قائد الاحتلال اليمني في سيئون.. قواتنا حررت حضرموت من الإرهاب    هزتان ارضيتان تضربان محافظة ذمار    تراجع في كميات الهطول المطري والارصاد يحذر من الصواعق الرعدية وتدني الرؤية الافقية    باحث يمني يحصل على برأه اختراع في الهند    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    الجنوب هو الخاسر منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    عنجهية العليمي آن لها ان توقف    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    غريم الشعب اليمني    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القيادي الاشتراكي د. عبدالرحمن عمر : الناس يطالبون بما لا تناضل من أجله الأحزاب والتشظي قد لا يقتصر على الجنوب فقط لأن خارطة الشمال قد تتشظى
نشر في الاشتراكي نت يوم 21 - 04 - 2012

- للأحزاب ضوابط تكاد تكون إسمنتية لهذا لا يمكن للثورة أن تخرج من داخل هذه الأحزاب
- خرج الناس للثورة من أجل مطالبهم وحاجاتهم وليس من أجل أشياء تتعلق بالقضايا الكبرى
- لا يمكن، على الإطلاق، تجاوز الإصلاح في أي عمل تحالفي
- يجب فصل قضية الهوية الجغرافية والتاريخية والثقافية عن السياسة ومشكلاتها الآنية واليومية
- بعد 94؛ كانت هناك سياسات ممنهجة لدى المنتصرين في الحرب قائمة على إلغاء أي اعتبار للمواطن الجنوبي والإمعان في محاولة إذلاله
- الحراك أسقط كل مشاريع السلطة التي كانت تسعى إلى تطبيق سياسات الضم والإلحاق للجنوب بالكامل وتحويل الجنوبيين من مواطنين إلى رعايا لهذا كان الحراك ثورة للكرامة
- الحراك السلمي والثورة الشبابية مفصل من ذات الذراع؛ ذراع الشعب التي ضربت خصومها
- الحل المقبول للقضية الجنوبية هو تغيير شكل الدولة ونظامها السياسي
- لا يمكن حل القضية الجنوبية إلا بأفق وطني مستقبلي، أما إذا أعطيتها بعداً ماضوياً فستسبح باستمرار نحو الماضي، وهذا سيعمل على تشظيها
- التشظي في الإحساس بالهوية متجذر أكثر في النخب السياسية وليس في صفوف الشعب أو المواطن العادي
* قلت إن الحزب الاشتراكي خبير في وضع الإستراتيجية، بينما هو ضعيف في التكتيك.. والآن تبنى الاشتراكي، كما عرفنا، خيار الفيدرالية بين إقليمين، رغم أن الحراك الجنوبي له سنوات. هل يعني هذا أن ضعف الاشتراكي في التكتيك سبب إبطائه في تبني هذا الخيار حتى الآن؟
لا. الاشتراكي حتى الآن يُناقش هذا الخيار، لكن عليه أن يُعلنه بعد تبنيه بشكل رسمي ضمن هيئاته الحزبية. الاشتراكي ناقش هذا الموضوع مع أحزاب اللقاء المشترك، ووارد في برنامج الإنقاذ لأحزاب المشترك، الذين رفضوا، حينها، أن ينص رأي الاشتراكي على الحل الفيدرالي الثنائي. حرصاً على عدم انفراط هذا التحالف، وعلى عدم الاختلاف بشكل كبير؛ قبل الحزب الاشتراكي، وقتذاك، أن يُثبت الحل الفيدرالي، وعندما يحين الوقت ستتم المناقشة. لكن الاشتراكي يعمل على التالي: إن القضية الجنوبية لا يُمكن أن تُحل، أو يتم حلها، إلا من خلال كل الحركة السياسية الوطنية، وإلا سيصبح الأمر، مُجدداً، موضوع شقاق، ويؤدي إلى مشكلات كبيرة، وبالتالي هو نجح [يقصد الاشتراكي] في إقناع حلفائه في اللقاء المشترك بأن ثمة مشكلة في الجنوب نتيجة لحرب 94، والسياسات التي اتُّخذت، ولو عدتم إلى بيانات هذه الأحزاب السياسية، ستجدون هذه الحقيقة موجود ومتبلورة لدى هذه الأحزاب، لكن لم يصلوا إلى مخرج وحل بشأنها. هناك الآن آراء تناقش كالحكم واسع الصلاحيات، أو الحل بالطريقة التي اتُّخذت بها وثيقة العهد والاتفاق، وهذه الآراء تُناقش، إلا أن الكل لم يصل إلى بلورة نهائية لموقفه من هذه القضية. صارت الفيدرالية، كما نشعر، مقبولة عند شركاء الحزب الاشتراكي، غير أنه ليس واضحاً أي نوع من الفيدرالية: فيدرالية إدارية، فيدرالية تأخذ البلاد على وحدات دستورية.. ما زال يُناقش ذلك حتى الآن. وبالنسبة لهذا؛ فمعروف من الناحية التكتيكية أن الناس عندما يطرحون سياسيات يرفعون السقوف عالية ليصلوا إلى حلول وسط .
* أنت برأيك الشخصي؛ كيف ترى الحل للقضية الجنوبية؟
نحن في عالم لا يتم رسم الخرائط السياسية فيه على أساس جغرافي، أو إعادة رسمها برغبة من ذات البلدان، أو برغبة الدول الإقليمية. هذا الأمر محتكر، بشكل قاطع، للدول العظمى، وهي التي تلعب دوراً في تحديد هذا النوع من الحلول. حتى الآن ما نسمعه أنه لا وجود لإعادة رسم خارطة سياسية في اليمن، لكن هذه الدول الكبرى، وهي ترسم، أو تُعيد رسم الخرائط، فلا ترسمها على أساس بلد معين، بل ترسمها على أساس إقليم بأكمله. عندما نقرأ الآن عن تقسيم، أو مشاريع قديمة رُسمت، أو مشاريع مستقبلية ستُرسم، فلا نجد ما يشمل اليمن فيها. بالتالي؛ فعندما نجد الوثائق الدولية فهي تنص على وحدة اليمن، ولاحظ، بالمقابل أيضاً، فهم [يقصد الغرب] دقيقون عند إصدار البيانات في المفاهيم؛ هم يقولون: استقرار ووحدة البلد، ولا يقولون استقرار والوحدة اليمنية. لا يشترطون هذا الشرط، يقولون وحدة البلد، وهذا يعني أي شكل للنظام السياسي يبدل ويأخذ أشكالاً مختلفة للدولة، لا يعترضون عليه، وربما يشجعون عليه الآن. أُلاحظ الآن هناك اهتماماً في ما يتعلق بمراكز البحوث والدراسات، وفرق الأزمات الدولية، في ملامسة القضية الجنوبية كواحدة من مشكلات اليمن، وهم يطرحون حلولاً عديدة، كان آخرها ما حمله تقرير أخير للجنة الأزمات الدولية. إذا لا يوجد تفهم دولي، إقليمي، محلي، على خارطة معينة، ستظل المشكلة مستمرة .
