تتصف القمم اليمنيةالأمريكية على امتداد عهد الرئيس/علي عبدالله صالح بأنها قمم استثمارية تنموية إلا أن القمة المرتقبة ستختلف نوعاً ما عن سابقاتها في الظرف الزمني والغاية الأساسية. فمن حيث الظرف الزمني فإنها تأتي في أعقاب انتخابات رئاسية متميزة حظيت بإعجاب كبير من لدن الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي بشكل عام، واضفت على التجربة الديمقراطية اليمنية طابعاً من التميز العربي خاصة على المستوى الاقليمي، الذي يفتقر للصور الاولية من الممارسة.. وعلى صعيد آخر فإن القمة تأتي بعد اعتراف أمريكي بنجاح برنامج الاصلاحات السياسية والاقتصادية اليمنية، واتخاذ صندوق الألفية القرار بإعادة إدراج اليمن ضمن الدول المستفيدة من مساعداته تثميناً للتطورات التي تشهدها. كما أن القمة المرتقبة تأتي بعد نجاح مؤتمر المانحين في لندن الذي كان للولايات المتحدة دور مهم في حث العديد من الاطراف الدولية بدعم اليمن ومساعدة حكومتها في تقليص الفجوة التمويلية لختطها الخمسية. علاوة على أنها ستأتي وقد انفض مؤتمر الفرص الاستثمارية الذي ستشارك فيه نحو «300» شركة عربية وأجنبية و«150» شركة وطنية.. وهذا يعني أن اليمن تتمتع باستقرار كبير، وبثقة عالية بتشريعاتها وفرصها وسياستها الحكومية، وانه مؤشر على ان اليمن مقبلة على مستقبل واعد بالخير. ان هذه الظروف لم تكن متاحة في كل القمم السابقة، إن لم نقل إنها كانت جزءاً من تعهدات التزمت بها القيادة السياسية اليمنية أمام شعبها وأمام المجتمع الدولي، وقد باتت جزءاً من واقع الزمن الحاضر. أما من حيث الغاية الأساسية للقمة اليمنيةالأمريكية فهي مختلفة نوعاً ما لأن الرئيس/علي عبدالله صالح يحمل ملفاً عربياً يتصدر أولويات القضايا التي سيبحثها مع الرئيس/جورج دبليو بوش.. حيث إن هذه الزيارة تعد الأولى التي يقوم بها زعيم عربي إلى واشنطن في أعقاب قمة الرياض وأن الرئيس صالح يعتزم مناقشة مبادرة السلام العربية مع الإدارة الأمريكية آملاً في الوصول إلى مخارج أمنة لنهاية الصراع العربي الإسرائيلي. اعتقد بقوة ان الملفات الأمنية الخاصة بالشرق الأوسط هي الهم الأول الذي سيحمله الرئيس إلى واشنطن.. وان ما يتطلع إليه رئيس الجمهورية بتقديري الخاص هو حث واشنطن على القيام بمسؤولياتها تجاه المبادرة العربية للسلام باعتبار ان المشكلة مع اسرائيل هي المحور الأساس الذي تدور في فلكه جميع القضايا الأخرى.. وان الإدارة الأمريكية إذا مانجحت في الضغط على اسرائيل للقبول بفرصة السلام العربية فإنها تكون قد دفت المنطقة إلى استقرار كبير، وتنمية واعدة بالارتقاء بالحياة الإنسانية لشعوب المنطقة. من المؤكد ان الملف العراقي والصومالي والسوداني سيكونون على طاولة القمة لكن الاصل في كل هذا المبادرة العربية للسلام التي سينوب الرئيس/صالح بقية الانظمة العربية في طرحها. ومن هنا نتوقع ان القمة اليمنيةالأمريكية ستكون مختلفة لكون الهم العربي سيتقدم فيها على الهم الوطني.. رغم ان الرئيس سيقوم بزيارة مؤسسات سياسية واقتصادية أمريكية خلال زيارته بحسب ما يتردد في الأوساط السياسية. وفي كل الأحوال فإن أجندة الزيارة تؤكد ان اليمن لم تعد البلد المجهول في أقصى الجزيرة العربية، بقدر ماهي الدولة الرائدة في اللعبة السياسية للمنطقة، والتي يعول عليها المجتمع الدولي بأن تكون الداعم الرئيس لجهود السلام والاستقرار والتنمية الديمقراطية في المنطقة. وإذا ما حمل الرئيس/صالح مبادرة السلام العربية إلى البيت الأبيض فإن ذلك ترجمة لثقة الحكومات العربية بالمكانة التي بلغتها اليمن، وبحجم التقدير الذي يحظى به الرئيس/صالح في الساحة الدولية.. ولاشك ان تطورات الساحة الدولية الخطيرة هي وحدها من يجعل الرئيس/صالح حريصاً على حمل حلول آمنة إلى واشنطن في وقت مازال كل شيء فيه تحت السيطرة ولكن ليس لفترة طويلة.