م تصفحوا كتب التاريخ، واسألوا أهل ذلك الزمان: كيف صعد الرئيس علي عبدالله صالح إلى الحكم، ومن كان ينافسه على السلطة ؟ فإن ثمة أسراراً لا بد أن يعرفها جيل الشباب في الإجابة.. أولى حقائق التاريخ تؤكد أن علي عبدالله صالح جاء إلى حكم اليمن في أعقاب ثلاثة رؤساء تم اغتيالهم في أقل من عام، ورئيس «مؤقت» رابع عندما علمت أسرته أنه آلت إليه مقاليد الحكم لحين انتخاب رئيس جديد نصبت النوائح، وولولت النسوة في ندب سوء حظها ظناً منها أنه مغدور لا محالة أسوة بأسلافه، وكان الرابع هو القاضي عبدالكريم العرشي تغمد الله روحه في الجنة. عندما عرضت الرئاسة في مطلع يوليو 1978م على الرموز الوطنية أشفق الجميع منها، وتُرك القصر الجمهوري خاوياً على عروشه يأبى الجميع المجازفة في دخوله بعد أن تأكد لهم أن أعداء الثورة والجمهورية والوطن اخترقوا أسواره الحصينة وفخخوا كل ركن منه بالموت!. الرئيس علي عبدالله صالح لم يأتِ إلى الحكم ليرث ملك دولة آمنة مستقرة، تزدهر بمباهج الحياة، وترفل بنعيم الاقتصاد والتنمية والثقافة، والوعي... وغير ذلك، بل صعد إلى حكم دولة قد أبيح دم كل من يتولاها سلفاً.. دولة ليس من طرف في حدودها لا يشهد حرباً أو صراعاً دامياً.. دولة يعشعش الفقر في سقف كل بيت يمني كما العناكب القاتلة.. دولة تغتال أبناءها الأوبئة والأمراض المزمنة.. دولة لا تمتلك من المدارس أكثر من عدد أصابع اليدين، فيما شعبها يتجرع الخرافة والدجل، والأساطير التي تشاطرهم حتى الأحلام.. دولة لديها من الأسباب ما لا يعد ولا يحصى لكي تختلف مع بعضها البعض، وتتقاتل وتحمل ثأرها في أسفار أجيال لاحقة. هذه هي الدولة التي ورثها الرئيس علي عبدالله صالح في السابع عشر من يوليو 1978م. والمفارقة الأعظم في هذه الدولة أن 80% من ميزانيتها كانت تموّلها المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج، بما في ذلك البنادق التي يحملها الحرس الرئاسي الخاص كانت تشتريها السعودية من الولاياتالمتحدة وترسلها إلى اليمن بعد شروط وإملاءات لا حصر لها. لولا خشيتي من إجحاف حق البعض لقلت إن اليمن عشية السابع عشر من يوليو 1978م لم تعد تحمل مقومات دولة.. وفقدت كل ما يؤهلها لتمثيل كيان سيادي مستقل بمواصفات دولة.. وبلا شك إنها لم تستعد شخصيتها الاعتبارية إلاّ بعد ذلك التاريخ الذي تولّى فيه الرئيس صالح مقاليد الحكم، فالتف حوله كل الغيورين على اليمن من مختلف القوى الوطنية لينتشلوا هذا البلد من مشارف الهاوية السحيقة. لا بد لأجيالنا الشابة أن تعرف هذه الحقيقة التاريخية، وأن لا تكتفي بما تقرأه في هذا المقال أو ذاك، بل تعود لكل المراجع المتاحة في اليمن وخارجها لتتأكد أن اليمن التي تولّى رئاستها علي عبدالله صالح كانت على الصورة التي وصفناها.. ولتعرف بيقين أي جهد بذله هذا الرجل ليجعل منها دولة على الحال الذي نعيشه اليوم. الفرق بين السابع عشر من يوليو 1978م والسابع عشر من يوليو 2006م هو ليس فارقاً زمنياً بقدر ما هو فارق حضاري يفصل حقبة عن أخرى، ويعنون لليمن عصراً تاريخياً جديداً تكونت فيه الدولة العصرية، والإنسان المعاصر، والحياة الحديثة بكل مفاصلها. وإذا كان ثمة شيء على اليمنيين قوله في هذا اليوم، فهو لا بد أن يكون كلمة شكر وعرفان وامتنان للرئيس علي عبدالله صالح، صانع فجر اليمن الجديد.