* لكني أرى أن التطورات الحالية لا تُنبئ باستقرار البلد، استقرار تنشأ عنه دولة مركزية قوية قائمة على القانون والمواطنة المتساوية، أو تقوم على نمط مختلف عما كان قائماً عليه نظام علي عبدالله صالح.. لهذا فربما هذا التأخير سيُعمق الشرخ، وسيدفع بالجنوبيين إلى خيار أبعد من الفيدرالية، سيصبح فيه الانفصال خياراً وحيداً أمام كثير من الجنوبيين .
ربما. هذه مسائل يُمكن تكون واردة، لكن إذا هناك رسم لخارطة، فلن تكون ذات الخارطة السابقة .
* السابقة على مايو 1990؟
على 22 مايو 90 .
* هل أنت مع الرأي الذي يقول بأن الانفصال سيؤدي إلى تشظي الجنوب؟ وألا تعتقد أن في هذا الرأي نوعاً من الوصاية على الجنوب: إما أن تبقى في الوحدة، أو ستتشظى؟
لا. هذا التشظي قد لا يشمل الجنوب فقط. قد يشمل خارطة الشمال أيضاً، لأن هناك مشكلات مزمنة أيضاً، وإن كان حلها يأتي ضمن المسألة الديمقراطية، لكن، على المدى المنظور، لا يوجد شيء من هذا القبيل، فالحلول المقبولة، كما يُمكن ملاحظتها، فهي في تغيير شكل الدولة، ونظامها السياسي، بدرجة رئيسية، وكل شيء مرهون بالقوى الداخلية، وإدراكها في الدفاع عن صورة بلدها الذي تريد أن تراه .
* يبدو من حديثك أنك تُراهن كثيراً على الديمقراطية، رغم، وهذا رأي معروف، أن الديمقراطية لا تضع حلولاً للمشاكل العامة والرئيسية والمستعصية للبلاد، بل تُدير بلداً ..
أقصد الديمقراطية في إطار الممارسة، فبعد أن تُوضع حلول للقضايا، فاستمرارية نجاح حلول هذه القضايا وإدارتها تشترط الديمقراطية. بمعنى آخر؛ كانت هناك حلول مقترحة من المؤتمر الشعبي العام، إلا أنها كانت تسقط باستمرار، لأنها كانت تُطرح على صيغ غير ديمقراطية، وبعيدة عن المسألة الديمقراطية. وهذا أدى إلى استفحال المشاكل. والديمقراطية التي أعنيها هي أخذ الآخر بالاعتبار، وعدم إلغائه، وعدم إقصائه، وعدم تهميشه .
* كلام جميل، لكني أتصور أن حل المشاكل الرئيسية في البلد، كالقضية الجنوبية، أو قضية صعدة، أو غيرهما، سيكون بوجود دولة قوية قائمة على النظام والقانون، والمواطنة المتساوية. هذا سيكون هو الحل الحقيقي، أفضل من عقد مؤتمر وطني. لا أتصور أن المؤتمر الوطني، أياً كان، وأياً كانت طريقة إدارته، سيخرج بحلول مرضية للجميع، أو سيخرج بحل لهذه القضايا. في أمريكا؛ كانت هناك حركات كثيرة مطالبة وداعية لانفصال بعض الولايات، إلا أن الدولة القوية في أمريكا هي من فرضت الوحدة الفيدرالية لأمريكا .
هذا صحيح، لكن عندنا توجد كُتل اجتماعية وسياسية ثقيلة لا بد من حضورها. هذه الكتل ليست كموجود قضايا فقط، بل لها تجسيداتها الجغرافية، والتاريخية، والبشرية الإنسانية. لا بد من حضور هذه الكُتل القائمة لكي تجد ذاتها في المشاركة في السياسة، وفي القرار .
أقصد هنا أن التاريخ كثيف الحضور في اليمن، بينما الولايات المتحدة الأمريكية، وبالرجوع إلى زمن تأسيسها، فهو حديث، لهذا فهي متخففة من التاريخ. وفي القرون ال3، وربما التي تسجل وجود وتطور الدولة والنظام السياسي الأمريكي، فإن التاريخ، على سنواته القصيرة، هو إبداع، بينما التاريخ لدينا أبعاد ماضوية تتنامى المشاكل فيها وخلالها، ولا تزال بمعطياتها الراكدة فينا تحتل الحاضر، وتثقل كاهل كل مواطن معاصر في اليمن. لكن التاريخ الإنساني، مهما كانت تنوعاته وتمظهراته المختلفة، فيه من المتشابهات الكثير، وبهذا الصدد لنا أن نتذكر، أيضاً، الجوانب المظلمة من صيرورات التاريخ الأمريكي، فالوجود الإنساني والثقافي للهنود الحمر قد تضاءل كثيراً، كماً ونوعاً، كما أن الأمريكيين السود من أصول أفريقية، وإن تم تحريرهم من العبودية في فترة حكم أبراهام لينكولن، وتحقيق وحدة الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه لم يتم الاعتراف بحقوقهم المدنية إلا في الثلث الأخير من ستينيات القرن الماضي. على أية حال؛ ما يمكن أن نتعلمه من تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، هو أنه بلد لا يقدس "الثوابت" البشرية في مجالات الحياة الإنسانية على أصعدة السياسة والاقتصاد وغيرهما، إذا تجاوزتها الحياة، وأصبحت معضلة تتناسل منها أزمات الحياة، فنحن نسمع دائماً لدى ذكر نصوص من الدستور الأمريكي ترفق بعبارة التعديل الأول، أو الثاني إلخ، وكل تلك التعديلات تتم بناءً على متطلبات الحياة، والاستجابة لمصالح الناس، على قاعدة توازن المصالح كلما كان ذلك ضرورياً. أما نحن تتعفن حياتنا تحت أي من النصوص الدستورية كلما كان ذلك لمصلحة القوى المستبدة. وإلى ذلك؛ فالولايات المتحدة، أيضاً، دولة فيدرالية متماسكة، والمواطنة فيها أمريكية صارخة، والهويات ليست لها صلة بالسياسة وأمراضها. هذا ما يمكن أن نتعلمه من التجربة الأمريكية .
