مامن يوم يمر إلا وتطالعنا الفضائيات بسلسلة من أخبار التفجيرات والقتل والدمار والإبادة الجماعية التي يذهب ضحيتها المئات من أبناء الشعب العراقي الجريح، مسلسل نزيف الدم في تزايد مستمر.. وخطط حفظ الأمن التي تتشدق بها الحكومة العراقية لم تؤتي أكلها والوضع يزداد سوءاً على عكس ماذهب إليه قادة ورموز الحكم العراقي عقب احتلال القوات الأمريكية والبريطانية والإطاحة بنظام الرئيس الشهيد صدام حسين، والذين تسابقوا في إطلاق التصريحات النارية والتي بشروا من خلالها أبناء الرافدين بحياة آمنة ومستقرة وبوضع اقتصادي ومعيشي مزدهر ومتطور على غرار ماذهب إليه أفلاطون في مدينته الفاضلة، ملأوا الدنيا ضجيجاً للترويج لسياستهم المرتقبة، ولكن الواقع كشف عجز هؤلاء ووهنهم في ضبط إيقاع العمل السياسي والنظام الأمني الذي يكفل للشعب الأمن والاستقرار. والغريب في الأمر أن قوات الاحتلال الامريكي التي جاءت إلى العراق بذريعة الإطاحة بالنظام الديكتاتوري تمارس أبشع ألوان الإبادة والتعذيب والديكتاتورية في حق العراقيين ليلاً ونهاراً، هتكوا الحرمات، دمروا المساجد، واغتصبوا الماجدات العراقيات، قتلوا الآلاف دونما ذنب اقترفوه، غذوا النزعات الطائفية والمذهبية ودعموا الفصائل المسلحة وأثاروا الفتنة فأصبح العراقي يقتل أخاه العراقي ويجتز رقبته لأنه على غير مذهبه وأضحت القوات الأمريكية تراقب من بعيد المجازر المتبادلة بين أبناء الوطن الواحد مما أعطاها مصوغاً للبقاء في العراق لتثبيت الأمن على حسب زعمها، كل ذلك يحدث والحكومة العراقية غارقة في غيها وتجاهلها للمهام المناطة بها، ومازاد الطين بلة هو تورط أعضاء بارزين في هذه الحكومة في إذكاء روح الطائفية والعنصرية وتشجيع الأعمال الهمجية التي تتسبب في إراقة المزيد من الدماء وتعميق هوة الخلاف والصراع المذهبي الذي أضحى القشة التي قصمت ظهر العراق واحالته إلى مستنقع للدماء وساحة للمجازر الآدمية دون أن يكترث هؤلاء ومن على شاكلتهم بشيء مادام الوضع المادي لهم في تنامٍ مستمر، بضمان دخول عوائدهم الخاصة من بيع النفط العراقي بصورة ديناميكية إلى حساباتهم البنكية في المصارف الأمريكية والأوروبية. - والطامة الكبرى أن تجد الحكومة المناط بها حماية المواطنين والحرص على سلامتهم تغض الطرف عن انتهاكات صارخة لأعراض أبناء جلدتهم بارتكاب قادة وضباط الجيش العراقي عمليات اغتصاب النساء في وضح النهار أمام أهلهم وذويهم في إطار تطبيق الخطة الأمنية المتوخى منها ترسيخ الأمن والاستقرار ولم تكتف بغض الطرف فقط بل تعدت إلى ماهو أقذر من ذلك وهو تكريم الضباط والجنود الذين قاموا بهذه الجرائم القذرة التي تتنافى مع قيم ومبادئ ديننا الإسلامي الحنيف. - فأي أمن تدعي هذه الحكومة أنها صنعته ؟وأية خطة أمنية تدشن باغتصاب النساء وانتهاك الحرمات؟ وهل مايشهده العراق اليوم هو الأمن والاستقرار والتطور الذي تشدقوا به عقب الاحتلال الأمريكي ؟ واذكر هنا مقولة للرئيس القائد علي عبدالله صالح شخَّص من خلالها مايدور في العراق عندما قال «أيهما أفضل ديكتاتورية صدام أم ديمقراطية الأمريكان». - بالتأكيد أن ديكتاتورية صدام أرحم وأفضل من ديمقراطية بوش لأن الأولى خلفت العشرات من الضحايا «إذا ما احتملنا صدق الروايات التي كشفتها، أما الثانية فقد خلفَّت أكثر من مليون قتيل وآلاف الجرحى ومايزال النزيف مستمراً. - كل الأمنيات بأن يستعيد العراق عافيته ويلملم العراقيون جراحهم ويعززوا وحدتهم وتماسكهم بعيداً عن الطائفية والمذهبية ولتصب جهودهم في دحر المحتل واستعادة تلكم المكانة الرائدة لبلادهم التي ظلت منارة للعلم والعلماء على مر العصور.