تحت مظلة منظمة «إرادة شعب» ناقش سياسيون ومثقفون أمس بصنعاء البرنامج الانتخابي للأخ رئيس الجمهورية، إلا أن ما لفت نظري أن الجلسة الأولى حملت عنوان «أهمية تطبيق البرنامج الانتخابي للرئيس»، و كأن المناقشين نسوا أن اليمنيين انتخبوا الرئيس بناءً على أهمية برنامجه الانتخابي، ولم يعد مجدياً تذكيرهم بالأهمية ! لا يختلف اثنان على أن الرئيس/علي عبدالله صالح، يمثل إرادة شعب، ليس فقط لبرنامجه الانتخابي بل أيضاً لتاريخ عهد حافل بالمنجزات، ولكن نختلف في الطريقة التي نتداول بها الأمور، لان ما يهمنا اليوم هو آليات تطبيق برنامجه الانتخابي، والتوعية بالأدوار المناطه بكل فرد أو جهة من أجل تطبيق البرنامج، حيث إن الشعب يجدنا مشغولين بالحديث عن أهمية البرنامج الذي فرغ كل مواطن من البت بأهميته قبل وضع بطاقته الانتخابية بالصندوق فيما لايجد هذا المواطن من يخبره ماذا يجب عليه فعله لبلوغ غايات وأهداف البرنامج ! أعتقد أننا غالباً ما نفتقد الحلقة الأهم في تداولنا للقضايا الوطنية، وقد تعودنا ان نناقش كل شيء في صالات الفنادق المغلقة من غير ان نضع آلية معينة للكيفية التي ننقل بها إدراكنا ووعينا إلى الشارع.. فالأعداد الكبيرة من السياسيين والمثقفين والناشطين في المنظمات الذين احتشدوا تحت مظلة «إرادة شعب» لمناقشة البرنامج الانتخابي للرئيس، وتحدثوا باسم الشعب، وطرحوا كل صغيرة وكبيرة تعود على الشعب من تطبيق البرنامج خرجوا بعد الظهر من قاعة الندوة إلى البيوت أو مقايل الأصدقاء من غير ان يمروا على الشعب ليخبروه بالأمور التي استلهموها من النقاشات ليكون المواطن عوناً للحكومة وللرئيس في تحقيق أهداف البرنامج الانتخابي .. ! الشعب يعوّل على هذه النخب السياسية والثقافية والمدنية ليس فقط تداول أموره داخل القاعات المغلقة، بل نقل الوعي فيها إلى وزارة، ومؤسسة، وبيت ومكان عام.. فهذه النخب تعلم بدقائق أهمية برنامج الرئيس، وبكل ما سيعود على الوطن منه؛ وعليه فإنها يجب ان تضع نفسها أمام خيارين : الأول ان تبحث وتناقش آليات التنفيذ باعتبار ذلك أمراً يختص بقادة الدولة ونخبها السياسية والفكرية، والأمر الثاني هو إذا كانت نيتها التوعية بالبرنامج عليها النزول إلى الشارع وطرح افكارها وآرائها سواء من خلال ندوات عامة على مستوى المحليات أم عبر ندوات خاصة عبر المؤسسات والهيئات والمنظمات والأندية وغيرها من الأماكن العامة لتكون تعبئة شعبية تؤازر تلك التطلعات الوطنية التي حملها البرنامج. اليوم المعارضة تطرح للشارع اليمني أنها لديها برنامجها الخاص بحسب تصريحات أمس لكنني لم أفهم كيف تفصل المعارضة نفسها عن الدولة وتنظر إلى كيانها على انه كيان مستقل بمعزل عن الاخر الحاكم !؟ كما لم أفهم كيف تجعل المعارضة لنفسها برنامجاً خاصاً وتسعى إلى تحقيقه وهي لا تمتلك نفوذاً في الحكومة، ولا سلطة على مؤسساتها، ولا موارد دولة، ولا صلاحيات دستورية تمنحها الحق في تنفيذ اصلاحات أو برامج داخل مؤسسات الدولة !؟ أعتقد ان الإخوة في المعارضة بعيدون جداً عن المنطق الذي يستسيغه أي مواطن يمني مهما تدنت درجة وعيه.. وهذا اللون من العمل السياسي لا يتعدى نطاق الشعارات السياسية التي من شأنها تخدير الشعب، وجرفه بعيداً عن الميدان الحقيقي للحراك التنموي، وللنوايا التي تحملها قيادة اليمن ضمن حسابات المرحلتين الراهنة والقادمة، والتي ترجمها بوضوح البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية. ومن هنا كانت مقدمة موضوعي اليوم تستغرب الحديث عن أهمية البرنامج الانتخابي للرئيس داخل القاعات بين نخب كلها تعي الحقيقة الكاملة، فيما هناك من يطرح في الشارع تصوراته الخاصة والمغلوطة.. ان العنصر المهم في هذه المرحلة هو ان ننتقل إلى ميدان العمل ولا نبقى نراوح في اماكننا نتحدث عن الأهمية في الوقت الذي قطع الأخ الرئيس خطوات جيدة على الصعيد التنفيذي لبرنامجه الانتخابي.. وهو الأمر الذي يجعل الحديث عن الأهمية في هذا الوقت يصور للمستمع ان العمل التنفيذي لم يبدأ بعد.. وهذا خطأ كبير نرتكبه بحسن نوايا، ولكن يجب تجاوزه، والانتقال إلى خطاب عما شرعت الدولة بتنفيذه على مختلف الأصعدة، فهناك أشياء كثيرة تحققت منذ انتهاء الانتخابات الرئاسية وحتى اليوم، ويقع على النخب نقل اخبارها للمواطن، ليتعزز التفاؤل في نفسه، ولترتفع معنوياته التي غالباً ما تتعرض لبعض هزات خطاب المعارضة المتشائم من كل شيء.. حتى من إمكانية الفوز بأغلبية في مجالس محلية أو في برلمان !