* هل تبلور لديكم، سواء في الاشتراكي، أو في المشترك، تصور لكيفية التعامل مع الفصائل المتعددة للحراك، سواءً في الداخل أو في الخارج..؟ ويبدو من المشهد اليوم أن هناك مشكلة؛ هم يطرحون حواراً بين شمال وجنوب، أيضاً أنت أشرت إلى مسألة مهمة، وهي وجود صراع، داخل الحراك، على تمثيل القضية الجنوبية؛ كيف يُمكن إدخال هذه الأطراف في الحوار، ثم من يُمثل الجنوب..؟
هذا ما أشرت إليه في البداية؛ يجب أن يكون هناك أشياء كثيرة تسبق الحوار الوطني، وتحظى هذه الأشياء بمساهمة كل الأحزاب بجهودها الذاتية، والخاصة، المرتبطة طبيعة علاقاتها بكل الأطراف، وهذا لم يتم حتى الآن، للأسف. وأظن أن هذا لو تم، ووُجد تفهم مشترك للقضايا، فسيُقلص من جوانب الخلاف، أكثر مما سيتوسع لو تم إهمال هذا البعد. لدى الحزب الاشتراكي، الآن، تصور لكيفية التفاعل الإيجابي مع كافة هذه الأطراف كلها؛ كخطوة تُمهد للحوار الوطني، وتُساعد على إنجاحه .
الهوية والحراك الجنوبي
* منذ أن بدأ الحراك في الجنوب كان يُعبر عن مشاكل واقعية موجودة في الجنوب. مع الزمن؛ بدأ هذا الحراك يأخذ نبرة جنوبية متشددة في معاداة كل ما هو شمالي؛ سواءً كان النظام، أو الشعب. وتم هذا باتجاه البعض للبحث في أصول كثير من الجنوبيين.. كيف ترى هذه المسألة؟
في الحقيقة؛ هذه ليست من ثقافة الناس، لأن الجنوبيين، وكثيراً من قيادات الحراك، تربوا في المدرسة الوطنية؛ عندما نجح الحزب الاشتراكي في جعل الهوية هوية حضارية استوعبت كل اليمنيين. في أيام ذلك الحكم؛ كانت الجنسية اليمنية واحدة ينتمي إليها كل أبناء اليمن الطبيعية، وكان لكل يمني الحق في كل شيء في تلك الدولة. في فترة الاستعمار في الجنوب وُجدت فكرتان وسياستان تتصارعان: فكرة الجنوب بهوية يمنية، أو الجنوب بهوية خاصة؛ قبلية واجتماعية. الأولى تمت تحت تسمية "الجنوب العربي". الصراع السياسي، مع المد القومي العربي، الذي كان موجوداً، والثقافة التي كان يبلورها في وعي الناس، في كل البلدان العربية، فحسم أن هوية الجنوب يمنية، وعليه تأسست جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وتربى الناس تحت هذه الثقافة مع شوق نحو تحقيق الوحدة اليمنية. ربما كانت بمفاهيم تختلف عن المفاهيم التي تحققت بها الوحدة في ما بعد. لكن قيمة الحراك السياسي والاجتماعي السلمي في الجنوب؛ أستطيع أن أقول، بدون تردد، إنه كان من أبرز وأهم الأحداث السياسية منذ ما بعد تحقيق الوحدة اليمنية. والحقيقة أن الحراك، في بداياته الأولى، استطاع أن يُعبر عن الجنوب؛ باعتبار أن الحراك السلمي الجنوبي هو ثورة الكرامة. لماذا ثورة الكرامة؟ لأنه بعد 94 كانت هناك سياسات ممنهجة في السلطة، ولدى المنتصرين في 94، على إلغاء أي اعتبار للمواطن الجنوبي، عبر ضرب كل مكتسباته، التي تحققت له من دولته السابقة، ومحاولة لطمس التاريخ، ومحاولة كبيرة لطمس هويته السياسية الحضارية، وهي تختلف عن الهوية السياسية التي كانت في الشمال. مس هذا، إلى حد كبير، الإساءة إلى المتاحف، وكانت تُقام، كل عام، يُقيمها التوجيه المعنوي، وفي كل عام كان ينتقص شيء من تاريخ ثورة 14 أكتوبر، بحيث يُريد أن يخلص إلى أن هذه الثورة لا حدث، أو حدث هلامي. تم إخراج الناس من وظائفهم وأعمالهم باستغلال ظروف ومسميات كثيرة كالإصلاحات الإدارية، التقاعد، وغيرها من السياسات والأساليب. إلى جانب ذلك؛ كان هناك نوع من الإمعان في محاولة إذلال المواطن الجنوبي؛ كإبعاد موظف ولو كان موظفاً صغيراً في مستوى مدير إدارة، ويتم الإتيان بالبديل من المحافظات الشمالية! أقول أنا؛ لا اعتراض أن يأتي من الشمال موظفون إداريون بمسؤوليات حكومية ومختلفة في الجنوب، لكن أن يتم ذلك بطريقة الإحلال وفق سياق ممنهج، فهذا هو الذي أزعج الناس. لهذا؛ لما قام الحراك، وبدأ بالعسكريين، ثم انتشر وازداد وانضموا إليه من مختلف الفئات، مثّل، في لحظته الأولى، ثورة للكرامة، وأعطى صورة عن قدرة الجنوبي على أن يأخذ زمام أمره بيده، وأن يُعيد الاعتبار لذاته. في الأيام الأولى للحراك؛ لم يكن هناك أية مطالبات تنشد الانفصال، بقدر ما كانت تنشد المواطنة المتساوية، إنما تم، بعد ذلك، مجابهة هذا الحراك، وفعالياته، وهي سلمية ودستورية أيضاً، بالقمع، والقمع الدموي أيضاً .
وتمكن الحزب الاشتراكي، ضمن هذا السياق، من أن يؤسس في مختلف المحافظات والمديريات مجالس تنسيق الفعاليات السياسية والشخصيات الاجتماعية، وهذا وسع من هذه الأطر، وتأسست حركة تجمع كل هذه الروافد، سواء من العسكريين، أو الشخصيات الاجتماعية، أو الفعاليات الشبابية، وهي ما سمي حينها ب"حركة نجاح"، وهذه كانت تسير في إطار واضح تماماً تطرح قضايا تتعلق بتصحيح الأوضاع في البلاد، تحت تسمية استعادة الدولة، والمقصود باستعادة الدولة، حينها، هو استعادة شروط الوحدة، التي قامت على أساس دولتين، ولم يكن بنزعة انفصالية .
