عرضت مؤسسة "صوت" أمس الاربعاء فيلم "المتمرة" ضمن عروضها السينمائية الاسبوعية التي تقيمها بالتعاون مع مؤسسة الامير كلاوس الثقافية والتي ستستمر خلال العشرة الاسابيع القادمة. وواصلت مؤسسة صوت عروضها التي انطلقت قبل عشرة اسابيع في كوفي ترايدر بالعاصمة صنعاء وكان ملاحظ الزيادة في اعداد المهتمين وأصبحت العروض ملاذ اسبوعي للكثيرين. ولاقى فيلم "المتمرة" وهو من انتاج سينما هوليود اعجاب الحاضرين وحضى بمناقشة عميقة بين الحاضرين والكاتب رياض حمادي الذي اعد ورقة تلخيصية وعرضية عن الفيلم. وقال رياض حمادي في ورقته ان "أحداث فيلم (المتمردة Insurgent–) إلى ما قبل النهاية تشير إلى تشابه بين واقع الفيلم وواقعنا البشري, فالتقسيمات الطبقية في الفيلم مصنفة وفقا للشخصية والسلوك إلى خمسة فصائل: (العلماء أو الأذكياء, المزارعون, الصادقون, الشجعان أو الجنود, الأخيار أو الزاهدون), وهي تصنيفات تتشابه من حيث المضمون مع الطبقات وصراعها في مجتمعاتنا وتختلف في المسميات فقط". مضيفاً "لكن المشاهد الختامية تشير إلى وجود اختلاف بين الواقعين". وفيلم المتمردة هو فيلم حركة وخيال علمي أمريكي قادم في 2015 من إخراج روبرت شوينتكي، مستوحى عن رواية Insurgent، الكتاب الثاني ضمن سلسلة Divergent، تأليف فيرونيكا روث. الفيلم هو تتمة ل "المختلف" والإصدار الثاني ضمن سلسلة "مختلف". يقول رياض حمادي "لكل فيلم مفتاحه الذي به تتم الصورة ومفتاح هذا الفيلم يتمحور في فكرتين: فكرة تقسيم المجتمع إلى طبقات, وفكرة أن عالم الإنسان وما فيه من كائنات يمكن أن يكون تجربة في معمل. فخاتمة الفيلم تكشف عن وجود عالم أصل وآخر مصطنع, إنسان صانع وآخر مصنوع. كما تكشف عن أن عالم الفيلم ليس سوى تجربة قام بها أناس في عالم آخر بهدف البحث عن مخلِّص. وبمعرفة ذلك المخلص يخرجون من عالمهم, الذي كانوا فيه أشبه بفئران تجارب, إلى عالم مخترعهم". وتساءل رياض "هل هذه الفكرة جديدة؟ وأجاب "بالطبع لا. فكرة أننا قد نكون مجرد تجربة علمية في معمل الله أو في معمل كائنات أخرى أكثر رقيا وذكاءً منا ليست جديدة وهناك من علماء البيولوجيا من اقترحها لتكون حلاً لسؤال أو للغز الوجود. كما أن فكرة البحث عن متمرد/ة تتقاطع مع أفكار فلسفية ودينية في تاريخنا الإنساني". وتابع "الفكرة الرئيسية في الفيلم هي تقسيم المجتمع إلى طبقات ولهذه الفكرة خلفية فلسفية فقد قسم الفيلسوف اليوناني أفلاطون المجتمع اليوناني إلى ثلاث طبقات: (طبقة الفلاحين والصناع وأصحاب الحرف, طبقة الجند والمحاربين, وطبقة الفلاسفة الحكام). وربط أفلاطون طبقات المجتمع مع فضائل اجتماعية معينة، فطبقة التجار والحرفيين مرتبطة بفضيلة ضبط النفس، وطبقة الحراس مرتبطة بالشجاعة, وطبقة الملوك الفلاسفة مرتبطة بالحكمة، وفضيلة العدالة مرتبطة بكل المجتمع. كما دعا لفصل مهام الطبقات واختيار الأشخاص وإخضاعهم لعمليات تربوية وتعليمية ليمثلوا الطبقات السابقة". مشيراً إلى ان أرسطو قسم المجتمع اليوناني إلى طبقتين: (طبقة السادة وهم الحكام والفلاسفة, وطبقة العبيد والأرقاء والكادحين). وصراع الطبقات مفهوم رئيسي في الفلسفة الماركسية استعاره ماركس من مؤرخين فرنسيين. توضح النظرية أن المجتمع ينشأ من الصراع الاجتماعي الدائر بين الجماعات المختلفة, وتشير إلى التفاعل الاجتماعي الإيجابي الذي قد يحدث في إطار العلاقات الاجتماعية. "وفقًا لكارل ماركس، هناك فئتان اجتماعيتان رئيسيتان في جميع المجتمعات الطبقية وهما: الطبقة الحاكمة والطبقة المحكومة. حيث تستمد الطبقة الحاكمة قوتها من ملكيتها وسيطرتها على قوى الإنتاج. وتستغل الطبقة الحاكمة الطبقة المحكومة وتضطهدها" (ويكيبيديا). ونتيجة لذلك هناك صراع مصالح بين الطبقتين ينتهي بانتصار طبقة البوليتاريا أو العمال الكادحين على طبقة البرجوازيين أو الطبقة الرأسمالية وتحقق الشيوعية, باعتبارها المجتمع اللاطبقي". وزاد "الفكرة التي ختم بها الفيلم أحداثه هي اعتبار أن الحياة الإنسانية تجربة في معمل. وهذه الفكرة مقتبسة من تاريخ العلم وتحديداً تلك النظريات التي تخوض في نشأة الخلق وتكوُّن الحياة على كوكب الأرض. تقترح إحدى النظريات "وجود أصل ثالث محتمل للحياة – وهو أن الحياة نشأت من عوالم أخرى خلال البذر الكوني Cosmic Seeding". ولفت حمادي إلى ان فيلم (Insurgent) ينتهي و فيلم (Tomorrowland) بعنصر مشترك هو البحث عن جوهر الإنسان الذي يمكنه إنقاذ الأرض, والفوز في سباق الخير والشر. الإنسان الحالم والمتمرد أو اللامنتمي. "نحن نبحث عن الحالمين". هذا ما يقوله فرانك والكر في فيلم (أرض الغد). والمختلفون كما جاء في فيلم (المتمردة) قلة ويهددون نظام الأكثرية كما جاء على لسان (جينين) "هؤلاء المختلفون يهددون نظامنا لأنهم غير قادرين على التوائم معه". لكن الفيلم ينتهي بانتصار المختلف والمتمرد على نظام الطبقات, وهو ما ينسجم مع تاريخ الحضارة الإنساني الذي صنعه المختلفون والمتمردون على الأنظمة بكافة أشكالها. وقال رياض ان النهايات المفارقة والمدهشة قد تخرب قصة الفيلم إذا ما عُلمت قبل المشاهدة. يحدث أحياناً في مثل هذه النهايات أن يُحذِّر المؤلف قراءه إلى عدم البوح بالنهاية مثلما فعل غيوم ميسو في روايته (لأنني أحبك). لكن معرفة نهاية هذا الفيلم لن تدفع إلى عدم مشاهدته بل على العكس يمكن مشاهدته مرتين على الأقل. وقال الحاضرين ان الفيلم يعكس واقع شعوب كثيرة ومنها واقع شعوبنا العربية حيث تتم التقسيمات بناءً على اسس دينية ومناطقية وربما سياسية.
قناة الاشتراكي نت على التليجرام https://telegram.me/aleshterakiNet