أفصح الصمتُ عن مضمونه القاسي الكئيب عندما صرخت بالفتنة ألسنةٌ حِداد، وقد كان.. وصرخَ من على منبره داعياً إلى فتنة عارمة ومؤججاً ناراً ساكنةً أبعدهُ الله عن نبش رمادها حيناً من الدهر ، لولا أن أنساه الشيطان ذكر ربه، يوم أن ربط مصيره بمصير بشار الأسد. فانقطع بصرخته على أبواب القصير آخر حبل امتد بين السنة والشيعة، فأصبح "حسن نصر" مثاراً لما قلته فيه: ما كان أغناك عما قلتَ يا حسنُ *** لكنها قد مضت في مثلكم سُننُ أججتَ ناراً من الأحقاد ساكنةً *** لهيب فتنتها مستنقعٌ عفنُ وكان "حسن نصر" قد توارى في السنتين الماضيتين خلف عباءة "الولي الفقيه" ولم يكن ينفك عن ظله إلا في اللحظة التي كان يرسل فيها مقاتليه لمناصرة بشار الأسد سراً.. لكنه وبالنظر إلى مهاراته في الالتفاف على اللغة والمنطق استطاع أن يكسر حاجز الصمت عندما أقحم في خاصرة اللغة أخطر جملة اعتراضية في تاريخ التآمر الباطني على المسلمين، إذ شكلت تلك الجملة مضمون خطابه الأخير لينفتح الباب على مصراعيه، وينكشف الباطن المستور ل"لحسن نصر" تحت صرامة الظاهر المكشوف ل" الولي الفقيه". ولما كانت الأحداث الأخيرة في سوريا أعمق من أن نتخيلها استحال على الكثير من الناس تركيب مفردات ملائمة لقراءة مضمون خطاب "حسن نصر" كما ينبغي أن يُقرأ بتجرد وموضوعية، بعيداً عن وهم المقاومة والممانعة التي لن تمر إلا على جثث أطفال سوريا، فإن كان ذلك هو حال المقاومة لدى "حسن نصر" فليخبرنا كم يكفيه من جثث أطفال ونساء سوريا ليخرج مجدداً على قناة المنار معولاً في انتصاره على اسرائيل بجريان الدم السوري على مذابح الباطنية إرضاءً لشبق "الولي الفقيه" في الدماء ، وقضاءً على التكفيريين التي تشترك أمريكا مع "حسن نصر" في ملاحقتهم والقضاء عليهم. وإذا كان للسخرية أن تطل برأسها، فلن يكون ذلك إلا في لحظة الإعلان عن ثمرة المقاومة والممانعة في حماية مراقد الأئمة الذين يزعم "حسن نصر" ومواليه أن آكلي الأكباد قد نبشوها، نبش الله السكينة من قلوب من يفعل ذلك كائناً مذهبه ما كان. لكن مضمون السخرية التي أطلت برأسها قبل قليل يتجلى دهشةً لدى من يمتلك القدرة على الربط بين الأحداث ليتساءل حينها عن ماهية العقول التي تتعامل مع رفات الأفكار بنفس تعاملها مع رفات الأموات. وهل هذه هي فلسفة التدين وغايته، أم أن الأمر مقصور على بندٍ واحد في خطة مفضوحة لا يهمها أن تهدم الكعبة حجراً حجراً في اللحظة التي يُقتل فيها سوريٌ واحد على يد من يصرخون "الموت لأمريكا وإسرائيل" في الوقت الذي تسخر فيه من سذاجتهم علامات التعجب وأدوات الاستفهام.!!؟؟