بدأ الجنوبيون، بعد ذاك، بدلاً من أن يستمروا في المطالب الحقوقية، يودعون الشهداء، ويُعالجون الجرحى، ويُتابعون قضايا الأسرى، وهذا أدى إلى الشعور بوجود سياسة خاصة موجهة تجاه الجنوب، وكأن الجنوب يعيش ضمن قوانين حالات الطوارئ، فانتقل الأمر إلى مطالب سياسية، ووضع الحراك، بشكل واضح وصريح، القضية الجنوبية على الطاولة، لم يتم التراجع بشأنها. هنا أخذ الموضوع بعداً سياسياً، وتميزت بشكل صريح وواضح القضية الجنوبية، خاصة وأن الجنوبيين لم يكونوا يشاهدون أو يلمسون أي مواقف تضامنية ذات طابع جماهيري، من الشمال، وهذا أدى إلى حالة من الشعور بالجنوبية، وهذا يختلف انعكاسه النفسي، وانعكاسه في الوعي بين الناس؛ بحسب مقدراتهم الثقافية وفكرهم السياسي. هنا؛ أخذ هذا الموضوع سمتين؛ الأولى، كما أشرت، إنسانية لرد الكرامة، ثم انتقل الموضوع إلى سياسي. وأنا أرى أن الحراك السلمي لعب دوراً تاريخياً. لماذا؟ لأن كل مشاريع السلطة، العلنية أو المستترة، التي كانت تسعى إلى تطبيق سياسات الضم والإلحاق للجنوب بالكامل، وتحويل الجنوبيين من مواطنين إلى رعايا، سقطت منذ قيام الحراك، ودخلت السلطة السياسية في دوامة، ومشكلات كبيرة. بعد قيام الحراك لم تعد السلطة تحكم البلد كما كانت تحكمه، فقد حصل نوع من إضعاف قدرتها، ولأن الحراك استطاع أن يضرب نموذجاً، بتحدي الموانع والقسر الأمني والعسكري، بما هو متاح دستورياً، خرج بالاعتصامات، وخرج بالمظاهرات، وخرج بالمسيرات، وهو يتحدى السلطة، وكان كل ذلك ينسجم مع الدستور، ويتفوق أخلاقياً على السلطة، والأوامر التي كانت تصدرها، بل ووصلت الأمور إلى أن اضطرت السلطة، أحياناً، إلى الاستجابة لمحاكمة بعض العسكريين، وبعض الجنود، لكنها كانت تماطل، وتتخلى عن هذا الموضوع بين وقت وآخر .
بعد ذلك، جاءت الثورة الشبابية في نفس السياق. حتى "جمعة الكرامة" سُميت بهذا الاسم لأنه كان فيها إساءة إلى اعتبار الإنسان. أنا أرى أن الثورة الشبابية مفصل من ذات الذراع، أقصد ذراع الشعب التي ضربت خصومها. لأن هذه الأحداث جرت في إطار دولة واحدة، في إطار مجتمع واحد، في إطار سلطة واحدة، لكنها كانت تُمارس سياسات تمييزية هنا وهناك .
في حركة "نجاح"، كان للحزب الاشتراكي تأثير كبير وحقيقي لا يستطيع أحد أن يُجادل بشأنه. مع توسع الحركة، ومع شعور القوى الحاكمة والنافذة في البلاد بالمأزق، بدأت تتدخل وتثير كل النزاعات التي كانت ذات طابع صراعي في الجنوب أثناء حكم الحزب الاشتراكي، وما قبله، فنشأت أسئلة، وأثيرت، من نوع: متى بدأت القضية؟ "نجاح"، مثلاً، وكثير من الإخوة في الحراك، يرون أن هذه القضية بدأت بعد حرب 94. جماعة آخرون أجابوا على هذا السؤال بالقول إن القضية الجنوبية بدأت عام 1990؛ عندما تم إقصاء وتهميش كوادر الحزب وعناصر القوات المسلحة، الذين كانوا ضحايا حرب 86، الذين جاؤوا إلى الشمال، أو الذين كانوا محسوبين عليهم، وبقوا في الجنوب، وتم استثناء كل هؤلاء عند ترتيب أوضاع السلطة مع بداية الوحدة. كذلك؛ أجابت على هذا السؤال القوى السابقة على الاستقلال، من سلاطين وأمراء ومشائخ، أو الذين قيل إنه تم نسيانهم في هذه الوحدة، وقال هؤلاء إن القضية الجنوبية تبدأ مع استقلال الجنوب في 1967، أو قبله .
بناءً على الإجابة على هذه الأسئلة، وطبيعة القوى التي تتمحور حول هذه الإجابات، تشظى الحراك وأصبح يحمل تعابير مختلفة. أنتم تلاحظون هنا الجماعة الذين يسمون أنفسهم "جماعة جنوبيي صنعاء"، وهؤلاء هم من جماعة 13 يناير، الذين خرجوا من الجنوب، عقب حرب 86، ومجموعة المشائخ والسلاطين، الذين تضرروا من إجراءات الثورة في الجنوب. لكن لا يمكن محاكمة أو قياس إيجابية، أو عدم إيجابية حدث معين، إلا ضمن ظروفه التاريخية، وهذه مسألة مهمة كثيراً. وبالتالي؛ لا يمكن حل القضية الجنوبية إلا بأفق وطني مستقبلي، أما إذا أعطيتها بعداً ماضوياً فستسبح باستمرار نحو الماضي، وهذا سيؤدي بالقضية إلى أنها تتشظى أكثر من أنها تظل متماسكة. وأنا أرى بأن حواراً جنوبياً -جنوبياً يخلص من هذا الوضع، ويعطي لحل القضية الجنوبية أفقاً وطنياً بنظرة مستقبلية يمنية، أفضل مما ستؤول إليه مما لو ظلت هذه الدوائر تتشتت باستمرار. أنت، مثلاً، ستلاحظ موقف حزب الرابطة؛ موقفاً ناقداً، أو يرفض اتفاق القاهرة، لأنه يقول إن هذا الاتفاق يجمع فقط جماعة الحزب الاشتراكي الذي كان حاكماً عندما تم التوقيع على الوحدة، والجماعة الذين تأسسوا هنا في صنعاء، وهم من آثار 86، لديهم نظرة، مثلاً، بشأن الفيدرالية تتفق واصطفاف 94، لكن ليس بثنائية فيدرالية بين إقليمين، بل بأكثر من إقليم. وقوى ما قبل الاستقلال هي ذات النزوع الأكثر نحو الماضي الأبعد، الذي لم يكن فيه موضوع الوحدة اليمنية في الوعي الاجتماعي والشعبي حينها .
هذه هي الحصيلة التي جعلت من القضية الجنوبية يكثر في مستواها السياسي الصراع حول من يمثل هذه القضية، وجعلت كل طرف يقدم نفسه بأنه هو الممثل الحقيقي لها، بينما الشعب هو من سيجيب على هذا السؤال. طبعاً هذه انطباعات أولية، ومع ذلك لا أحد يستطيع أن يحسم بالقول القاطع حقيقة ما يريده الشعب في الجنوب، أو أي من أطروحات السياسيين ستؤيد، بدون استخدام وسائل معرفة علمية، كالاستفتاء أو مسوحات للرأي العام، تقوم بها مؤسسات معروفة ومتخصصة، ولذلك من الأفضل للجميع، وأقصد هنا القوى السياسية؛ الأحزاب والفصائل المتعددة للحراك، ألا تنوب عن الشعب، أو تدعي مسؤوليتها عنه، بدون تفويض منه، حتى لا يتم تكرار تغييب إرادة الشعب الصريحة عند القيام بالتصدي للقضايا الكبرى .
