مع الدفء الأول لصباح هذا اليوم ستصدح حناجر صغارنا لأجل فلسطين.. باسم الشعب المجاهد.. لصمود المقاومة التي لم تقهر إرادتها مجازر سنوات الاحتلال ال«58». جميل أن تتحول مدارسنا إلى ميادين علم ومقاومة، فقد علمنا الزمن العربي أن «القلم والبندقية» فوهة واحدة».. ومن يتسلح بالمعرفة لابد أن يحميها بإرادة الانتماء الوطني والقومي.. ولابد أن يشرفها بموقف مناصر للحقوق الإنسانية للشعوب بأن تحيا حرة وكريمة في أوطانها. لعلنا اليوم معنيون بمباركة مبادرة وزارة التربية والتعليم وجمعية كنعان لفلسطين بتخصيص أسبوع تضامني مع أبناء الشعب الفلسطيني تحييه جميع مدارس الجمهورية، وترفع من خلاله رسالة المحبة والوفاء لهذا الشعب المجاهد الذي ما زال يلقن العدو الصهيوني أقسى الدروس في التضحية والصمود، وإرادة البقاء على أرض الوطن. أهمية المبادرة ليس فقط فيما تعزز به معنويات الشعب الفلسطيني، بل أيضاً في غرس قيم التضامن والتكافل في قلوب الأجيال، بما يجعلها تسمو بانتمائها للأمة العربية والإسلامية وتعتز ببعضها، وتتوحد في وجدانها قبل أن توحد أراضيها. إن التوعية المدرسية بقضية الاحتلال الصهيوني، والحق العربي المغتصب، ومجازر الإبادة الوحشية التي يمارسها الكيان الصهيوني هي لون آخر من المقاومة يوازي ما يمكن أن يقدمه ذلك الذي يحمل بندقية، لأن ثقافة المقاومة تعني إنتاج مشاريع مقاومة مستقبلية تستأنف حمل البنادق المتساقطة من أيدي الشهداء، ممن يسقطون في سوح المواجهة مع العدو. كما أن غرس ثقافة المقاومة في نفوس الصغار يمثل جبهة مواجهة مبكرة ضد مشاريع العولمة والمسخ الثقافي والحضاري الذي تمارسه مؤسسات غربية بآليات منظمة وتسعى من خلالها إلى تذويب وشائج وأواصر المجتمع العربي والإسلامي تمهيداً لإحراق هويته الثقافية والدينية والحضارية. اليوم سيقف أبناؤنا في طوابير المدارس ليقولوا لأطفال فلسطين: أنتم لستم وحدكم في المواجهة، ولن تكونوا بمفردكم غداً أمام الترسانة الصهيونية، بل إن هناك شعباً جباراً وأصيلاً سيقف معكم في نفس الخندق، بوجدانه، وضميره، وأمواله، وأبنائه الذين سيكبر الحب في قلوبهم كلما كبروا، وتزدادوا شجاعة كلما فتل الزمان أجسادهم.. فهذه هي الرسالة الحقيقية التي سيوجهها أبناؤنا الصغار صباح اليوم وغدٍ وحتى يوم التاسع والعشرين من نوفمبر الذي يوافق اليوم العالمي للتضامن مع فلسطين.. إذ أن جميع المدارس سترفع رسائل تضامنية مع الشعب الفلسطيني. من يتابع الثورة المعلوماتية وغزو الفضائيات لعالمنا يخيل له أن القيم العروبية والثقافة القومية والإسلامية لن تصمد أكثر من عامين أو ثلاثة، وسيندمج العالم في ثقافة كونية جديدة لا مكان فيها للقيم الأخلاقية.. لكن ما يحدث اليوم يجعلنا مطمئنين أن كل شيء باقٍ على حاله.. وأن الأجيال تسلم رسالة لبعضها على مر العصور.. ولعل ما تعلمناه من آبائنا سننقله اليوم إلى أبنائنا، ونعمق به قناعتهم بأن إسرائىل هي العدو الأزلي الذي لا يمكن الأمان من شروره بغير مقاومته والسعي لاجتثاثه ما دام يرفض التعايش السلمي، وما دام يدمن ثقافة مجازر الإبادة العرقية. أبناؤنا اليوم وهم يهتفون لفلسطين سيؤكدون للعدو الصهيوني أن المعركة مستمرة حتى أجيال قادمة، وأن كل جيل يأتي أشجع من الذي قبله.. بدليل أن الجيل الذي قاوم بالحجارة، ما لبث أن تحول إلى الهجمات الفدائية التي يفجر بها نفسه وسط حشود العدو، والله وحده العالم أي لون من المقاومة سيبتكرها الجيل الجديد. اليمن تنتصر لإرادة الصمود الفلسطيني بفضل هؤلاء العظماء الكبار الذين يحملون أمانة المقاومة إلى الأجيال.. فطوبى لشعب حمل بالأمس رسالة الإسلام ويحمل اليوم رسالة المقاومة.