث عن فرصة عمل أخرى، لكن لم أجد فقررت أن أعمل كعامل بأجر يومي لا يتعدى 2500 ريال في اليوم (8 دولار)، أحيانا أجلس عدة "يام بدون عمل". عائدة العبسي إحدى الموظفات الحكوميين بتعز، بعد أن عجزت عن توفير قوت أطفالها قررت بيع إحدى كليتيها لإطعام أطفالها. ونشرت العبسي صورة لها على وسائل التواصل الاجتماعي وهي تحمل لافتة كتب عليها: " أعلن عن بيع إحدى كليتي لأنقذ أطفالي من الجوع". عائدة واحدة من أصل 1.25 مليون موظف حكومي يعتمدون بشكل أساسي على مرتباتهم في توفير متطلبات أسرهم، في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية وعدم وجود مصادر دخل أخرى تساعدهم في تحمل متطلبات العيش. تقول عائدة: "هذه ليست فقط معاناتي بل هناك الكثير من الموظفين يمرون بنفس المعاناة، وهناك أطفال يعانون من مجاعة حقيقية بسبب عدم تسليم المرتبات". وتضيف: " فالراتب هو الحياة وقطعه يعني موت محقق للكثير من أطفال الموظفين الحكوميين، خاصة في مدينة تعز التي تشهد حصار وارتفاع في أسعار السلع الغذائية الأساسية".ط وفاقم من أزمة المرتبات وجود حكومتين، الأولى تابعة للرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي والأخرى تتبع جماعة الحوثي وحليفها صالح. وتقوم الأولى بصرف مرتبات الموظفين في المناطق التي تسيطر عليها كمحافظة عدنوحضرموت ومأرب بشكل مستمر، بينما تعمل حكومة الحوثيين على تقديم بطائق تموينية للموظفين لشراء مواد غذائية بشكل متقطع. وكانت الأممالمتحدة صرحت على لسان مبعوثها الأممي لليمن بتقديم مقترح لحل أزمة المرتبات في اليمن، لكنها لم ترى النور إلى الآن.