* يبدو واضحاً أن التشظي في الحراك رافقه تشظٍّ في الهوية أدى إلى بروز هوية ماضوية؛ برأيك؛ ما سبب هذا التشظي في الهوية؟
أرى أن هذا التشظي في الإحساس بالهوية متجذر أكثر في النخب السياسية، وليس في صفوف الشعب، أو المواطن العادي، لأن اليمنيين كانت هويتهم واحدة وهم خارج إطار دولة واحدة، وليس خطراً على هذا الأمر أن تتطابق الهوية مع شكل الدولة. هذه مسألة غريبة، فالهوية دائماً نجد تطابقها، ليس مع الهوية السياسة، ولكن مع الجغرافيا، والثقافة، والتاريخ، وهذا أمر محسوم تراثياً وجغرافياً وثقافياً، هذا هو الأهم. وهذا يعني أن هناك تغذية من سياسيين متصارعين، وأخشى ما أخشاه أن يكون هناك تدخل من مكان ما يغذي، أيضاً، هذا الأمر، وقد لعبت السلطة السابقة دوراً في هذا النوع من التغذية، لأنه عندما تضرب لدى شعب من الشعوب الإحساس بالهوية، فأنت تسعى إلى تمزيقه، هذا هو الهدف في السياسة. لكن الهوية لم تتطابق مع السياسة على الإطلاق، فالهوية تقاس دائماً بالتاريخي والجغرافي والثقافي .
الافتراق مع ثورة الشباب وتزايد الصدام مع الإصلاح
* في بداية الثورة الشبابية الشعبية، كانت هناك استجابة في الجنوب لتشكيل ساحات، لكن في فترة معينة حدث فراق، وبدا كما لو أن اليأس أصاب كثيراً من الجنوبيين، وحدث أن تشكلت عدة ساحات مثلاً في عدن؛ ساحات في المنصورة تابعة للحراك، وساحات في كريتر تابعة للثورة والإصلاح؛ برأيك ما سبب هذا الافتراق؟
هذا الافتراق سببه سياسي، وغذته النخب السياسية، ليس النخب السياسية التقليدية القديمة في الجنوب فقط، ولكن نخب سياسية في الشمال كانت تعتقد أن تقوية ساحات شبابية بهذا الشكل ستزيد من الإحساس بالهوية الجنوبية، وستؤدي إلى المفاوضة عبر الشباب في القضية، فتم تفتيت الساحات على هذا الأساس، وهذا يعني أن اهتمامات النخب السياسية تختلف عن اهتمامات وانشغالات الشعب .
* ما بعد الافتراق ظهرت خلافات وتطورت إلى اعتداءات متبادلة، بين فصيل معين في الحراك، وأعضاء التجمع اليمني للإصلاح، في عدن، في سيئون، وفي المكلا. وبعض القادة الجنوبيين قالوا إن تجمع الإصلاح يُدرب ميليشيات في الجنوب. ما سبب تطور هذا الفراق إلى هذا النحو بين الإصلاح والحراك؟ وإلى أين سينتهي هذا الأمر؟
ما زلت عند الإجابة على السؤال الأول، وهو أن النخب السياسية المختلفة، ذات المصالح، هي التي تلعب هذا الدور في التغذية، فالذين أرادوا، مثلاً، عسكرة الثورة في الشمال، لا يستبعد أن يكون لهم ضلع في صنع هذا النوع من المشكلات في الجنوب، لكن الحراك الحقيقي، الذي وصفته في تلك التغييرات النوعية التي تحدثت عنها في السابق، لا يمكن أن يتجه في هذا الاتجاه، لأن أعضاء الإصلاح في الجنوب هم جنوبيون، لكن هناك دعاية مضادة تقول إنه يتم الإتيان بهم من الشمال، وفي ظني أن هذا ليس حقيقياً إلى حد كبير .
* وبخصوص تدريب المليشيات..؟
ليس لي علم بهذا، لكن في الفترة السابقة، سواء في عدن أو غيرها، تم، كما كنا نسمع، توزيع أسلحة من أكثر من جهة، وليس فقط من جهة واحدة. هذا من قبل، غير أنه كان يُفترض بالحراك والإصلاح وأحزاب اللقاء المشترك أن تلتقي، وأن تحقق في مثل هذه المسائل لرأب الصدع الوطني، لأن هذا صدع سيئ في حال استمراره، وكثيرون قالوا إن أجنحة متطرفة في المؤتمر الشعبي العام كانت تسعى، أيضاً، إلى هذا الحد أو ذاك، لخلق شقاق بين أحزاب المعارضة، أو تقوية الحراك على حساب شيء من هذا القبيل .
* الحزب الاشتراكي، منذ بداية انطلاق الحراك، بقي بعيداً، رغم أن بوادر الحراك كانت واضحة، والآن هناك اتجاه لدى الحزب يتبنى رؤية عامة للقضية الجنوبية؛ ألا تخشون من حدوث صدام مع الحراك؟
لا. ما قصدته أنا ليس تبني الوجه العام للحراك، بل التفاعل مع الحراك للإسهام في توحيد أجنحته المختلفة، ولو أدى إلى أن يكون هناك حوار بين هذه الفصائل كلها من أجل الوصول إلى الحوار الوطني الشامل. هذا هو ما قصدته، ولا توجد وجهة عامة واحدة للحراك، فهناك وجهات متعددة كما أوضحتها أنا في إجابة سابقة .
تعاملنا مع ما جرى داخل منظمة تعز باعتباره ثورة شبابية دخلت إلى حزبنا ولم تغزه
* ننتقل إلى الحزب الاشتراكي .
نعم .
