لا يحضر الكاتب في مخيال القارئ المنحاز أكثر من كونه مجرد وحش في غابة ضاجة بعوي سباع ضارية ,هذه طعنة للغرور الذاتي للكاتب وجرس انذار بأن عليه إعادة النظر فيما يكتب قبل أن يفاجأ وقد أصبح مجردا من قرائه وخارج طور اهتماماتهم بالكلية . نحن نكتب لاعتقادنا بأن الكتابة تجعلنا اكثر قربا من الناس , ثمة سبيل مفخخ بالمحاذير يحتاج الكاتب لكي يجتازه بنجاح ان يكون أكثر دهاء في سبر أغوار الحاجة الذاتية للقارئ ؛ ولذا لشد ما تمنيت لو أنني اعرف كم من الناس يقرأون لي ؟ حسنا .. يمكنني أن اصوغ لسؤالي إجابة كانت قد طاولت النضج واستوفت شروطها الموضوعية في ذهني : من يقرأون كتاباتي قلة قليلة من الناس “ المداليز “ الذين يشبهونني في كل شيء بما في ذلك تلك الحمية والسعار الذي أبدوا عليهما أثناء تناولي للأحداث والشخوص ! لا تستغربوا من وصفي لنفسي بالمسعور ؛ فهو وصف أطلقه علي احدهم في رسالة مقتضبة عبر الفايس بوك تداركها بالتأكيد على أنه لم يستغرق كثيرا في التفكير حينما اختار لي هذا الوصف !. هذا يحفزني أكثر للحديث عن الكتابة بوصفها فعلاً أحمق, ينطوي على رغبة تشبه الجنون لدى الكاتب في أن يصبح مكروها ومحل احتقار طائفة مهمة من الناس ! وعلى الرغم من كون جوهر نتاج هذه الرغبة المجنونة يتناقض ومقتضى القانون الطبيعي للانسان باعتبار أن كراهية الناس شيء غير محبب .لدى النفس البشرية ؛ فإن الكاتب يبدو في حالة تمرد حاسم على منطق القانون الطبيعي في اجتراء أقل ما يمكن وصفه بأنه مقامر وأعمى نحن أمام حالة من الارتهان المطلق لنوازع غريبة تحتشد ضدا على كافة قواعد القانون الطبيعي للانسان ؛ مع عدم اغفال مخرجاتها الاستلابية لكل مايفترض أنه طبيعي وفطري!. قد لا يبدو هذا الكلام منطقيا بالمفاهيم الدارجة إذا ما اخذنا في الاعتبار ما يجود به على الكاتب قراء آخرون من تعبيرات مدائحية واطراءات تلتقطها ذهنيته بطريقة مغناطيسية ؛ لتعزيز يقينه الغرزي بالأهمية التي ينطوي عليها حضوره ودنوه من الاوساط رغم كون جوهر السلوك عينه يعكس حالة من الاحتيال الفاقع الذي يمارسه الكاتب على مدركاته السابقة باشتهاء باذخ . إن هذه هي الصورة العميقة لحقيقة الكاتب , والحق أنني اسدد لنفسي ضربة مؤلمة اذ أعمل على تعريتها امامكم على هذا النحو الفضائحي الغاشم. [email protected]