* يبدو مما حصل في منظمة تعز أن عدوى الثورة الشبابية انتقلت إلى داخل الحزب، وإن بشكل بسيط، كما هو استيلاء شباب الحزب في تعز على المقر، واعتصامهم فيه. أولاً؛ كيف تنظر إلى ما حدث هناك؟ ثانياً؛ هل هناك تصور لدى الحزب في استيعاب الشباب داخل بناه وقطاعاته الفاعلة؛ خاصة وأن الشباب، من خلال تواجدهم الطويل في الساحات، وانخراطهم المباشر في العمل السياسي، قد اكتسبوا وعياً مختلفاً عن السابق؟
أقول دائماً إن الشباب استطاعوا، من خلال حركاتهم وتياراتهم المختلفة، أن يوجدوا شرعية جديدة لم تكن قائمة قبل وحدتهم في البلاد، وهذه الشرعية قلت عنها إنها شرعية ثورية. فإذا كان الشباب استطاعوا أن يخلقوا هذه الشرعية الثورية على المستوى الوطني، وهذه الشرعية هي الحامل للتغيير بشكل أساس، فلا يمكن استغراب أن تتدفق هذه الشرعية الثورية إلى كل المؤسسات الشبابية في البلاد. من هذا المنطق؛ نحن في الحزب الاشتراكي نستوعب هذه الشرعية الثورية، ونعمل على ملاءمتها مع النظام الداخلي، آخذين في الاعتبار أن الثورة يخلقها الوجدان، وجدان الإنسان، لكن الأشياء التي تتم الثورة ضدها تكون دائماً موثوقة بنظم ولوائح، وفوقها أداة القمع. نحن؛ عندما حللنا مشكلة منظمة الحزب في تعز، تعاملنا مع هذا الأمر باعتباره حقيقة جديدة من حقائق الحياة دخلت إلى حزبنا ولم تغزه، ويجب الاعتراف بها. وعلى هذا الأساس؛ قمنا بحل مشكلة منظمة الحزب في تعز. تطلب هذا عدداً من الزيارات، استغرقت أشهراً، للجلوس مع مختلف الإخوة، وأطراف النزاع، وتوصلت إلى حل، والآن سكرتارية منظمة الحزب في تعز 50% من قيادتها هم من الشباب، وبالتحديد من الشباب الثوار في الساحات. كما أن هذا المشروع ناقشناه في الأمانة العامة للحزب. أعني ضرورة استيعاب الشباب ضمن البنى التنظيمية للحزب، لكن في البداية يتطلب تهيئة هذه البنى لاستقبال هؤلاء الشباب الجدد، حتى لا يغرقوا، عند استيعابهم، في التفاصيل التقليدية القائمة. أيضاً نريد أن يتم استيعابهم ضمن دوائر الأمانة العامة، وفي مراكز اتخاذ القرار، وبالتالي لا نريد، ضمن هذه المعالجة، أن نخلق حالة من القطيعة بين جيلين؛ بمعنى أن يكون هذا الانتقال تدريجياً، وفي نفس الوقت يعيد النظر في الهيكلة التنظيمية للحزب، بحيث تكون مرنة ومفتوحة ليس لشباب الحزب فقط، وإنما للآخرين من خارجه أيضاً، فالآن عندنا في الحزب بعض الأشكال التنظيمية ذات طابع عملي، نعمل فيها، هي لشباب للتعرف على قدراتهم وإمكانياتهم، وأين يمكن أن يصلح كل منهم أو موهبته تنفع وأي مجال من مجالات العمل الحزبي. وعندنا الآن من هذه البنى 3: تجربة منظمة الحزب في تعز، منتدى للحوار في الحزب، ومجموعة ال30 للتهيئة والتدريب أو شيء من هذا القبيل. نريد أن نخوض هذه التجربة بعمل مؤسسي، وليس بعمل عاطفي أو انفعالي .
* مؤخراً نال الحزب العضوية الكاملة في الاشتراكية الدولية؛ ما الذي سيستفيده الحزب من ذلك؟ أو هل هذا سيغير من أداء الحزب، ومن علاقاته الخارجية؟
أولاً؛ هذا الاستحقاق نحن نلناه بشكل استثنائي، وهذا الاستثناء يعود إلى أن الهيئة التي أقرت منح العضوية الكاملة للحزب، لها، في النظام المعمول به في الاشتراكية الدولية، الحق في أن توصي المجلس العام بمنح العضوية، لكن، أيضاً، يمنحها النظام الحق في أن تتخذ القرار بمنح العضوية في حالات معينة. وفي حالة الحزب الاشتراكي كان الاستثناء بسبب دور الحزب، وشبابه في النضال السلمي في الثورة الشبابية الشعبية، وتواجده في مختلف فعالياتها، ومشاركته ومشاركة أعضائه في كل التضحيات التي تطلبت نجاح هذه الثورة. هذا أعطانا، طبعاً، مكانة أفضل، وهو من مخرجات هذه الثورة الشبابية الشعبية. ومن ناحية؛ هذه العضوية ستوسع من علاقات الحزب الاشتراكي اليمني على المستوى الدولي، لأن الاشتراكية الدولية متواجدة بشكل كبير في أوروبا وفي آسيا ودول أمريكا اللاتينية، وهذا سيوسع من علاقاتنا، وسيشكل نوعاً من أشكال الدعم السياسي والمعنوي، وسيضبط حركتنا وفقاً لمفاهيم منظمة الاشتراكية الدولية، مع الأخذ في الاعتبار أن الاشتراكية الدولية تتيح فرصة كبيرة في اتخاذ القرارات وفقاً لخصوصية المجتمعات التي تنشط فيها الأحزاب الأعضاء فيها، وهذا يعني تجارب هذه الأحزاب في العمل السياسي، ونشعر أيضاً أن هذا الأمر سيشكل إضافة للعمل السياسي في اليمن .
* الأستاذ أنيس حسن يحيى قال، في حوار سابق مع "الشارع"، إن الأمانة العاصمة أصبحت عبئاً على الحزب، ما رأيك في هذا؟
في الحقيقة، لا أعرف ماذا يقصد بالضبط من أنها عبء؛ فالعبء في أحد وجوهه يعني أنه يعطل حركة أي شيء، أي أنه يكون مثقلاً بهذا العبء، لكن إن كان يقصد أن الأمانة العامة للحزب بحاجة إلى تجديد أدواتها، وإلى تغيير أساليبها في العمل، وبحاجة إلى تنشيط أدواتها، فأنا معه في هذا .
* ربما يقصد أن استحداث أمانة عامة في بنية الحزب عطل عمل المكتب السياسي .
انظر؛ هذا يمكن، وهو يتعلق بالرؤية إلى أي نوع من الهيكلية التنظيمية ستكون مرنة ومتوافقة مع نشاط الحزب، لكن رأيي هو أن البنى الحزبية التنظيمية يجب ألا تظل جامدة وساكنة لفترة طويلة. الحاجة تتعلق بأن كل استراتيجية لها بناها التنظيمية، فإذا كان للحزب إستراتيجية فلا بد من أن تستوعب بنيته التنظيمية قدرة على المرونة للتعاطي مع إستراتيجية محددة تختلف عن استراتيجية سابقة. بمعنى؛ أن البناء الهيكلي التنظيمي إلى جانب أنه يعطي بعداً مؤسسياً للعمل، هو، في نفس الوقت، أداة انتقاد الموضوع، هذا من زاوية تأصيل العمل المؤسسي، ومن زاوية توفير مرونة في الأداء .
* يلاحظ أن الثورة الشبابية الشعبية جعلت للحزب الاشتراكي حضوراً واسعاً بين الشباب، لكن يبدو أن الأداة التنظيمية للحزب لم تكن فاعلة بالشكل المطلوب للتعامل مع هذا المتغير، أو التعامل مع هذا الحضور الواسع للحزب .
هذه الثورة تختلف بطبيعتها عن كل الثورات التي يسجلها تاريخنا الوطني، لأنها ثورة متأثرة بمعطيات العصر من ناحية، ومتوازنة في انفجارها بين الحاجات الداخلية، وبين الاستفادة من معطيات العصر، إلى حد كبير، وخاصة في ما يتعلق بتوفير القدرة على التواصل بين الناس، وعلى عدم التمييز في هذا التواصل على أساس أيديولوجي، أو تنظيمي، أو طبقي، أو شيء من هذا القبيل، فكل إنسان، أياً كان توجهه العقائدي، أو الأيديولوجي، أو الطبقي المصلحي، يقرأ في الوسائل المعاصرة لشبكة الانترنت وتفاصيلها، ويطلع على الآراء ويناقشها، وفي نفس الوقت من باب الحرية في التعبير والقدرة على أن يقول الإنسان ما يريد، ويتفاعل مع ما يريد، وهذه أمور لم تكن متوفرة في السابق. ومن هذا المنظور نجد أن الأحزاب والتنظيمات، وخاصة التقليدية منها، عندها ضوابط تكاد تكون إسمنتية، بحيث لا يمكن للثورة أن تخرج من داخل هذه الأحزاب، وهذا ينطبق على أحزاب اليسار، وأحزاب اليمين. وهذه الثورة الجديدة انتشرت بشكل أفقي، وليس بشكل رأسي. يعني لم تكن لتيار معين، أو فكر معين، أو لمصلحة سياسية معينة. هي ثورة استجابت لحاجات كل المواطنين، حاجاتهم اليومية، حاجاتهم النفسية، أي أنه كان للمواطن العادي متطلبات تلبي حاجاته البيولوجية، ومتطلبات تلبي حاجاته الروحية، وهو محروم منها، في تفاصيل كثيرة، فخرج تحت هذه المتطلبات، ولم يخرج لأشياء تتعلق بالقضايا الكبرى، وأثناء صيرورة هذه الساحات اقتربت الناس من القضايا الكبيرة، وتلاقت مع هذه التنظيمات التي كانت تنشد هذه القضايا الكبيرة، وتناست تفاصيل حياة المواطن. بمعنى آخر؛ نجد، مثلاً، أن مرتكزات الشرعية الثورية؛ الشرعية التي جاءت بها حركة الشباب في اليمن، هي: المحروم من العمل، المقصي، المهمش، احتكار الثروة والسلطة وفي يد فئة قليلة. الأمر الذي جعل الناس يدركون أن هذه التركيبة السياسية الاقتصادية هي التي جعلتهم ضحايا لهذا الوضع، وبالتالي كانت أول نقطة عندهم أن هذا الوطن ملكنا جميعاً، وأننا كلنا شركاء فيه، ولنا الحق في أن نشارك في السلطة، وفي اتخاذ القرار، ولنا الحق في أن يصلنا من ثروات هذا الوطن، وهذا يعني المطالبة بالتوزيع العادل للسلطة والثروة. هذا هو الهدف الأول. يعني كانت القياسات في السياسة تبدأ، عند هؤلاء الشباب، وكل الذين اشتركوا في الثورة، من منطق الحرمان من أشياء الحياة، خاصة وأننا نعيش في عالم زادت فيه القنوات التلفزيونية الفضائية، وزادت فيه طبيعة الحياة الاستهلاكية، الأمر الذي يجعل أي شخص، تحت تلك المخرجات الإعلامية كلها، يشعر بأنه يعيش الحرمان، وبالتالي جاء المواطنون واشتركوا في الثورة من هذا المنطق، وأوجدوا شعار "لا حزبية ولا أحزاب"، الذي يتنافى مع السياسة. إذن؛ في البداية، لم يكن للمسألة صلة بالسياسة، بل كانت مسألة تتعلق بالوجدان والغضب. من هذا الوضع الذي تأسس على الحرمان، جاء الناس بسبب ما يعانونه في تفاصيل حياتهم اليومية .
في الأيام الأولى تتذكرون أن السلطة قدمت نوعاً من التنازل: توفير فرص عمل، علاوات، ووعوداً بمزيد من توظيف الناس، وإدخالهم في العمل. ومع مسيرة الأيام اكتشف الشباب أنهم لابد من أن يقتربوا من السياسة، لأن سبب هذا الحرمان كله هو تركيبة النظام السياسي، من هنا اقتربوا من الأحزاب، أما في البداية فكانوا متمردين عليها، لهذا نجد أن الأحزاب التقليدية لم تعرف ماذا تعمل، لأن الناس يطالبون بما لا تناضل من أجله. هذه الأحزاب كانت تنظر لهذه المطالب على أنها تفاصيل، ولا تنظر إليها ضمن الإطار الشامل للسياسة، والسياسة في العالم لها اهتمامات على 3 مستويات: هناك قضايا وطنية كبرى، تهتم بها السياسة، وهناك مصالح مباشرة للناس، عبر الفئات والطبقات المختلفة، وهناك مستوى ثالث، وهو رعاية مصالح الناس في معيشتهم الحياتية. لم تقترب السياسة لدى أحزابنا من هذا الفهم. نحن غارقون في القضايا الوطنية الكبرى، خاصة اليسار والحزب الاشتراكي، والأحزاب الأخرى، مثلاً الإصلاح غارقون في تلبية مصالح الطبقات والفئات التي يمثلونها بشكل مباشر، ولم يكن هناك من يهتم بتفاصيل الحياة اليومية للناس، وهذا ما أدى بالشباب لأن يثوروا، ويبتعدوا عن الأحزاب، في البداية، ولكن عندها وجدوا أن الحل سياسي، وأن هذا الحل يدخل ضمن المستويين الأول والثاني من ممارسة السياسة، والتأمت الأمور، وصار هناك تصحيح للمسار، نسبياً، وبرزت الشرعية الثورية للشباب، وأنجزت ما أشرت إليه من الإنجازات، لأنهم رأوا أن المشكلة، وأعني مشكلة الحرمان في تفاصيل الحياة اليومية، هي النظام السياسي الذي يستأثر بالسلطة، ويستأثر بالثروة الوطنية .
يجب فصل الهوية عن السياسة
* في بداية الثورة كان هنالك رهان أن الثورة ستخلق هوية جديدة لليمن، لكن يبدو، من تطورات الأحداث، أن الثورة ستفشل في ذلك .
أقول إن الميل العام في تاريخ اليمنيين هو نحو اندماجهم، لو بدأت تتابع هذا الموضوع، منذ تأسيس الدول اليمنية قبل الإسلام، وفي فترة الإسلام، وما بعدها، لرأيت أن الميل العام كان نحو الاندماج الاجتماعي. هذا أمر فرضته صيرورات الجغرافيا والتاريخ. والذي نلاحظه اليوم، من تحقق الوحدة اليمنية، يؤكد هذا الميل العام للتاريخ. تفاصيل من هذا النوع؛ تفاصيل الهوية المختلفة يجب إبعادها عن السياسة، وربطها بالفلكلور، لأنه عندنا نحن في اليمن بحكم جغرافيته، وقبل توفر وسائل المواصلات الحديثة، كانت كل منطقة، تقريباً، معزولة عن الأخرى، أي مغلقة، فكانت لها تقاليدها وهامتها المحلية وأزياؤها و... و... نحن أكثر بلد تتميز عنده الهوية بالغنى الفلكلوري، وهذا الأمر لم يكن يمثل مشكلة إلا متى ما ربطت الهوية بالسياسة، لذا يجب فصلهما .
اليوم، يجب فصل قضية الهوية الجغرافية والتاريخية والثقافية عن السياسة ومشكلاتها الآنية واليومية، حينها سنجد أن هذا الأمر لا يشكل خطراً. نرى اليوم عندنا أحزاباً إسلامية تقتتل في ما بينها، رغم أن هوية مناطقية واحدة تجمعها! إذن؛ ما الذي زرع هذا؟ إنها السياسة .
* هناك نزوع للتجمع اليمني للإصلاح نحو الهيمنة، ألا تخشى أن يتطور هذا إلى السيطرة على النظام الجديد؛ كما حدث في كل من مصر وتونس؟
أولاً أريد أن أوضح مسألة مهمة في هذه القضية؛ الإصلاح حزب سياسي يمثل قوى استراتيجية لها وزنها، من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، ولا يمكن، على الإطلاق، تجاوز هذا الحزب في أي عمل تحالفي، وأنا أؤكد على ذلك. في السياسة توجد مصالح، لكن اليوم ما جرى في اليمن ينقل الأمور من تحديد مواقع الناس على أساس توازن القوة، إلى تحديد مواقع الناس على أساس توازن المصالح، هذا الأمر هو ما نريد ترتيبه معاً، وهذا الترتيب، أي توازن المصالح، يجب أن يمأسس، أي يجب أن يكون دستورياً، وتوازن المصالح هنا ليس بين النخب السياسية، بل بين الفئات الاجتماعية المختلفة. مثلاً؛ أنا لاحظت، وكنت أطرح مثل هذا الكلام عندما تم تشكيل لجنة الحوار الوطني، أنهم قاموا، عند تشكيل هذه اللجنة، بتمثيل كل الفئات الاجتماعية والفئوية، لكنهم لم يمثلوا على الإطلاق، ولم يذكروا على الإطلاق، الفلاحين والعمال، وهم فئة واسعة، وهذه مأساة أنتقد فيها الحزب. أليس لهؤلاء مصلحة في هذا الوطن؟ وما هي حدود مصالحهم؟! أن تتجاهل هذه الفئة بالكامل هو أمر خطر، وهذا التجاهل قائم، مع الأسف، حتى في تفكير اليسار القائم اليوم، الذي تناسى هذا الأمر. عندما تقول نريد أن نمأسس هذا، فهذا يعني أننا نريد أن يكون هذا الأمر مدخلاً للعدالة الاجتماعية. شخصياً؛ أرى أن المدخل إلى العدالة الاجتماعية، ليس عن طريق أفكار أو أيديولوجيات، بل عن طريق الاقتصاد السياسي، فلكي يكون للفلاحين حضور له صلة بالعدالة الاجتماعية، يجب أن يكون لديهم تعاونياتهم الفلاحية، التي تجسد مصالحهم الاقتصادية المادية، وكذلك بالنسبة للعمال. بالنسبة للعمال عندما نريد، اليوم، أن نمأسس هذا الأمر، نقول بلاش قوانين من منظور اشتراكي أو طبقي، هناك قوانين للعمل من العالم الرأسمالي نفسه، وهي تدخل ضمن القوانين الأولية للعمل، يجب أن تنضبط لها الشركات، وأن تنضبط لها النقابات، وبالتالي نحن نريد أن نشرع لهذه القوانين في إطار المأسسة لتوازن المصالح، وفقاً للقانون الذي يحدد الحق المادي للناس .
مسألة الهيمنة ألاحظ أن هناك مستويين من الخلاف يحل بين أعضاء الحزب الاشتراكي، وأعضاء الإصلاح. في الأعمال المشتركة لا يحصل، على المستوى القيادي، هذا النوع من الخلاف، الذي يحصل على المستوى المحلي، ويزيد على المستوى الأدنى. هناك إدراك سياسي أكبر بكثير في المستوى الأعلى لحزب الإصلاح، ويتضاءل هذا الإدراك كلما نزلنا إلى المستويات المحلية. وربما أن البعد الأيديولوجي في هذه المستويات مكرس أكثر. وأنا أرى أن كل حزبين إذا وجدت مشكلات في ما بين أعضائهما، عليهما الجلوس معاً لحل هذه المشكلات، لأن أشكال هذه الهيمنة نلاحظها نحن في التفاصيل، في القضايا التفصيلية الصغيرة، وليس في القضايا الرئيسية الكبرى. ولهذا أقول إن تجربة التحالف السياسي في اليمن هي تجربة مهمة كثيراً، فنحن نلاحظ أن أحزاب اللقاء المشترك تطورت، من خلال عملها المشترك، وتقدمت في مجال السياسة، ولو كانت أعمالها غير مشتركة، ولا تحالفية، لكان الأمر مختلفاً اليوم عما هو عليه. لاحظ عندنا أن هذه الأحزاب في المشترك بدأت في الأول بالمعارضة اللفظية، بعد ذلك، خلال 2005، بدأت، عندما وقعوا على برنامج عمل مشترك، تدخل في مرحلة نسميها الممانعة، أي الرفض للاندراج في السياسات المرسومة من قبل النظام، لكن الممانعة ظلت لفظية من ناحية، وعدم المشاركة دون الانتقال إلى عمل سياسي كبير ومباشر. في ما بعد، تطور الموضوع إلى عمل معارضة جماهيرية من جماهير الأحزاب، وهناك الكثير من الوقائع السياسية التي تعكس هذا الأمر في أكثر من محافظة، وقبل انفجار الثورة الشبابية الشعبية، كان لهذه المعارضة جماهير تخرج في أكثر من مرة، لتعبر عن معارضتها للنظام .
الجزء الثاني والأخير من حوار له مع صحيفة "الشارع" الأسبوعية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.